تبدل حال أولادنا عندما أمسوا مراهقين، وتغيرت مفاهيمهم للحياة ، لم يعد أبناؤنا أطفالًا يحبون تقليدنا أو صحبتنا كما كانوا يفعلون وهم صغار، لم يعودوا يتكلمون كما نريد ولا يلبسون الملابس التي نختارها ، أو نرسم لهم المستقبل الذي نحب، ونتخذ قرارًا عنهم.
تغير أطفالنا.. ولكن لم نتغير نحن كآباء لنواكب تغيراتهم ؟!
إن ما نبصره على مراهقينا ليس عيوبا أو عثرات بقدر ما هي طبيعة مرحلة عمرهم التي لم نفهما كآباء وأمهات جيدًا. لقد أثّرت علينا طرق تربيتنا وثقافتنا المتنوعة.. أثّرت علينا الظروف الاقتصادية والنفسية والسياسية، أثّرت علينا الروابط الاجتماعية فتذبذبت وتقلبت نظرتنا في تربية أولادنا واختلط علينا التفريق بين الرعاية والتربية .
في هذا العصر يجب ألا نعتمد في تربيتنا لمراهقيبنا على ثقافتنا وظروفنا وروابطنا الاجتماعية ولا على عواطفنا كآباء وأمهات بقدر ما نعتمد على ممارسىة تربية صحيحة تتسلح بالدين وتقوم على العلم وتوسيع آفاق المعرفة والتنوع في الثقافة ، وأن نخضع كآباء وأمهات للإعداد والتأهيل والصقل والتدريب لنعيَ تمامًا دورنا الصحيح ونقوم به كما يجب، لكي نجعل أولادنا رافعة لبناء المستقبل..
إذن، علم ومعرفة.. إعداد وتأهيل.. صقل وتدريب لنضخ الهواء في رئة الأبوّة والأمومة، لنَسعد ونُسعد أبناءنا، فتتحول مراهقتهم من فترة مؤلمة مثقلة بالمتاعب والتجارب السيئة والفاشلة إلى فترة ممتعة زاخرة بالعمل والانجازات وراحة البال. ولأن جيل المراهقة هو رافعة لبناء المستقبل، فهذا يستلزم إعداد أطفالنا لدخول هذه المرحلة بالتقرب منهم ومصاحبتهم وخوض معهم معارك النمو والتغيرات الجسدية والعقلية والنمو الجنسي الذي ينقل أطفالنا من الطفولة الى البلوغ.
أيها الآباء والأمهات : تجتاح حياة المراهقين عدة صراعات داخلية عاصفة توقعهم بين أكثر من مطرقة وسندان، يُطحن بينهما إذا لم يكن حضن الأب والأم هو الدرع الواقي وسأذكر منها : الصراع بين الاستقلال عن الأُسرة وبين الاعتماد عليها ، علِّموا أبناءكم الاستقلالية في الحياة مع الدعم والسند الدائم. صراع بين بقايا الطفولة ومتطلبات الرجولة، صراع بين طموحاتهم الزائدة وبين الواقع، صراع بين معايير أصدقائهم وبين معايير الوالدين والمجتمع، صراع بين غرائزهم الجنسية وبين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع، صراع ديني بين ما تعلمه وهو صغير من شعائر ومبادئ ومُسَلَّمات وبين ما يشاهده بين الناس ومع الناس، وصراع ثقافي قكري بين جيله الذي يعيش فيه بما له من آراء وأفكار وبين الجيل السابق وما يحمله من أفكار. إن هذه الباقة من الأمثلة على هذه الصراعات كافية بأن تجعل حياة المراهق أزمات، وهذا ما يحدث بالفعل ولكن القليل منا الذي يفقه ذلك، هذه الأمثلة تدفعنا كآباء وأمهات إلى الوقوف بجوارهم ودعمهم وليس مواجهتهم.
أيها الاب، أيتها الأم: يفكر المراهق كثيرًا في نفسه .. إنه يستكشفها كما كان يستكشف العالم من حوله وهو طفل صغير يبحث عن هويته ليستقل بشخصيته ،وتزداد قدرة المراهقين في هذه المرحلة على اتخاذ قرارات والتفكير لأنفسهم بأنفسهم.
إن مرافقة الأصدقاء حق طبيعي للمراهقين، انه عالمهم الخاص، ممتع لهم، يأخذ منهم ويعطيهم، يؤثر فيهم ويتأثر بهم، عالمٌ يزيدهم ثقه في أنفسهم ويعطيهم إحساسًا بحب الآخرين، عالم يقضون فيه أوقاتًا طويلة، لذلك من الطبيعي أن يندمج المراهق مع أصدقائه يتصرف وفق تصرفاتهم ويصبح معهم متجانسًا متناغمًا، ولكي يكون مرغوبًا بين أقرانه وعضوًا مقبولاً، لا بد أن يلتزم بالسلوك الذي تختاره هذه الجماعة، لذلك إذا ما فرضت الظروف مفاضلة بين رغبات الوالدين ورغبات الأصدقاء، فعادةً ما ينحاز المراهق إلى جانب اصدقائه.
ومن أجل أن نُجَنِّب مراهقينا اختيار رفقة أصدقاء السوء علينا غرس القيم فيهم منذ الصغر، فغرس القيم حصن يحفظهم، ولا شك أن تربية أطفالنا على تعاليم الدين هو باب رئيس وواسع لغرس القيم ، تربية على مائدة القرآن الكريم وسيرة رسولنا الأمين، وبذلك تكون حياتهم معنا فيها الراحة والاطمئنان والأمان وستنفتح قلوبهم ثم أفواههم لنا لا يخفون عنا من أمورهم شيئًا ، إلا القليل اليسير قدر ما تحجبه الورقة عن الشجرة.
[email protected]
أضف تعليق