مساؤكم وادع هادئ هدوء الاعتياد، مساؤكم مساء الكلام الجميل الّذي يتغنّى بالحصاد،
مساؤكم مساء الأدب الّذي يرقى بقارئه إلى ما وراء الأدب، وما بعد النصّ من ثورة رحبة الأبعاد، وفكر حرّ هو سيّد اللاعتياد..
في كتابه ظلّ الأفعى، يقول يوسف زيدان:
• لن أنصحكِ بشيء، وإنّما سأرجوك، أن تسأليني. اسأليني يا ابنتي، لأنّ السؤال هو الإنسان. الإنسان سؤال لا إجابة.. السؤال ...جرأة على الحاضر، وتمرّد المحاصَر على المحاصِر..
فلا تحاصرك يا ابنتي الإجابات، فتذهلك، وتسلب هويّتك.”
يوسف زيدان- كاتب وفيلسوف مصري

ويقول المفكّر الفلسطينيّ عدنان إبراهيم: "طالما هناك سؤال كان هناك إنسان .. ومن فقد السؤال أصبح جمادًا ..".
وتحدّث الكثيرون عن السؤال وعلاقته بالإنسان، حتّى قيل إنّ الإنسان "كائن متسائل"..
فكيف يرتبط السؤال بـالاعتياد؟

في روايته الشهيرة "السراب"، يقول نجيب محفوظ: " قاتل الله العادة؛ فهي التي تقتل روح العجب والإعجاب فينا"، مؤكّدًا بذلك على سلبيّة الاعتياد، وأنّ "المرء أسير ما تعوّد عليه"،
وتقول الكاتبة الفلسطينيّة سماح ضيف الله المزين إنّ التعوّد سجن وإن كان ميزانًا.

فهل قرأت راوية كلّ هذا قبل أن تكتب قصصها، وتختار عنوانها؟
هل تعمّقت في ما قيل عن أهمّيّة السؤال ودوره في التغيير والتأثير حتّى جعلت نصوصها أقرب ممّا يمكن أن نسمّيه أدب السؤال؟
لماذا لجأت راوية إلى طرح الأسئلة بهذا الكمّ البارز؟؟ كيف جعلت السؤال وسيلة لرفض الاعتياد؟ ولماذا ترفض أن تعتاد؟
على لسان أيّ شخصيّات طرحت أسئلتها؟
لمن وجّهتها؟
وعمّ سألت؟
إنّ ما تطرح راوية في كتابها "لا أريد أن أعتاد عليك"، الصادر عام 2020، عام الشكّ والتخبّط والغموض، ما هو إلّا بركان من الأسئلة التي تنفجر من صلب الواقع، لتعبّر عن كافّة شرائح المجتمع، وقضاياه، ولا سيّما شخصيّة الأنثى فيه بكافّة أدوراها..
وعند هذه الأنثى نتوقّف.. ونبدأ من كونها طفلة!

سؤال الطفلة- حول معالم الطفولة وما يهدّدها من خوف
تدور قصّة مالك الحزين حول أمّ (هي الراوية) وطفلتها الّتي ترغب بالذهاب إلى حديقة الحيوانات لمشاهدة مالك الحزين كيف يقف على ساقٍ واحدة، وفي بداية القصّة تحاول الطفلة أن تفهم أسباب العنف والرعب اللذين تراهما في التلفاز، فتسأل أمّها: "أمّي! لماذا يقتلون بعضهم؟"، ثمّ تسأل "كيف نميّز الأشرار؟" و "أين يسكن الأشرار؟" وغير ذلك من الأسئلة الّتي تعبّر عن الارتضياب من الواقع، والنفور من الأخبار الّتي تبثّها إذاعاتنا يومًا بعد يوم، فلا نجد فيها شيئًا من الفرح أو الأمان أو الأمل..
سؤال الأمّ- حول مصير الأبناء؛ أمنهم واستقرارهم
تبرز في القصص أسئلة كثيرة تطرحها الأمّهات (الراويات)، حول قضايا حياتيّة يوميّة تشغلهنّ في ما يتعلّق بمستقبل أبنائهنّ وبناتهنّ.. ففي قصّة "على المفرق"، نقرأ تساؤلات الأمّ حول فتاتها، والعريس الّذي قد يتقدّم طالبًا يدها، فهي تجلس في محطّة القطار، تترقّب الشباب المنتظرين، وتسأل "وين راحت الرجال؟ هذا ببنطال قصير ضيّق وصندل صيفيّ ويتبختر في مشيته، وذاك ببنطال ضيّق القدمين... كيف أدخله في جسده وكيف سيخرجه؟ وكانّ الأمّ بهذا تعبّر عن قلقها من مستقبل ابنتها في ظلّ انعدام مظاهر الرجولة التقليديّة من ملبس، وتسريحات شعر وهيئة خارجيّة فتحمد الله أنّ ابنتها ليست معها ولم تلتقِ بهؤلاء الّذين تسمّيهم "أفراخ الرجال"، أو"أشباه الرجال".
وفي قصّة الحادثة رقم 5 تعبّر الراوية الأمّ عن خوفها على أبنائها لا سيّما الذكور الشباب من الغدر والعنف المستشري في المجتمع العربيّ وفي ظلّ ما تشهده البلدات العربيّة من مظاهر القتل والعربدة والخاوة؛ فتقرّر ألّا تبلّغ عن أسماء من قاموا بإلقاء قنبلةٍ على بيتها لئلّا تؤذي أبناءها. تقول الراوية: "وهل ستخبره بأنّها حرب العصابات في القرى والمدن العربيّة؟ وهل ستنجو إذا ما ذكرَت اسمًا؟ كيف ستحمي ابنها من شرّهم؟ يدخلون حانوتها للملابس ويطلبون الخاوة والويل لها إن لم تدفع، والويل لها إذا دفعتْ." ثمّ تضيف "كم مرّة فكّرت أن تغلقَ الحانوت! لكن من أين سيعتاشون؟ ومن سيعلّم بناتها في الكلّيّات والجامعات؟ من سيطعم ابنها ويبني له بيتًا؟ هل ستتركه يهاجر وهو وحيدها؟ ولمن سيتركها أرملة ووحيدة مع ثلاث بنات وأحلام كثيرة ومستقبل ينتظر؟" أليست هذه التساؤلات هي كنه هموم كلّ أمّ في مجتمعنا هذا؟ أليست أصدق تعبير عن هموم التربية، الحماية، تأمين الاستقرار، والإعالة، والتزويج وما إلى ذلك؟

