يصادف (13.09) من كل عام اليوم العالمي للتوعية لمرض السيلياك، المعروف أيضًا بحساسية الجلوتين، في عدد من دول العالم، وفي البلاد أيضًا. وهو مرض يصيب الجهاز الهضمي، ويؤدي إلى تلف الأمعاء الدقيقة عند الأشخاص الذين يعانون من حساسية من المنتجات الغذائية المصنوعة من القمح والشعير بسبب مادة الجلوتين الموجودة فيها.
وحول مرض السيلياك تحدثنا في موقع بُـكرا مع د. محمد مصاروة المتخصص في أمراض الجهاز الهضمي والكبد في مستشفى هداسا، وصديق " جمعية نيسان لصحة الجهاز الهضمي والكبد والتغذية ".
وقال د. محمد مصاروة في مستهل حديثه معنا إن السيلياك مرض منتشر منذ زمن، وليس بالمرض النادر، وهو عبارة عن حساسية في الجسم لمادة معروفة باسم " الجلوتين "، وهذه المادة موجودة في الكثير من المنتجات الغذائية والتي مصدرها القمح، التي تسبب رد فعل للأمعاء الدقيقة ينتج عنها آلام وعوارض مثل:
- أوجاع البطن.
- فقر دم.
- اسهال.
- مشاكل في النمو.
- هشاشة في العظام.
- سوء امتصاص الطعام.
- طفح في الجلد.
- نقص في الحديد والفيتامينات.
- التأثير على التطور الذهني والتحصيل لدى الأطفال.
- سرطان في الأمعاء.
الإصابة بسرطان لمفومة، واحد من عوارض الإصابة بالمرض.
وخلال حديثه، أشار د. محمد مصاروة، أن الالتهاب المزمن في الأمعاء الناتج عن السيلياك، من الممكن أن ينتج عنه التهاب مزمن في الاثني عشر، ويؤدي مع الوقت الى سرطان في الأمعاء المعروف باسم لمفومة (Lymphoma)، وهو سرطان الأمعاء وصعب علاجه، وهذا ما يخشى منه، وذلك يعود الى أسباب منها عدم اجراء حمية غذائية من منتجات السيلياك، أو بسبب عدم تشخيص الحالة، وفي حال تم التشخيص لا يتم معالجة الحالة بالشكل اللازم.
تأثير هذه الحساسية على الجهاز الهضمي؟
وردًا على سؤالنا حول تأثير الحساسية على الجهاز الهضمي قال: " من كلمة حساسية نفهم أن الجسم لا يتقبل هذه المادة، المعروفة باسم الجلوتين، التي عند دخولها الى الجهاز الهضمي، يقوم بمحاربتها وكأنها مواد " ضارة " وذلك عن طريق انتاج مواد مضادة لها، حيث تتعامل معها خلايا جهاز المناعة كأنها مادة ضارة بالجسم او غريبة مثل جرثومة أو فايروس أو طفيلة، مما يؤدي الى نوع من الالتهاب، وهذا الالتهاب يكون في جدار الجهاز الهضمي، في الاثني عشر عادة، وينتج عنه العوارض التي يشكو منها المرضى، المذكورة أعلاه، والتي من الممكن ألا ينتبه لها المريض لان الأمر متعلق بالقمح ومنتجاته، بما أن الخبز هو جزء أساسي من طعامنا ومنتجات القمح كذلك، سيكون من الصعب التميز اذا كان الألم أسبابه من القمح أو من أمور أخرى.
الأطفال والسيلياك.. تأثير على النمو والتحصيل الدراسي!
وخلال حديثه أشار د. محمد مصاروة، أن سوء امتصاص العناصر الغذائية يؤدي الى التهاب في الاثني عشر، وخاصة عند الأطفال، وهذا يؤدي بشكل عام إلى نقص في الحديد والفيتامينات لدى المرضى، ولكن حين نتحدث عن الأطفال، الذين يعانوا من السيلياك ولم يتم تشخيص حالتهم، نلاحظ أنه يؤثر على نموهم سواء في ازدياد الوزن أو طول الجسم، ويسبب لهم فقر بالدم والأنيميا مع الوقت، بالإضافة الى تأثيره على التطور الذهني والتركيز والانتباه مما يؤثر على تحصيلهم الدراسي.
مشيرًا، إلى أنه كل هذه العوارض ستختفي عندما يبدأ الشخص المصاب بالسيلياك الابتعاد عن الجلوتين وكل الأغذية التي يتم انتاجها من القمح، ويعود نمو الأطفال كما يجب، ويتحسن تركيزهم وتحصيلهم في المدرسة.
