بقلم: راضي شحادة
تنويه: تردّدتُ كثيراً قبل معالجة فيلم "أوسلو2021" لأنّه مرتبطٌ جذريّاً وسياسيّاً وموضوعيّاً باتّفاقيّة أُوسلو، ولأنّ العُنصر التَّوثيقي يختلط مع العنصر الدرامي. ولكنّني، وبناء على وعيك عزيزي القاريء وقدرتِك على التّحليل والاستنتاج، فإنّني أترك لك حُرّيّة التَّمييز بين "أوسلو الفيلم" و"أوسلو الاتّفاقيّة". في جميع الحالات فهو "فيلم أمريكي إسرائيلي طويل"، ويُطلَب من الـمُشاهد الفلسطيني صاحب القضيّة الأمّ الأساسيّة أن يمارس لعبةَ الانتظار والصَّبر والتَّحمُّل.
****
فيلم أوسلو2021 هو فيلم أمريكي إسرائيلي طويل تمّ إنتاجه بحجمٍ هوليوودي. صدر الفيلم في 29/5/2021، اي بعد توقيع "اتّفاقيّة أُوسلو" بــ28 سنة بعد ان فُرّغت الاتّفاقيّة من محتواها والأهداف التي كان من المفروض أن تؤدّي بعد خمس سنوات، اي سنة 1998، الى إقامة الدّولة الفلسطينيّة على جزء ضئيل من حدود 1967، وعلى جزءٍ ضئيلٍ ضئيلٍ جدّاً من حدود فلسطين التّاريخية والجغرافيّة، ليتّضح لاحقاً أنّه مجرد ورقة تفاهم تنْحو الى إتاحة حُكم ذاتي مؤقّت ومحدود للفلسطينيّين، مع الكثير من البنود المطّاطة؛ والـمُرجِئة الى أجلٍ غير مُسمّى للقضايا الرئيسيّة الكبيرة العالقة وهي: قضية اللاجئين، والقدس، والحدود، والأمن. وكما صرّح "أحمد قريع" في فيلم وثائقي آخر حمل عنوان "ثمن أوسلو" قائلا: "مجرّد طرح القضايا الكبيرة سوف لن يترك مجالاً للتّوافق"، وبالمقابل صرّح "شمعون بيرس" مُسمّياً ما يُتَفاوَض عليه: "الغمُوض البنّاء" وأضاف قائلا: "نوافق أنّه في المرحلة النّهائيّة وفي المفاوضات النّهائيّة سنتفاوض على مستقبل القدس".(طبعا سيُتفاوض على باقي القضايا العالقة لاحقاً بمشيئة الله وأمريكا وإسرائيل. ر.ش). وهكذا بقيت بنود الحلّ النّهائي المصيريّة مُعلّقة و"منشورة" على حبل غسيل إسرائيل.
يأتي فيلم "أوسلو" بعد أطنان من الأحابيل والمماطلات، وبعد تاريخ عَقْد اتّفاقيّة اوسلو بــ28 سنة أي منذ سنة 1993، وبعد كل الڤيتوهات الأمريكيّة والامتدادات الاحتلاليّة الإسرائيليّة وصفعات القرن التي أدّت الى المزيد من قضم واجترار فلسطين، لكي يطمئِنَنا ويذرّ الرّماد في العيون، وكأنّ شيئاً لم يكن ولم يحدث. وقد أكّد النّاقد السّينمائي المصري "جوزيف فهيم" ذلك في مقال له في موقع "نون بوست" قائلا:" كان من الممكن اعتبار فيلم "أوسلو" تَقدُّماً ملحوظاً في تعامل هوليوود مع الصّراع لو عُرض قبل 20 عاماً. ولكنّ اتّباع منطق الحياد الآن يقوّض القضيّة الفلسطينيّة بدلاً من تحقيق العدالة...كيف يمكن الحديث عن سلام يمليه ويصوغه المحتل؟".