سؤال المرأة العربيّة في دولة إسرائيل- حول الأمن والانتماء
تشير مجموعة من القصص إلى الواقع المتأرجح الّذي يعيشه الإنسان العربيّ في دولة إسرائيل، وحالة عدم الاستقرار وعدم اليقين على مستوى الهويّة والانتماء والمعيشة والشعور بالأمن والأمان. وتشكّك الكاتبة راوية بربارة من خلال بعض القصص في العلاقة بين الفرد ومجتمعه أو دولته، وتعتبر هذه العلاقة حالة من اللايقين واللاثقة واللارغبة؛ ففي قصّة "لا عزاء للرجال"، تصوّر حوادث العنف والقتل المتتابعة في المجتمع العربيّ، وما تخلّفه من أيتام وأرامل تبكي كلّ منهنّ جحيم الأرض، وتطرح الراوية أسئلة عدّة تنتقد، من خلالها، كلّ أنواع القتل وتصنيفاته ومسبّباته، فتقول: "لماذا نصنّف القتل عن قصد أو عن غير قصد، فنشرّع الثاني؟ لماذا نتّهم الحكومات الغابرة والباقية؟ لماذا نبحت عن السياسيّين لحلّ أزماتنا الاجتماعيّة؟ أهي أزمات اجتماعيّة أم سياسيّة أم مجتمعيّة أم، بمرآة الحقيقة، أخلاقيّة؟... وفي قصّة "الحادثة رقم 5" تعتبر الراوية الشرطة المسؤول المباشر عن انتشار العنف، كونها تتلقّى البلاغات حول أعمال العنف المختلفة وتحضر إلى ساحة الحدث دون أن تحرّك ساكنًا؛ إنّما تسجّل البلاغ، وتنتظر من المشتكي أن يحدّد غريمه، وأن يأتي بالأدلّة ليقوموا هم باعتقاله ومحاسبته. وتتساءل الراوية في هذا الصدد حول مقولة "عين الشرطة ساهرة"، فتقول: " ساهرة على مَن؟ تحرس من ممّن؟ ولا يحلّون مشكلة ولا يجدون المجرم؟".

