يستعد المصريون لاستقبال أحدث وسيلة نقل محلية الصنع، وهي "الحافلة الكهربائية"، التي أعلنت وزارة الإنتاج الحربي أنها ستكون متاحة للاستخدام خلال أكتوبر المقبل، في إطار جهود الدولة لتوطين صناعة وسائل النقل الكهربائية.

ووقعت الوزارة اتفاق تعاون مع شركة صناعة وسائل النقل "MCV"؛ لإنتاج الحافلة الكهربائية الجديدة، بعد مرورها بالمرحلة التجريبية خلال الثمانية أشهر الماضية، وكانت النتائج مرضية.

وخلال الفترة من أكتوبر 2020 وحتى يونيو 2021، تم استخدام الحافلة الكهربائية في أحد خطوط النقل العام، قطعت خلالها حوالي 55 ألف كيلو متر، واستخدمها أكثر من 40 ألف راكب.

ومن جانبه، أوضح المتحدث الإعلامي لوزارة الإنتاج الحربي، محمد بكر أن نتائج تجربة "الأتوبيس الكهربائي" خلال الأشهر الماضية كانت إيجابية، وأن هذه الخطوة تؤكد جهود الدولة لفتح أبواب التعاون بين القطاع الحكومي ونظيره الخاص، والتوجه الحكومي لزيادة وسائل النقل الصديقة للبيئة.

وأشار بكر، في تصريحات إعلامية له، إلى أن التجربة العملية أثبتت أن تكاليف تشغيل وصيانة الحافلة الكهربائية الجديدة تمثل حوالي 40 بالمئة من تكاليف تشغيل وصيانة نظيرتها التقليدية، وأن هذا الوفر الكبير يوضح السبب بين اختلاف سعري وسائل النقل الكهربائية ونظيرتها التي تعمل بالوقود، حيث تكون وسائل النقل الكهربائية أغلى وتحتاج إلى تكلفة أكبر لتصنيعها، "لكن هذا الفرق في سعر الشراء يتم تعويضه على المدى البعيد".

كما لفت المتحدث إلى أن هناك خطة مصرية لتخصيص خطوط إنتاج لوحدات الشحن الكهربائي، حتى تكون جاهزة لاستقبال وسائل النقل الكهربائية الجديدة.

جدير بالذكر أن شركة النصر للسيارات تتعاون حاليًا مع "دونج فينج" الصينية، لإنتاج أول سيارة كهربائية مصرية "نصر E70"، وستكون متاحة في الأسواق في منتصف العام 2022.

من جانبه، يقول خبير صناعة السيارات، المهندس حسين مصطفى، إن الخطوات الحالية لإنتاج وسائل نقل كهربائية محلية الصنع تعد خطوة البداية لمواكبة التوجه العالمي حاليًا لاستبدال وسائل النقل التقليدية التي تعمل بالوقود، بنظيرتها الصديقة للبيئة، خاصةً الكهربائية منها.

ويضيف مصطفى لموقع "سكاي نيوز عربية": "السنوات المقبلة ستشهد سيادة وسائل النقل الكهربائية عالميًا، لذا كان يجب أن يكون هناك تحرك محلي للانغماس في سوق السيارات العالمية، وإذا تأخرت تلك الخطوة كنا سنضطر لاتخاذها لكن دون الاعتماد على الصناعة المحلية".

ويتابع: " المسؤولون أمام تحدٍ صعب.. الأمر لا يتعلق بجودة المنتج فقط لكن بخلق بنية تحتية تتأهب لاستقبال وسائل النقل الكهربائية في الشوارع المصرية".

كما يشير مصطفى إلى أن خطة الحكومة المصرية لتوطين صناعة وسائل النقل الكهربائية فتحت باب التعاون بين القطاع الحكومي ونظيره الخاص سواء محليًا وعالميًا، مؤكدًا أن الشركات الأجنبية المشاركة في تصنيع أول سيارة وحافلة كهربائيتين محليين الصنع، يعدان من أكبر شركات إنتاج وسائل النقل في العالم.

كما يشيد خبير صناعة السيارات باهتمام المسؤولين بزيادة نسبة المكون المحلي في تلك المنتجات الحديثة، "هذا سيساعد على إعداد كوادر مصرية قادرة على القيام بعملية التصنيع بالكامل في حال توفر الإمكانيات مستقبلًا".

وعن التحديات التي تنتظر الحافلة الكهربائية، يقول حسين مصطفى إننا سنكون بحاجة لوجود محطات صيانة دورية، للحفاظ عليها من الهلاك، حتى تكون صالحة للاستخدام لأطول وقت ممكن، خاصةً أنها أغلى من نظيرتها التقليدية بنسبة 70 بالمئة.

ويتابع: "مع وجود تلك الحافلات، يجب أن تكون هناك عمالة مدربة لقيادتها والتعامل معها، وصيانتها، وهذا يتطلب وجود عدد من الدورات التدريبية لتجهيز أفراد منظومة النقل العام، مع إتاحة عدد كبير من محطات الشحن الكهربائي، وتوزيعها بشكلٍ جيد داخل المحافظات المصرية".

وكانت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية قد حددت في نهاية العام 2019، أن يكون بند توافر وحدة لشحن السيارات كهربائيًا "إلزاميًا" في تصاريح إقامة محطات الوقود المقرر إنشائها مستقبلا.

وتصل نسبة المكون المحلي في الحافلة الجديدة إلى أكثر من 60 بالمئة، وتم تصميمها بواسطة مهندسين مصريين، واعتمدت صناعتها على خامات مصرية، ما عدا "مجموعة القدرة" التي تتمثل في المحرك ووحدات التحكم، التي تم استيرادها من الخارج.

ويواصل المهندس المصري حديثه متطرقاً إلى إمكانيات الحافلة الجديدة قائلًا: "تلك الإمكانيات تتيح لها العمل داخل المدن بشكل ممتاز، ومن المهم تواجد هذه الحافلة بالمناطق السياحية، لما تمثله من مظهر حضاري يترك أثره على زوار مصر من الأجانب.. إننا لدينا القدرة على مواكبة الحركة العالمية اعتمادًا على الأيدي المصرية".

يُشار إلى أن الحافلة الكهربائية الجديدة تملك محركاً كهربائياً تصل قدرته إلى حوالي 256 حصاناً، وعزمها يصل إلى 2800 نيوتن متر، وسعتها هي 49 مقعدًا، وأقصى سرعة تصل إليها هي 70 كيلو متراً في الساعة، وتستطيع قطع من 300 إلى 350 كيلو متر دون الحاجة لإعادة شحنها، وتستغرق عملية شحنها حوالي ساعتين ونصف.

ويردف خبير صناعة السيارات: "ستحمي تلك الحافلات المصريين من التلوث البيئي والسمعي، ومع الوقت سيعتاد عليها المواطنون، كما حدث سابقًا مع (مترو الأنفاق) في الثمانينات".

ويختتم مصطفى تصريحاته: "نتمنى أن يكون العام 2030 شاهدًا على تواجد وسائل النقل الكهربائية بكثرة في مصر، وأن نتمكن مستقبلًا من إنتاج سيارة كهربائية محلية الصنع بالكامل، دون أي تعاون مع شركات أجنبية، ونسب المكون المحلي في وسائل النقل الجديدة تؤكد قدرتنا على ذلك".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]