في اليوم العالمي لرفع الوعي للسيلياك، حسب التقديرات: 1-2% من أفراد المجتمع يعانون من السيلياك/ حساسية الجلوتين، ما يقارب 50% منهم غير مُشَخَّصين
يصادف الثالث عشر من شهر سبتمبر/أيلول اليوم العالمي لرفع الوعي لمرض السيلياك أو حساسية الجلوتين، الذي يُعتبر أحد أمراض المناعة الذاتيّة التي قد تكون عوارضها قاسية خصوصاً لدى الأطفال.
للأسف الشديد، يفتقد مجتمعنا العربي للمعلومات حول هذا المرض، فالكثيرين لا زالوا غير مشخصين! مع أنهم يعانون من عدو عوارض، لكنهم لم يقوموا بعمل فحص للكشف عنه. توجّهنا الى جمعية نيسان لصحّة الجهاز الهضمي، الكبد والتغذية، وهي الجمعية الوحيدة في البلاد التي أقيمت لدعم المرضى، تقديم المعلومات ورفع الوعي بكل ما يتعلق بصحة الجهاز الهضمي والكبد والتي تقوم منذ عدّة سنوات بفعاليات توعويّة تشمل محاضرات وجاهيّة، لقاءات عن طريق الزوم، ورشات لإعداد مُنتجات خالية من الجلوتين، إصدار قصة للأطفال بموضوع السيلياك، إنتاج مسرحية بهذا الموضوع وغيرها من البرامج والفعاليات.
والتقينا مع الدكتور حسين شمالي، المهندسة رينا زعبي وأخصائية التغذية رغدة بركات ليحدّثونا عن السيلياك، أعراضه، سبل تشخيصه، طرق العلاج ودور الحمية الخالية من الجلوتين لتجنّب العوارض.
ما هو السّيلياك؟
السيلياك متعارف عليه منذ مئات السنين، وهو حالة تصيب جميع الأعمار والأجناس بدون استثناء. ولقد أتت كلمة "سيلياك" من أصل إغريقي، نسبة إلى الجوف أو المعدة. وهو التهاب يصيب الجهاز الهضمي والأمعاء ويؤدي إلى ضمور وتلف أهداب الامتصاص المبطّنة للأمعاء الدقيقة (villi). وبالتالي ضعف أو توقّف امتصاص الغذاء، المعادن والفيتامينات المهمّة لجسم الانسان. وذلك الالتهاب المعويّ ناجم عن الحساسيّة من مادة الجلوتين (بروتين الحبوب) التي تحتويها بعض المواد الغذائية، وهي موجودة عادة في القمح، الشعير، الشوفان ومشتقّاتها. تجدر الإشارة الى أن هذه الحالة موجودة لدى % 2-1 من المجتمع العربي في البلاد، ولكن نظراً لعدم تكافؤ الوعي في المجتمع العربي فإن تشخيص الحالة غير كاف، ولا سيّما عند البالغين.
ماهي أعراض السيلياك؟
تنجم الأعراض عادة من نقص المواد الغذائية التي تعسّر امتصاصها للدم، وهذا يتمثّل في عدَّة أشكال، من أهمّها:
تأخر في نمو ونضوج العظام، الوزن والطول، آلام المعدة، إسهال، إمساك وانتفاخ عند الصّغار والكبار، بالإضافة الى النقص في امتصاص الڤيتامينات والمعادن، مثل الحديد، ڤيتامينات B، ڤيتامين D والكلس، وهذا قد يؤدي الى فقر دم، ضعف، هزل، إرهاق، هشاشة عظام، مشاكل تركيز وذاكرة، سقوط الشّعر، خلل في الدّورة الشّهرية ومشاكل في الإنجاب، وهناك من قد يعاني تأخّر حركي- نفسي، إصابة الكبد في التهابات مناعيّة ومراريّة، أمراض التهابات جلديّة متعدّدة، تقرّحات وجروح في الفم، أورام في الجهاز الهضمي وأورام ليمفاويّة ولدى العديدين قد يسبب التهابات مفاصل.
من المهم تأكيده أن الشخص المُصاب بالسيلياك يمكن أن يشكو من أحد أو بعض هذه الأعراض.
