تُعد الغدد جزءًا مهمًا من تكوين جسم الانسان ليقوم في وظائف معينة، وهي موزعة في كافة أجزاء الجسم تقريبًا، وواحدة من هذه الغدد الرئيسة هي الغدة الدرقيّة، (thyroid) وتشبه في شكلها الفراشة وتقع في الجزء الأمامي من الرقبة. وفي حال حدوث خلل في وظائف هذه الغدة، سيتسبب بحدوث مشاكل صحية عديدة لدى الانسان.

عن أمراض الغدة الدرقيّة، أسبابها وعوارضها، التقى موقع بُـكرا مع البروفيسور مُغير خمايسي في مكتبه بمستشفى رمبام، وهو طبيب وباحث مختص في معهد بحث الهرمونات والسكري والايض، ومدير قسم الامراض الباطنية "د" في مستشفى رمبام، ومحاضر في كلية الطب في التخنيون، تخصص في مستشفى رمبام وهداسا في بحث مرض السكري ونتائجه المتأخرة، وفي جامعة هارفارد تخصص في بحث فريد وجديد من نوعه، لاستخدام الخلايا الجذعية الانسانية لعلاج التعقيدات الناتجة عن السكري.

وعن وظيفة الغدة الدرقيّة قال بروفيسور خمايسي: " تشكل الغدة الدرقية (thyroid) أهمية كبيرة في جسم الانسان، المتعلقة بوظائف الجسم، مثل الحركة والنشاط، نمو جسم الانسان منذ أن يكون جنينًا والحمل، وتتم السيطرة عليها من قبل الغدة الرئيسية الموجودة في الدماغ، والمعروفة باسم (hypophysis)، وهي من يمنحها الاشارات وتقوم بتشغيلها ومن ثم تفرز هورمونات والمعروفة باسم ( T3 و T4)، وتسمى (T4) لأنها تحتوي على 4 عناصر من مادة اليود، أو (T3) لأنها تحتوي على 3 عناصر من مادة اليود، وتصل هذه الهورمونات إلى جميع خلايا الجسم، والتي لها عدة وظائف ومن بينها الأيض (metabolism) في الخلايا".

تتطور مع نمو الجنين..

وأكد مجددًا بروفيسور خمايسي على أهمية هذه الغدة، التي تبدأ بالتطور بعد مرور 12 أسبوعًا من تكون الجنين. مشيرًا أن كل طفل بعد ولادته، يتم اجراء فحص دم له من أجل التأكد أن الغدة تعمل بشكل صحيح، لأن لديها تأثيرًا مهمًا على تطور نمو الجنين، والتطور الذهني لديه (IQ).
أمراض الغدة.. بين الافراط بالنشاط وبين الخمول!

وحول الأمراض المتعلقة بالغدد، وحدوث خلل بوظائفها قال بروفيسور خمايسي: " يجب التنويه أن أساس عمل الهورمونات المتعلقة بالغدة هو عنصر اليود، لذلك ينصح بتناول الأغذية التي تحتوي على عنصر اليود، حتى تساعد جسم الانسان على افراز هذه الهورمونات، منها الأسماك وزيت الأسماك، التي يجب تناولها بكميات كافية، مشيرًا أيضًا أنه تم إضافة مادة اليود على مياه الشرب من بعد اجراء دراسات التي اثبتت انه كان تنقصها هذه المادة، وهي تتوفر أيضًا في المياه المعدنية لأهميتها لجسم الانسان".

وفيما يتعلق بالأمراض التي تؤثر على عمل الغدة بالشكل الصحيح، وهي مقسمة إلى: غدة والتي تعمل أكثر مما يجب أي فرط نشاط الغدة (Hyperthyroidism)، والمرض الثاني هو خمول الغدة أو قصور الغدة (Hypothyroidism).

وكلا الحالتين يلزمهما العلاج، ولكل حالة لها علاجها الخاص.

قصور الغدة الدرقيّة (Hypothyroidism)..