هل يتم تشخيص مرض منذ الطفولة، أو الأمر ليس متعلقًا بجيل المريض؟
د. محمد مصاروة: " السيلياك ليس مرضًا وراثيًا، لكن له قابلية جينية في العائلة، يولد الانسان مع جهاز مناعة الذي لديه قابلية بالإصابة بهذا النوع من الحساسية، طبعا بما اننا لا نأكل خبز من جيل صفر، ويعتمد أكل الأطفال على تناول الحليب، يكون من الصعب تشخيص المرض حتى لو كان يوجد قابلية بالجسم، في اللحظة التي يبدأ الانسان تناول الخبز أو منتجات القمح، يتعرف الجسم على الجلوتين، ومن هنا تبدأ الحساسية بالظهور، ولكن السيلياك ليس مرضًا للأطفال فقط، وغير مرتبط بجيل معين، يمكن أن تبدأ الحساسية في الظهور في جيل متأخر أكثر، حتى لو تناول الانسان غلوتين كل حياته، من الممكن أن يصبح خلل في جسم الانسان أو بجهاز المناعة الذي يبدأ بتشخيص الجلوتين كمادة سلبية للجسم، وينتج عنها حساسية، ويمكن أن تظهر هذه الحالة، في جيل عشرين وثلاثين حتى 60، لا يوجد قوانين للإصابة بهذا المرض".
وتابع: " الأشخاص المصابين بمرض السيلياك، يولدوا مع جسم الذي هو مبني أو لديه قابلية أن يصاب بالسيلياك، ولكن يمكن أن يظهر المرض في أي مرحلة من مراحل الحياة. فيمكن اجراء فحوصات سابقة لشخص كانت سليمة ولم يظهر المرض من خلال فحص المضادات الحيوية، مع ذلك يظهر لديه في جيل متأخر وهذا أمر نادر".
الحميّة الغذائية أفضل سبل الوقاية والعلاج من المرض
وحول سبل الوقاية والعلاج من المرض، قال د. محمد مصاروة: " حتى اليوم، أفضل علاج من مرض السيلياك هو الحمية الغذائية من الجلوتين ومنتجات القمح وهذا الأمر في أغلب الحالات، يقوم بالتقليل من الالتهاب، ومع الحفاظ على الحمية، يعود الوضع الصحي للمريض لما كان قبل اصابته بالالتهاب، وهذه تسمى مرحلة خمود المرض (نوم).
وبما انه هذه القابلية في الجسم وخلل جهاز المناعة، هذا الأمر يكون مزمنًا، لا يوجد شخص يتعافى من السيلياك، ولكن السيلياك يخمد أو يصبح نائمًا، والعلاج الوحيد المتوفر حاليًا، هو الابتعاد عن منتجات القمح، وهذا أمر ليس بالسهل، وهو صعب، لأنه هناك الكثير من المنتجات التي تحتوي على مادة الجلوتين وعائلته ".
أبحاث جديدة لدواء
وتابع د. محمد مصاروة:" هناك أبحاث صدرت مؤخرًا، أظهرت وجود مادة التي تمنع حساسية الجلوتين، ومن الممكن أن يكون في المستقبل القريب علاجًا الذي سيكون عبارة عن دواء للشفاء من المرض، لكن الا أن يتم هذا، يجب اتباع الحمية الغذائية، وتناول المنتجات الخالية من الجلوتين.
ولكن هذا لا يقول ان العلاج سوف يكون كاملاً بنسبة 100%، حتى لو الشخص عمل حمية من الجلوتين بشكل مثالي سوف تبقى الحساسية من الجلوتين موجودة وفعالة، يجب الانتباه أيضًا من استنشاق غبار الجلوتين، وخاصة عند المرور من جانب المخابز، أو الحذر من تناول الطعام في أوان كان عليها بقايا خبز أو منتجات فيها جلوتين".
الوعي المجتمعي لمرض السيلياك والوقاية منه...
وردًا على سؤالنا، عن الوعي المجتمعي حول كل ما يتعلق بالمعرفة عن المرض والوقاية منه قال: " في الآونة الأخيرة هناك وعي ملموس في مجتمعنا حول مرض السيلياك، رغم أن المجتمع العربي ينقصه المزيد من المعرفة عن هذا المرض، ولكن هناك مبادرات التي من خلالها بدأت هذه المعرفة ونشكر هنا جمعية " جمعية نيسان لصحة الجهاز الهضمي والكبد والتغذية " ومؤسسة الجمعية رينا زعبي، التي كانت من أول المبادرين للتوعية حول مرض السيلياك والأمراض المتعلقة بالجهاز الهضمي وتقرحات الأمعاء، لكن ما زال المجتمع العربي بحاجة الى المزيد من الحملات التوعوية واللقاءات الطبية حتى نصل الى كم أكبر من المواطنين، لتوسيع المعرفة حول مخاطر المرض الذي من الممكن أن يؤدي في حال تفاقم الى سرطان في الأمعاء".
وفي النهاية، توجه د. محمد مصاروة الى الأهل، وخاصة الأم في ملاحظة نمو ابنها بالشكل الصحيح، واذا كان لديه مشكلة في الجهاز الهضمي، أو حساسية من القمح، كما ويجب على المدارس وصناديق المرضى، العمل على زيادة الوعي في المدارس ولدى الأهل حول صحة الأولاد وتعريفهم على هذه الحالة المرضية، التي من الممكن أن يكون ابنهم مصابًا بها وتحويله الى طبيب مختص لتشخيص حالته.
[email protected]
أضف تعليق