استأثر النوع الجديد من متحور "دلتا"، باهتمام واسع، خلال الأيام الأخيرة، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت هذه السلالة ستؤدي إلى إرباك جهود تطويق فيروس كورونا المستجد الذي ظهر أواخر 2019 ثم تحول إلى جائحة عالمية.
يقول خبراء إن ظهور هذه السلالة الجديدة التي أطلق عليها اسم " AY.4.2 أمرٌ متوقع وطبيعي، في علم الفيروسات، كما أنه لن يكون الأخير.
وتثار الخشية إزاء هذه السلالة وكل التطورات الأخرى التي يعرفها الفيروس، لأنه بوسع تغييرات العدوى أن تؤدي إلى إضعاف اللقاحات المتوفرة حاليا، إلى جانب زيادة انتشار "كوفيد-19".
وقال مسؤولون في الحكومة البريطانية، إن ما يزال من المبكر القول بأن هذه السلالة تشكل خطرا أكبر على الصحة العامة في البلاد مقارنة بمتحور "دلتا" الأصلي.
وعندما ظهر متحور "دلتا"، كان أسرع انتشار مقارنة بالسلالة الأصلية من الفيروس كورونا، كما أنه كان أشد أيضا من متحور "ألفا" الذي ظهر في وقت لاحق.
وقال علماء بريطانيون إنهم يراقبون هذه السلالة الجديدة عن كثب، بينما صارت تشكل 6 في المئة من حالات الإصابة الجديدة بكورونا في المملكة المتحدة.
ويأتي رصد هذه السلالة الجديدة من متحور "دلتا" بينما تشهد بريطانيا ارتفاعا ملحوظا في حالات الإصابة بفيروس كورونا، حسب "سي إن بي سي" الأميركية.
ما هي السلالة الجديدة؟
من الطبيعي أن تشهد الفيروسات تحولات مستمرة، وفيروس كورونا ليس استثناء، فظل يخضع لهذه السيرورة منذ ظهوره في مدينة ووهان، وسط الصين.
وشهد فيروس كورونا المستجد تغييرات عدة، فأضحى أسرع انتشارا، ولوحظ هذا الأمر مع متحور "ألفا" الذي جرى رصده لأول مرة في بريطانيا.
عقب ذلك، جاء متحور "دلتا" الذي ظهر أول مرة في الهند، فصار هو المهيمن، وحاولت دول كثيرة أن تغلق حدودها الجوية حتى تتفاداه لكنه تسلل إلى كل مكان.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعربت عن مخاوفها حيال ظهور "دلتا"، في مايو الماضي، واصفة إياه بـ"متحور القلق".
ويوم الجمعة الماضي، قالت وكالة الأمن الصحي في بريطانيا، إن المتحور الفرعي الجديد لـ"دلتا" ينتشر في إنجلترا، مؤكدة أن العمل جار لأجل مراقبة هذه السلالة.
شكوك وتريث
ويراقب العلماء هذه السلالة، لأجل رصد أي تحول محتمل فيما يعرف بـ"البروتين الشوكي" للفيروس، وهذا العنصر أساسي لدى العدوى حتى تدخل إلى خلايا جسم الإنسان.
وتحوم شكوك في بريطانيا، حول كون هذه السلالة سببا في الارتفاع الكبير للحالات، حتى أن بعض المختصين أوصوا بإعادة فرض بعض القيود من أجل كبح تفشي الوباء.
وشهدت بريطانيا، خلال الأسبوع الماضي، تسجيل ما بين 40 ألفا و50 ألف إصابة بفيروس كورونا المستجد، يوميا، فحاول المختصون أن يفهموا سبب هذا الارتفاع، لأن القيود جرى رفعها قبل فترة.
ويرجح حتى الآن أن هذا المتحور الفرعي من "دلتا" أكثر انتشارا بما بين 10 و15 في المئة مقارنة بمتحور "دلتا" الأصلي"، لكن مسؤولي الصحة لم يجزموا حتى الآن بكونه مسؤولا بشكل مباشر عن ارتفاع الحالات الإيجابية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المتحور يندرج ضمن دائرة المراقبة، في الوقت الحالي، وهذا معناه أنه لم يرق بعد إلى دائرة "متحور يخضع للتحقيق" من قبل منظمة الصحة العالمية.
ولم يجر النظر إلى هذا المتحور الفرعي، كمتحور يحمل تغييرات جينية تؤثر على خصائص في الفيروس من قبيل انتقال العدوى وشدة المرض والتشخيص ومراوغة الجهاز المناعي لدى الإنسان.
لكن هذا التصنيف قد يتغير في أي لحظة، إذا صار يشكل نسبة متزايدة من الإصابات الجديدة المسجلة بفيروس كورونا المستجد.
ويثار القلق إزاء هذا التحول لأن أغلب سكان العالم ما زالوا غير ملقحين، لأن من أخذوا الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لكورونا في الدول ذات الدخل المنخفض لا يتجاوزون 2.8 في المئة من إجمالي السكان، وهذا الرقم منخفض للغاية.
أما الدول الغنية التي أحرزت تقدما كبيرا في التطعيم، فتعاني أيضا من تراجع المناعة لدى الملقحين، بعد مضي ستة أشهر من أخذ الجرعة الثانية، وهو ما دفع إلى التوصية بأخذ جرعة ثالثة معززة.
ماذا يقول الخبراء؟
ما زال العلماء متحفظين حتى الآن عندما يتحدثون عن متحور "دلتا" الجديد، والسبب هو أنه ما يزال حديثا، ولأن طبيعته لم تتضح بعد بشكل كاف.
في غضون ذلك، قالت مديرة المراكز الأميركية لمراقبة الأمراض والوقاية منها، روشيل والينسكي، يوم الأربعاء، إن المتحور الفرعي الجديد لـ"دلتا" تم رصده في الولايات المتحدة، في حين لم تسجل البلاد ارتفاعا في إصابات كورونا الجديدة.
وتم تسجيل هذا المتحور الفرعي أيضا في إسرائيل، لدى فتى في الحادية عشرة من عمرها، عند الدخول عن طريق مطار بن غوريون.
وفي المنحى نفسه، سجلت روسيا التي تشهد تفاقما للوضع الوبائي، حالات معزولة لمتحور "دلتا" الجديد، بينما لا يعرف حتى الآن ما إذا كانت دول أوروبية أخرى قد رصده السلالة الجديدة.
من ناحيته، دعا متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني، يوم الثلاثاء، إلى الهدوء، قائلا إن السلطات تراقب السلالة الجديدة عن كثب، موضحا أنه ليس ثمة ما يؤكد أن هذا المتحور الفرعي أكثر انتشارا.
وأوضح المسؤول البريطاني، أن السلطات لن تتردد في اتخاذ الإجراءات اللازمة، إذا استدعى الوضع الصحي ذلك.
وتتردد السلطات البريطانية في إعادة فرض قيود لأجل الوقاية من فيروس كورونا، بينما تواصل دول كثيرة تخفيف الإجراءات الاحترازية حتى تفسح المجال أمام تعافي الاقتصاد.
من جانبه، قال الباحث أندرو بولار، وهو أحد المشاركين في تطوير لقاح "أوكسفورد"، إن المتحور الفرعي الذي جرى رصده، مؤخرا، لن يؤدي إلى تغيير في مشهد الوباء الحالي.
[email protected]
أضف تعليق