الفيلم السّياسي القريب من حالة التَّوثيق، والذي يدمج الدرامي بالوثائقي هو في الغالب الفيلم الذي يثير قضيّة سياسيّة تدور رحاها وأحداثها وصراعاتها بالتّناغم مع عمليّة حدوثها على أرض الواقع، مُتّكئاً على بعض أحداث الماضي، بحيث يَتوخَّى مُنتِجوه وصانعُوه تَجْيير التّاريخ لصالحهم، محاولين الاستفراد بكامل الكعكة التي تدور رحى المعركة حولها. وواضح منذ البداية ولِلَحظة إنتاج هذا الفيلم سنة2021 مَنْ هو الرّابح الأكبر، ومن هو الحاصل على الفتات.
"أوسلو" هو فيلم سياسيّ من الدّرجة الأولى، ويشبه "مسلسل!" اتّفاقيات أوسلو الواقعيّة على أرض الواقع، ويحاول جاهداً أن يحوّل الإثارة الدّراميّة التي أُسِّس عليها الى علاقة إنسانيّة اجتماعيّة عاطفيّة مصطنعة بين الطّرفين الـمُتحاربين كعدوّين وليس كخصمين، من خلال الاعتماد على أحداث وثائقيّة جرَت خلال الـمُفاوضات السِّرّية قبل توقيع الاتّفاقيَة بين إسرائيل ومنظّمة التّحرير الفلسطينيّة.
وفي محصّلة الفيلم النِّهائية فإنّ ما نَستنتجُه من اللقاءات السرّيّة بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين بدَت وكأنها علاقات إنسانيّة حميميّة مَحضة، ولكنّها أيضا في المحصّلة أظهرت كم كانت اللعبة مُبَرمجة بدهاء من قبل الإسرائيليّين، وكم كانت عاطفيّة وعشوائيّة وارتجاليّة وضعيفة من طرف الفلسطينيّين.
بالنّسبة للوسطاء الحياديين النّرويجيين، فإنّهم كانوا سُعداء جدّاً بأنّهم استطاعوا أن يحوّلوا اللقاء بين أفراد، بشكل إنساني وشخصي، بينما في الحقيقة هو لقاء سياسيّ، والقضيّة المطروحة فيه أدّت الى شروط أوصلتنا الى ما نحن عليه الآن من ضعفِ حِيلَة وعَجْز في حرّية القرار. وظهرت قمّة الغموض التي أدّت الى ما وصلنا إليه الآن في قول "المصْلاح" النَّرويجي "تيري رد لارسن"(جَسّد الدّور الممثّل الإيرلندي آندرو سكوت) قائلا: "لا حاجة لخارطة طريق، فالطّريق سيُظهِر نفسه". وفعلاً أظهر الطّريق نفسه في النّهاية مُعبَّداً لصالـِح إسرائيل، ومليئاً بالحفر والمطبّات لِطَالـِح الفلسطينيّين.
هنالك توجُّه تعميمي من خلال "أَنْسنَة القضيّة!" وشخصنتها لدرجة التّنازل عن ماهيتها وجوهرها، وعمَّا هي الـمُشكلة في الأصل، وعمَّا تدور أحداثها الحقيقيّة. ولأنّه فيلم سياسي بامتياز ينحُو في هدفه الى إيصال مغزى معيّن ومباشر، ولأنّه يكاد يجعلنا نظنّ أنّ جميع أحداثه هي وثائقيّة تشدّنا للابتعاد عن فهمها كأحداث دراميّة فنّية، فإنّني أجد نفسي مضطرّاً لتقييمه سياسيّاً وليس فنّياً. لا يمكن التّطرّق الى فيلم "أوسلو" بدون ربطِه بــ"اتّفاقيّة أوسلو" عضويّاً وجوهريّاً، فهو سيناريو مأخوذ وثائقيَاً وتوثيقيّاً عن كواليس واتفاقيّات أوسلو مع فارق بسيط أنّ مُنتِجِيه ليسوا نحن أصحاب القضيّة، بل الأقوياء أصحاب القرار النِّهائي والحاسمون كلّيّاً للمعركة، والذين انتقوا ما يروق لهم"إنسانيّاً" لكي يبدو الأمر أمام المـَلأ على شكل سلام إنساني بينما هو في الواقع استسلام سياسي وجغرافيّ وتاريخيّ.