كيف يتم تشخيص المرض؟
يمكن تشخيص السيلياك بثلاث طرق أولها فحص دم لقياس مستوى مضادّات مادة الجلوتين، وهي دقيقة بنسبة تتجاوز%90. منها مضادات EMA، TTG, DGP وغيرها. هذه المضادات تشكّل أيضاً عاملا لمراقبة التجاوب للعلاج والالتزام بالحمية الغذائية الصحيحة. أما الطريقة الثانية فهي بواسطة أخذ عيّنة من الأمعاء الدقيقة بواسطة منظار بسيط للجهاز الهضمي العلوي عبر الفم وفحصه بالميكروسكوب. الطريقة الثالثة هي عن طريق فحص وراثي يسمى HLA.
من المهم التأكيد على أنه الى حين التّشخيص وإجراء جميع الفحوصات يفضّل الالتزام بالنظام الغذائي المتّبع للسيلياكيين وعدم اتّباع أي إرشادات جديدة حتى إنهاء جميع الفحوصات.
ما هي طرق علاج السيلياك؟
لا يوجد علاج بالأدوية للشّفاء من المرض! والعلاج الوحيد هو الحمية الغذائية الخالية من ماده الجلوتين كنمط حياة. لتفادي الأعراض المصاحبة للسيلياك يجب الابتعاد عن جميع الأغذية التي تحتوي على مادة الجلوتين بتركيز أكثر من 20 بيكوغم ( PPM 20) حسب معايير منظمة الغذاء العالمية. يتوجّب الالتزام الصّارم بأسلوب حياتي جديد خالٍ من هذه الأغذية مدى الحياة والاستعاضة عنها بالبدائل الموجودة على أساس الذّرة، البطاطا، الأرز وغيرها. أما في الحالات القاسية يحتاج المصاب أحيانا الى إضافة أدوية لتهدئة الالتهابات. كما أنه يجب تعويض نقص الڤيتامينات والمعادن عن طريق مستحضرات طبية ملائمة باستشارة الطبيب و/أو أخصائي/ة التّغذية المرافق/ة، أما في حال تفاقم هشاشة العظم، يتوجّب الاستعانة بالأدوية المقوّية لبناية العظم.
ما هو دور الحمية الخالية من الجلوتين في تخفيف العوارض؟
توفّر الحمية الغذائية بدائل صحّيّة لينعم المريض بحياة طبيعية دون أي عائق صحّيّ أو نفسيّ. فهذا يضمّ تخفيف أو عدم ظهور أعراض المرض والشفاء من التّلف الذي أصاب الأمعاء. وأيضاً، تحسين امتصاص العناصر الغذائية. ولا سيّما دعم النّمو الطّبيعي والتّطور الذّهني السّليم للأطفال. والوقاية من مضاعفات المرض قصيرة وطويلة الأمد.
في حال وجود أحد الأعراض المذكورة أعلاه ينصح باستشارة الطبيب لتشخيص الحالة وبعدها الحفاظ على الحمية الخالية من الجلوتين ولمدى الحياة لتنعم بحياة طبيعيّة، كما ويجب مراجعة الطّبيب المختصّ، اخصّائية التّغذية وإجراء فحص دم كل عدّة شهور لمراقبة التجاوب للعلاج، تلقي ومتابعة الإرشادات الصّحيحة.
كلمة أخيرة توجّهونها:
مهم جداً لكل انسان أن يكون واعياً لأي تغييرات تحصل في جسمه (أو في جسم أطفاله)، والتّوجّه لتلقّي الاستشارة من طبيب العائلة أو طبيب الجهاز الهضمي إذا كنا نعاني من أي عارض يتكرّر عند تناولنا الطعام أو نوع معين من الطعام، من ناحية ثانية، مهم جداً في حال عرفنا بأن أحد أفراد عائلتنا أو أصدقائنا لديه سيلياك أو حساسية الجلوتين أن ندعمه، نساعده ونتفهم امتناعه عن تناول بعض أنواع الطعام، فلا نحرجه ولا نضغط عليه، وإذا كان بمقدورنا عمل وجبة خالية من الجلوتين من أجله فإننا نساعده على التعايش مع هذه الحالة.
أمنياتنا بالصحة والسلامة للجميع..
[email protected]
أضف تعليق