سؤال الأنثى- حول العلاقة مع الرجل
يأتي القسم الأخير من الكتاب بعنوان "معه- تفّاحة آدم"، ليجسّد لنا طبيعة العلاقة بين الأنثى والرجل، وتخوّفات الأنثى وتساؤلاتها حول صدق الرجل ومصداقيّة حبّه لها ومدى ثبات هذا الحبّ، في ظلّ الواقع الّذي تشتدّ فيه النزاعات وتبدو العلاقات الزوجيّة أيضًا متأرجحة ما بين الحبّ والنفور والشكّ واليقين؛ ونقرأ عن هذه النزاعات في قصّة آدم والأريكة وآدم والصمام، وفيها تقول الراوية:
" اختلفا.. تنازعا.. هو متشبّثٌ برأيه، هي متشبّثة برأيها..
ارتفع صوته، ارتفع ضغط دمها..
متى سيتّفقان؟ من منهما على صواب؟
هل سيغلبها بقوّته؟ وأين دهاؤها وذكاؤها وقوّتها التي هي في ضعفِها؟ .."
وهذه العلاقة القائمة على تقارب وتباعد، خلاف واتّفاق، شكّ ويقين، هي ما تراه المرأة الراوية ميزة طبيعيّة في علاقتها بالرجل؛ على أنّها، رغم كلّ ذلك وبحكم طبيعتها البشريّة، تسعى للحفاظ على علاقتها به، ولا تتردّد في التعبير عن قلقها من غيابه... ونراها تصارح الرجل بذلك في قصّة الهزيمة، فتسأله بشكل صريح:
"وأنتَ؟ هل ستتمسّك بي؟
ويتكرّر هذا النوع من الأسئلة في قصّة "قشّ الأحلام"؛ حيث السنونوةُ تبحث عن السنونو الّذي تركها لتربّي الأحلام وحدها، وعبثًا تساءلت عن مكانه وحاولت أن تجده حتّى استسلمت وأعلنت خيبتها..
"هبّت هوجاء العاصفة، فحلّقت وناورت، مدّت جناحيها إلى الأعلى، تأهّبت، مدّت رقبتها، أين تركها؟ هذا السنونو المعشّش في تضاريس المكان ألن يربّي الأحلام معها؟ أين ذهب الآن؟ أيلعب بذيله الطويل المشقوق؟؟ تطاير بعض القشّ هنا وهناك، تطايرت الأحلام.."

ويظهر توظيف السؤال في هذا المقطع بشكل مكثّف، إذ تطرح الراوية الأسئلة المتتابعة المتقطّعة اللاهثة، كما أنفاس السنونوة الباحثة عن السنونو الّذي فارقها واختفى دون إنذار. ويتأكّد هنا دور السؤال في التعبير عن القلق من المجهول، كما تعبّر عن سعة ألم المرأة وسعة احتمالها، وسعة تسامحها؛ وعن حلمها بأن يكون الرجل قويًّا، أسدًا محبًّا لها وسندًا، وأن تكون علاقتها به قائمة علىى التوهّج لا على الاعتياد، لأنّ الاعتياد يقتل العلاقة. كما تقول راوية قصّة "خبزٌ ووردٌ":
"قلتُ لك لا أريد معكَ ذكريات فالذكريات تقتلني وتحييني، أنا لا أريد أن أعتاد عليك.. أخاف إنِ اعتدتك أن يذبل الورد!".

