ابتدأت خلال هذه الأيام السنة الدراسيّة الأكاديميّة الجديدة، حيث توجّه نحو 350 ألف طالب وطالبة إلى المؤسّسات التعليميّة المختلفة، بعد فترة طويلة من التعلّم عن بُعد.
وتشير المعطيات إلى أنّه قد طرأت زيادة بنسبة 4 في المائة في أعداد الطلّاب الأكاديميين. وتشكّل نسبة الطالبات ما مقداره 60% من مجموع الطلّبة الذين يدرسون في مؤسّسات التعليم العالي. ومن الجدير ذكره أنّ دولة إسرائيل تعتبر رائدةً من حيث مَن يلتحقون بالتعليم العالي في الفئة العمريّة 25-64.
أمّا بالنسبة لمجتمعنا العربي فقد بلغ عددُ طلّابنا الأكاديميين 58،000 طالبًا وطالبة، وهم يشكّلون 17% من إجماليّ الطلّاب الجامعيين، وبالرغم من أنّ هذه النسبة تعتبر أقلّ من نسبة المجتمع العربيّ من بين سكّان الدولة، إذ يشكّل المجتمع العربي 21% من مجمل السكّان في البلاد، إلّا أنّ هذه النتائج مشجّعة جدًّا، فقد ارتفع خلال العقد المنصرم عدد الطلّاب العرب بنسبة 122%. ولا شكّ أنّ البرامج المختلفة لسلطة التعليم العالي مثل، بوّابة للأكاديميا كان لها تأثيرٌ كبير في زيادة نسبة الطلّاب العرب في المؤسسات الأكاديميّة.
وليس هناك شكّ أنّه طرأ تغيير وتطوّر كبيران في المجتمع العربيّ من حيث التوجّه إلى التعليم العالي، فبالإضافة إلى الطلّاب الذين يدرسون في البلاد هناك العديد من الطلّاب العرب الذين يدرسون خارج البلاد، وهم يدرسون هناك موضوع الطبّ بالذات. لذلك إذا أخذنا في الحسبان طلّابنا الذين في الداخل وفي خارج البلاد، فلا شكّ أنّ الزيادة في التوجّه إلى التعليم العالي كبيرةٌ جدًّا. وحسب رأيي فإنّ مجتمعنا سيجني ثمار هذه النهضة في التعليم العالي في المستقبل القريب، وهذا بلا ريب سيحسّن من أوضاع المجتمع العربيّ من الناحيتين الاقتصاديّة والاجتماعيّة.
ولكن رغم الزيادة المطّردة في نسبة الطلبة الذين يلتحقون بالتعليم العالي، علينا أن نعمل من أجل توعية وتوجيه أبنائنا منذ فترة المرحلة الثانويّة إلى الإقبال على دراسة المواضيع التي ينبغي دراستها في هذا العصر، وخاصّة دراسة الـ "هاي-تك" ومواضيع الهندسة. يجب تعزيز تعليم مواضيع الرياضيّات والعلوم وتكثيف الجهود في مجال التوجيه وتوفير المعلومات الوافية لطلّابنا ممّن ينهون المرحلة الثانويّة للمواضيع المختلفة، لكي يتسنّى لهم اختيار المواضيع التي تناسبهم، وتوفير الدعم للطلّاب في فترة التعليم العالي، وخاصّة في مجال المنح الدراسيّة، إذ يعاني طلّابنا من شحّ في هذه المنح، وهذا يشكّل عقبة كأداء للعديد منهم، لأنّ الناحية الماديّة تُعتبر من بين العوامل والعوائق الكثيرة التي تعترضُ طريق الطلاب العرب مثل، صعوبة اللغة العبريّة وبالذات في السنة الأولى، هذا علاوة على العوائق الأخرى مثل، الاندماج في الحياة الجامعيّة والثقافة المختلفة. فبالنسبة للكثيرين من طلّابنا فهذه المرّة الأولى التي يعيشون فيها خارج البيت والقرية أو المدينة، وهذا اللقاء الأول يكونُ مع مناخٍ وأجواءَ تختلف تمامًا عن تلك التي اعتادوا عليها، هذا بالإضافة إلى طرائق التعليم المختلفة بين مؤسّسات التعليم العالي والمدرسة الثانوية. إنّ التحوّل والنهضة التعليميّة في مجتمعنا العربيّ تعتبر أمرًا إيجابيًّا وعاملًا مهمًّا لتطور ورقيّ مجتمعنا. لذا فمع الزيادة في أعداد الطلّاب يتعيّن على المؤسّسات الجماهيريّة أن تعمل أكثر وبالذات في مجال المنح الدراسية. فالدراسة الأكاديميّة حتّى في داخل البلاد تكلّف الكثير وحان الأوان لوجود صناديق توفّر المنح لطلّابنا لمساعدتهم في إكمال المشوار التعليميّ بنجاح. كما وهناك حاجّة ماسّة لتوفّر الأطر الأخرى لتعمل على التوجيه الأكاديميّ ودعم الطلّاب أثناء فترة الدراسة.
إذا تضافرت هذه الجهود معًا فلا بدّ لهذه الطفرة في مضمار التعليم العالي أن يكون لها مردود إيجابي على نهضة المجتمع وتحسين أحواله المعيشيّة.
[email protected]
أضف تعليق