وعن مرض الخمول أو قصور الغدة الدرقيّة قال بروفيسور خمايسي: "هذا المرض منتشر، بنسب مئوية عالية، والأهم هو اكتشاف المرض، في العادة يشكو المريض من الخمول، الوهن وضعف الجسم، ولا يوجد لديه رغبة بأن يستيقظ صباحًا والقيام بأي نشاط.

في بعض الأحيان، يتسبب المرض بالعوارض التالية:

• الزيادة في الوزن لدى المريض.
• ارتفاع بنسبة الدهنيات في الجسم.
• ممكن أن يؤثر على انتظام العادة الشهرية لدى النساء.
• يؤثر على حدوث الحمل لدى النساء.
• الاصابة بإمساك المعدة الدائم.
• تساقط الشعر، والتأثير عن نموه.

وبالنسبة في كيفية الكشف عن الإصابة بهذا المرض، قال يتم بواسطة اجراء فحص دم للمريض الذي تظهر نتيجة خلال يوم واحد.

مسببات المرض..

وفيما يتعلق بمسببات هذا المرض، قال بروفيسور خمايسي: " ليس من المؤكد أن يكون السبب وراثيًا، انما لأسباب متعلقة بالغدة، أحيانًا تكون التهابات جرثومية من الفايروسات، وهذا لفترة قصيرة من الزمن، وفي بعض الحالات تكون بسبب تناول المريض دواء غير مناسب قد يؤدي الى التهاب في الغدة، وهناك حالات تكون لمرضى السرطان الذين يتعرضون لعلاجات كيماوية وعلاجات الأشعة، أو مرضى الذين يتناولون أدوية لتنظيم عمل القلب من الممكن أن تضر في عمل الغدة.

وأشار بروفيسور خمايسي أن هناك مسببات ثانوية أيضًا خلال فترة الحمل، حيث يفرز الجسم الكثير من الهورمونات من المشيمة، والتي تشبه الهرمونات التي تفرزها الغدة الدرقية، والتي يعتقد الجسم أن هناك افراز كبير من الغدة الدرقية، وتحدث هذه الحالة بعد الأسبوع 12 -18 من الحمل، وهذا أيضًا خلل في الغدة خلال الحمل.

بالإضافة إلى أنه في بعض الأحيان فحص التصوير الطبقي- (السي تي)، مادة اليود التي تعطى خلاله للمريض من الممكن أن تسبب في بعض الحالات خللا في عمل الغدة الدرقيّة.

العلاج من مرض الغدة الدرقيّة..

العلاج جدًا بسيط، في البداية يجب الانتباه والوعي لعوارض المرض، حيث يتم إعطاء المريض دواء خاص الذي يعمل على إعادة عمل الغدة بعد فترة زمنية معينة ومن خلال الحفاظ على المراجعات الطبية لدى الطبيب المختص.

الافراط في عمل الغدة (Hyperthyroidism)..

وعن مرض الافراط في نشاط الغدة، أشار بروفيسور خمايسي أنه أصعب من مرض قصور الغدة الدرقية، والأمر متعلق بالعوارض، وذلك بسبب تأثر المريض بحالته النفسية والعصبية، كما وتسبب له بالتعرق المفرط، وارتفاع في سرعة النبض، بالإضافة إلى فقدان الوزن بشكل سريع، وبروز أو جحوظ الأعين.

والمسببات لحدوث المرض، يتعلق بعدة أمور، منها تناول أدوية غير مناسبة، أو التهابات في الغدة، إصابة الغدة بفايروسات معينة.
وبالنسبة لاكتشاف المرض، يعتمد على اجراء المريض فحص دم، ومن المهم أن يشخص الطبيب حالة المريض بعد الاستماع لما يشكو من أوجاع لديه. بينما يعتمد العلاج على تناول أدوية التي تمنع الغدة من انتاج هورمونات الغدة الدرقية.

مبنى الغدة وعملها..