سؤال الباحثة- حول التاريخ واللغة والحضارة
تفتتح أديبتنا مجموعتها القصصيّة بقصّة عنوانها "سؤال في العاصمة"؛ فتجعل السؤال مادّة للقصّة، وتصرّح، على لسان الراوية، في السطر الثاني من القصّة بأنّها إنسانة مشغولة بالأسئلة وتُتعبها الأمور غير المتوقّعة "وأسئلةٌ تلحُّ عليّ، وقلقٌ يساورني". تصل الراوية إلى دولة رومانيا، فلا تكفّ عن طرح الأسئلة مشكِّكة بكلّ ما تراه، تحاول أن تبحث عن اليقين، عن سبب التغيّر، وزمنه ونوعيّته. وتكرّر الراوية كلمة السؤال في هذه القصّة مرّات عديدة، ممّا يصوّر تخبّطاتها النفسيّة، ورغبتها في المعرفة، ورفضها الأمور المسلّم بها. تقول "في طريقنا إلى الجامعة كانت الأفكار تتقاذفني هنا وهناك.. لن أسأل ثانيةً، ما الّذي يشغل بالي؟ ولماذا أسأل الناس أصلًا"، ثمّ تضيف "لن أسأل. سأعيش اللحظة مثل صديقتي وأتمتّع بالموجود، لن أسأل"، وتكرّر في موضع لاحق "وألحّ عليّ السؤال...سأسأل، لن أسأل، سأسألها؛ فهي مثقّفة وستعطيني الإجابة... لن أسألها، فلأهتمّ بأوراقي ومحاضرتي...". والمثير في الأمر أنّ القصّة تنتهي أيضًا بكلمة سؤال، وكأنّها بذلك تغلق مبناها الدائريّ وتعيدنا إلى العنوان:
"- هل أسأل ثانيةً؟
نظرتُ إلى صديقتي فقالت لي: وصلنا، لا حاجة إلى السؤال".
وهكذا يتجسّد السؤال لفظًا وفعلًا في القصّة فالراوية لا تكفّ عن طرح الأسئلة حول كلّ ما تراه، وكأنّها تواجه اللايقين بالسؤال والبحث والتعبير. تسأل الراوية أيضًا عن الأماكن والتاريخ والأحداث، كما تسأل عن كلّ كبيرة وصغيرة، وعن معاني المفردات..
وهنا أتحدّث عن سؤال الأديبة..
تلك التي تحلل المفردات ثمّ تعيد تركيبها، ففي القصّة الأولى مثلًا، تناقش الراوية مع صديقتها مصدر الكلمة "لاماما"، وهو اسم لمطعم رومانيّ، وتحاولان إيجاد معنى له في اللغة العربيّة:
"لاماما"؟ اسم المطعم؟
نعم، يمكن أن تكون هذه أل التعريف مع كلمة ماما.
ويمكن أن تكون من ل.م.م"
وفي قصّة أحلام الفقراء، تشغلها كلمة "أبو غوش":
"وتأخذني كلمة غوش إلى المعجم فأجدها فارسيّة؛ "نوع من الخشب شديد الصلابة تُصنَع منه السهام"، وفي قصّة "ألملم ذكرياتي معك" تبحث في سبب تسمية الفسيفساء بهذا الاسم، فهل هي عربيّة أم لا؟ وهل تدلّ على صغر الحجارة والتصاقها ببعض؟ وهل لكلمة "مفسفس" العاميّة التي نستخدمها للدلالة على الشيء الصغير جدًّا علاقة مع كلمة الفسيفساء؟ وطائر الفسفس؟ هل أخذ شكله من صغر حجمه؟ وهكذا تسكب الراوية أسئلتها ساعية إلى المعرفة.
ولعلّ قصّة "بيت القصيد" هي الأكثر تجسيدًا لهذا التشكيك اللغويّ، وعدم قبول المعاني المؤكّدة، وهي قصّة تدور أحداثها في السيّارة، حيث الراوية تتّجه لمشاهدة دروس في إحدى المدارس، وفي الطريق تستعين بالدلول (الويز)، فتؤنّثه وتناديه "الستّ ويزة"، ثمّ تخاطبها حينًا وتعاتبها حينًا آخر، تداعبها حينًا وتخاصمها حينًا آخر، وتناقشها حين تذكر أسماء الشوارع والأماكن بعبريّتها الّتي تشوّه اللفظ العربيّ، فهي تنطق "إيفن سينا" بدل ابن سينا، وكذلك الحال في لفظها ابن بطوطة وابن رشد؛ ممّا يثير غضب الراوية لأنّ "إيفن" بالعبريّة تعني الحجر، وهي لا تقبل لهذه الأسماء أن تُحجّر. ويزداد الغضب حدّة إذ تقول الويزة "مخمود درويش" بدلا من محمود، فتتمنّى الراوية أن تُسكتها لولا حاجتها إليها، فمخمود بالعربيّة من الفعل خمد أي طمس وغطّى، ولا يُمكن استعمال هذا الفعل عند الحديث عن محمود درويش، الشاعر الّذي صال وجال وأنشأ مدرسة للشعر.
هذا الحدث الّذي قد يراه أيّ إنسانٍ على أنه بديهيّ، تتعامل معه الكاتبة على أنّه مادّة للتشكيك والسؤال، وواقع قابل للرفض والمحاورة وطرح الأسئلة، ومن هذا الموقف العابر، تنشئ نصًّا ممتلئًا بالإشارات مؤكّدًا على الانتماء والهويّة...
"وصلتَ إلى الهدف، الهدف عن يمينك.
وأخمدْتُها دون شكرٍ ولا عافية، ودخلتُ "الهدف" وصدى قصيدة محمود يهدهد في أصداء الروح:
"إن صرختَ بكُلِّ قواك، وردَّ عليك الصدى
((مَنْ هناك؟)) فقل للهويّة: شكراً!"
أجمل وأقول
إنّ هذه المجموعة القصصيّة، ما هي إلّا نصُّ سؤال يبعث على التأمّل، ومحاسبة الذات، والخروج من دائرة الاستسلام والاعتياد؛ فالكاتبة تعبر من خلال أسئلتها التاريخيّة والفلسفيّة والإنسانيّة والمجتمعيّة وغير ذلك عن رغبتها في الخروج ضدّ الاعتياد، وضدّ الاستسلام. فمن يقرأ المجموعة القصصيّة يجد راوية بربارة؛ الإنسانة، الباحثة، الأديبة، المفتّشة الأمّ والصديقة الّتي تسعى إلى الكمال، ترفض أن تعتاد العلاقات الرتيبة، خوفًا من أن يذبل الورد، تحارب الأزمات الفكريّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة والسياسيّة من خلال سيل أسئلتها الّذي لا يتوقّف، وتمارس حقّها في تدمير الأشياء لتعاود إزهارَها مِن جديد.
) ألقيت المداخلة في أمسية الإشهار في نادي حيفا الثقافي يوم 09.09.2021)





 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]