فيلم "أوسلو" هو من إنتاج المخرج الأميركي العالمي "ستيفن سْبلْبيرچ" الدّاعم للصهيونية، وهو من أصول يهوديّة، وبطولة "أندرو سكوت" و"روث ويلسون"، و"جيف ويلبوش"، والممثّل الفلسطيني "سليم ضو"، ومن إخراج "بارتْليت شير"، وسيناريو "جي تي روجرز". كُتب ومُثّل في الأصل كنصّ مسرحي للكاتب نفسه (أُنتجت المسرحيّة كعرض مسرحي، وعُرضت على مسرح "لينكولن" في نيويورك سنة 2016).
استوقفني تقييم مهم لفيلم "أوسلو للكاتب المصري "محمد صبحي" في جريدة المدن أونلاين قائلا:
"تَبنِّي خِطاب إنساني سابحٍ في اللاشيء، مع إهمال للحقائق، وتناسي الوقائع، وإهدار السِّياق، ومساواة القاتل بضحيّته، واختراع الانجازات، والتَّرويج لخرافات سياسيّة... مشكلة الفيلم أنّه يدعي ذلك الحياد ويطبّق عكْسَه بنوايا حسنة غالباً، ومنطلقات إنسانيّة تعيش في فراغ تاريخي ومنزوعة من أي سياق، ما ينتهي به إلى خطاب اختزالي يُقوِّض الحقّ الفلسطيني في خضمّ تصويره ما يُراد له أن يكون وُجهة نظر معتدلة في تناول قضيّةٍ لطالما شوَّهَتْها هوليوود، ليستقرّ أخيراً صدىً لصدفة التّصوّرات الـمُتحيزّة والمنغلقة لأميركيّين وأوروبيّين يرضيهم دور المنقِذ الأبيض داعم السّلام من دون إتعاب دماغهم بمراجعة أفكارهم وتسمية الأشياء بأسمائها".
وكما هو الحال في جميع الإنتاجات الـمُؤيِّدة لإسرائيل وللفكر الصهيوني، والمـُمَغْمِغة لفلسطين، فإنّ المغزى يصبّ في النّهاية في صالح المـُنْتِج، ولتأكيد الذّكاء والدّهاء الصّهيوني والإسرائيلي، والخنوع والتّنازل والتّشويه لشخص الإنسان الفلسطيني وقضيّته، وَلَـيّ الحقائق وتزييفها من أجل المغزى النِّهائي الـمُبَطَّن او المباشر الذي يسعى لتحقيقه مُنتِجُو هذه الأعمال، تحت راية حبّ السّلام، والسُّموّ الإنساني ومناصرة اللاساميّة ومعاداة العنف والإرهاب، والتّقارب العاطفي، وكل ذلك على حساب صاحب الحقّ الذي جاء الـمُحتلّ بحجّة هروبه من الإبادة النَّازيّة لكي يحتلّ فلسطين ويسلب أهلها وطنهم عنوة واغتصاباً وقتلاً وتدميراً وتشريداً، بحجّة أنّها أرض الميعاد وأرض الآباء والأجداد.
ومن الجدير بالتّنويه أنّ منتج الفيلم "ستيفن سْبِلْبِرچْ" أيّد الحرب الإسرائيليّة على لبنان وتبرّع لها في حرب تموز 2006 بمبلغ مليون دولار، وقال حرفيّاً: "أنا مستعد أن أموت من أجل إسرائيل"، وصرّح أنّه فخور بيهوديّته، وأنّه يدعم إسرائيل والصهيونيّة. وزاد على ذلك تصريحه: "بصفتي يهوديّاً، فإنّني أدرك مدى أهميّة وجود إسرائيل من أجل بقائنا جميعاً. ولأنّني فخور بكوني يهوديّاً، فأنا قلقٌ من تنامي معاداة السَّاميّة ومعاداة الصّهيونيّة في العالم".
"سْبِلْبِرچْ" حرٌّ بما يؤمن به وبما يُنتجُه، ولكن علينا ألّا نتوقّع أنّه مستعدّ ضمن هذه المباديء التي يؤمن بها أن يدعم فيلماً يتنافى مع قناعاته، وعندما لا نكون نحن مساهمين في عمليّة الإنتاج أو مبادرين اليها، فنحن لا نستطيع أن نُطالِب بأن يكون لنا حصّة في فرض ما يُنتجه ذلك المـُنتِج، وعندما نقبل المشاركة في لعبته "الإبداعيّة!" علينا أن نكون متحمّلين النَّتائج المتأتّية عنها، حتى وإن كانت حُجّة قبول ذلك المـُنتِج إدخَالِنا ضمن لعبته أنّه حَسَنُ النَّوايا.