وتابع بروفيسور خمايسي: " حين نتحدث عن الغدة الدرقية، يجب التنويه إلى مبنى الغدة، حيث تتواجد في منطقة الرقبة، ويجب أن تحافظ على حجمها الطبيعي، مشيرًا إلى أنه في بعض الأحيان يصبح انتفاخ في الغدة مما يؤدي إلى خوف المرضى، من الممكن أن يؤدي هذا الانتفاخ إلى الضغط على مجرى التنفس والأكل ويشكل صعوبة في التنفس وتناول الطعام، وسيحتاج المريض لإجراء عملية جراحية لاستئصال الغدة، وفي هذه الحالة يحصل المريض على هورمونات بديلة".

وتابع بروفيسور خمايسي: " معظم النساء فوق جيل 50 عامًا، تظهر لديهن درنات، وهي تسبب الخوف لديهن، لاعتقادهن أنها من الممكن أن تكون مصابه بسرطان في الغدة، لكن هذا المرض نادر وغير منتشر، ويتم فحص هذه الدرنة من خلال فحص الموجات فوق الصوتية (الأولتراساوند) لمعرفة ان كانت سرطانية أم عبارة عن درنة في الغدة، وفي حال لم تكن النتيجة واضحة، يمكن أخذ عينة من جسم المرأة للتأكد من صحتها، ويتم فحصها بواسطة المايكروسكوب حتى نكتشف إذا كان فيها خلايا سرطانية أم لا.

نسبة الإصابة لدى النساء أكثر من الرجال!

وردًا على سؤالنا حول نسبة انتشار المرض بين النساء والرجال، قال بروفيسور خمايسي: " نسبة الإصابة في مرض خلل وظيفة الغدة ما يسمى (الالتهاب الدرقي هاشيموتو) Hashimoto's Thyroiditis، هو منتشر لدى النساء أكثر من الرجال، ولكن نسبة انتشاره منخفضة تصل إلى أقل من 10%.

وأعطى بروفيسور خمايسي مثالاً على ذلك مرض الازدياد في عمل الغدة والذي يسمى الدراق الجحوظي (Graves' disease)، فمن بين 10 نساء يصاب به رجل واحد، مشددًا أنه من المهم معرفة العوارض التي يشعر بها المريض/ة حتى يتم تشخيص الحالة.

نصيحة بروفيسور خمايسي للمرضى...

النصيحة الأساسية للأشخاص الذين يعانوا من مرض الغدة، وبغض النظر ان كانوا يعانوا من قصور في الغدة أو افراط في نشاط الغدة، يجب على المريض المراجعة الدائمة لدى الطبيب المختص، لأنه هناك من الحالات التي لا يتناول فيها المريض الأدوية الخاصة به بالشكل الصحيح، أو انه لا يقوم بإجراء مراجعات لأن الغدة بحاجة الى مراجعات لتبقى في حالة ثابتة وعملها ثابت، في البداية يطلب الطبيب من المريض المراجعة بين 4-6 أسابيع، واجراء فحص دم لعمل الغدة، وبعدما يصبح عملها ثابت، تصبح المراجعة بعد فترة أطول.

المراجعات مهمة جدًا وضرورية وخاصة في فترة الحمل، النقطة الثانية وهي جدًا مهمة وهي الانتباه في كيفية تناول الدواء الخاص بالغدة، وبالذات حين نتحدث عن كسل في الغدة، لأنه هناك الكثير من المرضى الذين لا يستخدموا الدواء بالشكل الصحيح، يجب على المريض تناول الدواء الخاص بالغدة عندما يستيقظ (على الريق) قبل نصف أو ساعة من تناول فطوره، يمنع عليه تناوله مع أدوية مثل دواء الحديد أو دواء حموضة المعدة، لذلك على المريض الالتزام بأخذ العلاج بالشكل الصحيح بالإضافة القيام بالمراجعات المتواصلة التي تضمن أن الغدة تعمل بشكل متواصل والشكل الصحيح.

وفي النهاية نتمنى السلامة لجميع المرضى واتباع تعليمات الطبيب اللازمة للوقاية من المرض.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]