اكتظت صفحات التواصل الاجتماعي مؤخرا بنقاشات حامية الوطيس حول تشكيل حكومة جديدة وتصفية شخص نتنياهو واخراجه من اللعبة السياسية التي رسمها ازلام المشروع الصهيوني من اليمين واليمين المتطرف.
لم يكن نتنياهو السياسي بذلك السوء بالنسبة للمشروع الاستيطاني والاستعماري الصهيوني الذي رسمه ابوات هذا التيار منذ عشرات السنين، فنتنياهو نفذ المشروع الصهيوني بحذافيره وفي فترته سن قانون القومية وقطع الشك باليقين بعد تعريف دولة الكيان بدولة اسرائيل اليهودية الديمقراطية وكل ما دون ذلك هم رعايا فرضهم الامر الواقع ويتم التعامل معهم بحسب المستجدات وليس بحسب مشروع مبني مسبقا وله معالم واهداف واضحة.
عرفت فترة نتنياهو الكثير من القرارات المصيرية التي تتعلق بيهودية الدولة وتعزيز مكانة اسرائيل بالعالم بشكل عام وبالشرق الاوسط بشكل خاص وقرارت تتعلق بتصفية القضية الفلسطينية وكل ما يتعلق بها من قضية اللاجئين ووضعية السلطة الفلسطينية ومدى القيام بدورها كمؤسسة تنسيق امني وغيرها من قرارات رسم سقف لتطلعات فلسطينيي الداخل كاقلية منفصلة عن امتدادها العروبي والفلسطيني.
ان اعادة الانتخابات لخمس مرات خلال سنتين افرزت ان الشارع الاسرائيلي يميل باغلبيته الى اليمين واليمين المتطرف في الوقت الذي بات اليسار يصارع على بقاءه وعلى الرغم من ظهور تيار ييش عتيد بشكل قوي والذي يعتبر تيارا يساريا، الا انه سرعان ما انصهر باليمين واليمين المتطرف بهدف الاطاحة بنتنياهو والحفاظ على المشروع الصهيوني.
فنتنياهو السياسي انتهج نهج اسياده من اليمين وحرص على تعزيز مكانة المشروع الصهيوني محليا وعالميا، ولكن تمت الاطاحة به ليس لمشروعه من قبل منافسيه السياسيين وانما بسبب صراعات ايچو شخصية بينه وبين منافسيه السياسيين وخاصة من اليمين كبينيت وساعر.
لم تأبه تيارات اليمين ولا اليسار باي تطور او خطر، سوى الاطاحة بنتنياهو، وهذا ما قاموا به، حيث رسَّموا نغالي بينيت رئيسا للحكومة على الرغم من فوز حزبه فقط على ستة اعضاء كنيست في الانتخابات الاخيرة، اضافة الى خنوع وخضوع يئير لبيد لمشروع اليمين وتسليمه لهم مقاليد الحكم وبذلك يكون انجازه الوحيد هو الاطاحة بنتنياهو الشخص مع المحافظة على سيطرة اليمين ومشروعه.
ان الساحة السياسية الاسرائيلية تعج بالتناقضات ولا تتحمل اي صراعات اخرى خارج نقاشات اليمين، وبذلك يبقى الخلاف داخل البيت الصهيوني بشقه اليميني لا اكثر، وبروز ظاهرة اليمين العربي المتمثل بنهج الموحدة لم تكترث له تيارات اليمين المركبة للحكومة سوى مقايضته ببعض الميزانيات وابقاءه خارج اللعبة السياسية على عكس ما يصرحون ازلام الموحدة.
ان تيارات المشروع الصهيوني واضحة المعالم والشروط، ولا مكان لا من يحاول ان يتأسرل بينها، فشروط القبول في هذه التيارات واضحة وكل من يظن انه من الممكن ان يكون شريكا في هذا المشروع فهو مخطئ وسيبقى لاعب احتياط يلتفت اليه فقط وقت الحاجة.
ان خطورة انصهار اليسار الاسرائيلي المتمثل بيائير لبيد لا تبشر خيرا وهي اكثر خطرا من انصهار الموحدة في تيارات اليمين، ففي الوقت الذي عولت القوى الديمقراطية في البلاد على يائير لبيد للقيام بالتغيير وقيادة الدولة الى بر الامان، قام الاخير بتسليم مقاليد الحكم من رجل يمين الى رجل يمين متطرف والذي تدعمه تيارات صهيونية محلية وعالمية على تعزيز المشروع الاستيطاني ومشروع اقصاء العرب وحصر عرب البلاد ببعض الميزانيات التي تلقتها الموحدة وليس اكثر من ذلك.
بات واضحا بعد تشكيل هذه الحكومة ان تيارات المشروع الصهيوني المتمثلة بالاحزاب الصهيونية، انها مشتركة على المشروع الصهيوني الاستعماري ولا فرق بينها سوى ببعض الامور الطبقية، الاقتصادية والاجتماعية ولا يمكن التعويل على هذه الاحزاب في تحقيق المساواة والعدالة لانها اقصائية بأيمانها وعقيدتها.
[email protected]
أضف تعليق