وكما هو الحال في معظم الأعمال التي أنتجوها لكي يرْووا التّاريخ من وجهة نظرهم، ويصوغونه لكي يصبّ في صالحهم، وليقنعونا بأنّهم أيضا موضوعيّون في طرحهم "الإنساني"، فإنّهم في النّهاية يُغْرِقُونَنا في التّفاصيل، ونحن نُغرقهم بثقتنا بهم بأنّ نواياهم ربّما تكون حسنة من قِبَلِهم ومن قِبَل أمريكا وداعميهم من دول الاستعمار الأوروبي القديم، مع أنّنا في دواخل ذواتنا شبه مقتنعين بأنّه: "مُرغَمٌ أخاك لا بطل".
ما لَنا هو لهم، وما علينا ليس عليهم:
وبشكل كثيف وواضح نستطيع أن نستنتح بكل ثقة أنّ الفيلم خَدَعنا و"انضَحَك علينا"، وربما تكون أوسلو برمّتها كذلك، وربّما يكون الفيلم صادقاً في إظهارهم كأقوياء ودُهاة وفارضين شروطهم علينا من منطلق أنّنا في النّهاية سنرضخ لشروطهم، لأنّ أوراق اللعب في أيديهم، فنجد أنفسنا في خانة: "مُكْرَهُ أخاك لا بطل".
قل ما تريد كلاماً بكامل الحرية والدّيمقراطية، ودَع ضيفك هو ايضا يقول "كلاماً!" كل ما يريد قوله، فَضْفِضْ، أصرخ، فِشّْ غُلَّك (اشْفِ غليلك)، قاتِل(بالصراخ طبعاً)؛ كلّ ذلك مسموح ما دام الأمر سرّيّاً وداخل الغرف المغلقة.. خذ راحتك يا "شريكي؟!!". وأمّا أمام العالم ووسائل الإعلام، فَنَحن أصبحنا عائلة واحدة "نَسَايِب وحَبايِبْ"، وسنحمل أسماء حركيّة جديدة تلمّح عن بعض لواعجنا وأسرارنا ونوايانا الـمُعلَنة والمخفيّة والـمَلغومَة. سنسمّي بلدنا "البلاد الصغيرة"(تلميح من قبل الإسرائيليّين أنّهم محاصرون من قبل عالم عربي شاسع وواسع، وهذه "البلاد الصغيرة" التي نسكنها محاطة بالأعداء، ولا وطن لنا سوى هذه المساحة الصغيرة من "أرض إسرائيل الكبرى")، وأمّا جماعة منظّمة التّحرير الفلسطينيّة وأتباعهم فسنطلق عليهم اسم"الذين من عبر البَحْر"(ربّما كنتُ أُفضّل اسماً حركيّاً أنسب لهم: القادمون من المرّيخ)، وسيحمل كل من "اسحاق رابين" وياسر عرفات اسم "الجدّ"، و"شمعون بيرس" اسم الأب، و"يوسي بيلن" اسم الإبن"..فَلنَدَع العالم يظنّ أنّها مفاوضات عائليّة، بين عائلتين، ربما يجمعهما رابط الدّم أكثر من رابط الاحتلال.. المهم في النّهاية أن تُوقِّع يا ضيفنا كتابةً على ما كتبناه لك كتابة في الاتّفاقيّة، وعلى هذا التّوقيع ستُحاسَب لاحقاً.
وانطلق الاجتماع العائلي، فعَبّر كل من الطَّرفين عن مشاعره بكامل الحرّيّة والديمقراطيّة، ولكن ضمن حدودة الغرفة المغلقة والسّرّية.. المهمّ أن ينفّسوا عمّا يزعجهم، المهم أن يشفوا غليلهم(يفِشّوا غلّهن): "إنتو الحق عليكو، لأ إنتو الحقّ عليكو..
