لندن مرابط خيلنا:
نحن وجهاء من قرية الأصالة والأصوليّة والغيرة على مصلحة وأخلاق أطفالنا وأهلنا - لكي لا يتعرّضوا لهجمة الغرب الفاسق والأفكار التي تتعارض وديننا وتقاليدنا العربيّة العريقة، وما يبعدنا عن تقاليد الشّعوب الأخرى الكافرة والفاسقة- نُحضِّر لتشكيل وفْد مهيب من وجهاء قريتنا الشَّوساء الـمُتشبثة بجذور الماضي السَّحيق والعريق، وسنغزو لندن من جديد لكي تصبح مرابط خيلنا، وسنُبيد تراث "الشّيخ زُبيَرْ" الذي حرّفه الغرب جزافاً فأطلقوا عليه اسم "شيك-سبير"، وسنطالب بإرجاعه الى بلدنا كي نحاسبه باسم العروبة والإسلام والشّرق العريق، لأنّه ألَّف مسرحيّات تتحدّث عن الحبّ بين الذّكر والأنثى، وسنطالب بإحراق جميع أعماله، وبِخاصّة تلك المسرحيّة التي سمّاها جهاراً وعلى الملأ "روميو وجولييت"، وأخرى تحمل اسم "أنطونيو وكيليوبترا".
كذلك فَسَنُلغي من منهاج القصص والمسرحيّات "سندريلا" و"ليلى الحمرا" و"بيضاء الثلج" التي تتطرّق الى زواج الأميرة من الأمير، وبالتّالي هي أيضاً قصصُ حبٍّ محرّمة على أطفالنا، لأنّها تفسد أخلاقهم، وتجعلهم يفكِّرون بالحبّ بدلاً من التّفكير بالطّفولة وبالبراءة، وبالقيم، وبالبطولات العربيّة الأصيلة وبالشّهامة، وبتاريخ الدّيانات والأنبياء.
ومن هذا المنطلق فإنّنا يجب أنْ نُنَقِّي تراثنا العربي من مثل هذه القصص الفاسقة، مثل مسرحيّة "المجنون قيس والفاسقة ليلى" لأنّهما سيُجَنِّنان أطفالنا وشعبنا، وسيحرفاننا عن الصّراط المستقيم، وكذلك الأمر بالنسبة لــ"كُثَيْر وعَزّة"، و"جميل وبُثَيْنَة"، و"عنتر وعبلة".
بدلاً من إلهاء أطفالنا بهذه التّرهات، وإفساد أخلاقهم في قصص الغرام والفسق والفجور، فلماذا لا نُثقِّفهم على قِيم تاريخنا العربي القديم والأصوليّ، وعلى انتصاراتنا الكثيرة وعلى غزواتنا وفُتوحاتنا، وعلى أبطالنا الـمُحاربين، وليس على الشّعراء الغَاوين والسَّحَرة والمـُشَعْوِذين الفاسقين.
علينا أنْ نُثقّفهم ثقافة علمائنا وفقهائنا الدينيّين، وعلى مخترعينا العرب ومفكّرينا، وعلى مَن قاموا بالثّورات العظيمة من العرب في مجال الثّورات الصّناعيّة وثورة المعلومات والكومبيوتر وحرب النّجوم التي نجَّم منَجِّمو الغرب وادّعوا أنّهم هم من قاموا بها، وما هؤلاء الغربيّون إلّا غُزاةٌ مُحتلُّون مارقون، أخذوا كل هذه الإبداعات منّا وجَيّروها لأنفسهم، فهي عربيّة، بدليل أنّ لها دلائل في كتبنا الدّينيّة المقدّسة.
ملاحظة مهمّة وطويلة، وهي مربط الفرس: قامت جماعة من المسؤولين من إحدى قرانا بمنع مسرحنا من تقديم مجموعة عروض مسرحيّة أمام أطفالهم "لأنّ المسرحيّة عنوانها "عنتر وعبلة"، وبما أنّ المسرحيّة تنتهي بزواج البطل من البطلة في عرس تراثي جميل، فإنّ وقوف العريس الى جانب العروس خلال الاحتفال يُعدّ فُحشاً".
المسرحيّة لا تركّز في مجرياتها على الغرام والحبّ والغزل والإثارة الجنسيّة، بل عن السُّود والبِيض، وتنادي بالـمُساواة بين البشر، وتحثّ على حبّ الوطن والذّود عنه، وتنبذ العنصريّة الطّائفيّة والعرقيّة، وتَعِظُ أنّ "النّاس سواسية كأسنان المشط"، وأنّه "لا فضل لعربي على أعجمي إلّا بالتّقوى"، و"إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى لتعارفوا".
ألَا تنتهي معظم القصص العالميّة بزواج الأمير من الأميرة، أو البطل من البطلة؟ هل استكثرتموها على "عنتر وعبلة؟ ثمّ ألسنا جميعاً كبشر أتينا الى هذا العالم نتيجة للزّواج والتّزاوج؟
ما رأيكم أيّها العُلماء والفُقهاء العرب؟
****
هاجس مسرحيّ: راضي شحادة
هاجس كاريكاتيريّ: خليل أبو عرفة

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]