- "في اسرائيل بلدي ننظر اليكم كَقَتَلَة وإرهابيين وتريدون أن ترمونا في البحر. أنتم قتلتم رياضيّينا في "ميونيخ" وقتلتم تلاميذ مدارسنا في "معالوت"(مستوطنة قائمة على أراضي معليا الفلسطينيّة.ر.ش)، غزوتمونا وسكبتم دمنا في يوم الغفران، وهو أسمَى يومٍ مقدسٍ لدينا، لذلك عليك أن تفهم أنّنا لا ننظر اليكم كشركاء مثاليّين للسّلام".
- "في بلدنا ننظر اليكم كأُمَّة متوحّشة جيشها يضرب أطفالنا. شعبك مضطهِدٌ إيمانكم. قُتل في مَذابح مُدَبَّرَة(القصد عن النّازيّة.ر.ش)، هربتم لفلسطين حيث ترُكتُم لوحدكم للصّلاة والكفاح وتصبحون أقوياء، وعندما أصبحتم أقوياء أحرقتم بيوتنا، أبعدتُم مليون إنسان من فلسطين، وتَدَّعُون الى هذا اليوم أنّه لم يكن هنالك شيء اسمه فلسطين، لذلك عليك أن تفهم سبب عدم ثقتنا بكم كشركاء مثاليّين للسّلام. منطقتنا لن تقبلكم ما لم نقبلكم نحن".
بَدَا أخوتك في هذه التمثيليّة التّراجيكومِيديّة مُكرهين لا أبطالاً، وكأنّما لا إمكانيّة لديهم للانسحاب، او القدرة على فرض شروطهم في الأمور المصيريّة، ربما لشعورهم أنّ المطروح أمامهم والـمُقترح عليهم "أحسن من بلاش" في ظلّ الظّروف التي يعيشونها في ظلّ عجز العالم العربي، واقتدار إسرائيل وداعميها، ودَفْعِهِم لقبول الشّروط الـمُقتَرحة بضغوط حثيثة، وخاصّة من قِبَل العالم الغربي، وخاصة من قبل أمريكا وأوروبا المؤيّدتين لإسرائيل، ومن بعض الـمُنتفِعين العرب، وكلّ ذلك مدعوم بِنِيَّة هؤلاء الدّعم المادّي السَّخي لإنجاح وتنفيذ هذه المهمّة.
كان الترّكيز على الدّعم المادّي للفلسطينيّين مُحفّزاً لعدم التّركيز والبتّ في توقيع اتّفاقيّة تطرح حلولاً للقضايا المصيريّة التي ترتكز عليها القضيّة الفلسطينيّة، وهاكم بعض الأمثلة: نوّهت الوسيطة النّرويجيّة الى ذلك قائلة للمفاوضين الفلسطينيّين: "أنا معكم ومعهم" اي مع الفلسطينيّين والإسرائيليّين...دون دعمِ حكومتي فمنظّمتكم تنهار وتُغلق، فقُلْ ما هو المبلغ الذي تطلبه وسأبذل جهدي.."، وليس صدفة أن يكون المشرفان على تفاصيل الدّعم المادّي هما "أحمد قريع" وزير الماليّة في منظّمة التّحرير الفلسطينيّة، والبروفيسور "يَئِير هيرشفِيلْدْ" بروفيسور إسرائيليّ في علم الاقتصاد، وهذا التّوجّه جعل الطّرف القوي عسكريّاً واقتصاديّاً وسياسيّاً يُملي شروطه على الطّرف الضّعيف، فُيرضخُه لشروط المعادلة.
دَهَم أخوتنا الشُّعور بأنّهم لن يستطيعوا أن يحصلوا على أفضل ممّا هم فيه وما يُقترح عليهم، فهذه حدود إمكانيّاتهم في الوقت الرّاهن، وعليهم أن لا يُفوّتوا كَسْب هذه الفرصة التّاريخيّة، وبعد أن حُشر المصريّون من قبلهم في اتّفاقيّة "كامب دِيڤِدْ"، فلا مفرّ أمامهم او خلفهم من الحَشْر في "أُوسلو"، ومن بعدهم تَتَالَت ليالي الحَشْر الـمُظلِمة لدى سائر العرب!
[email protected]
أضف تعليق