كشف العدوان الصهيوني الغاشم على الشعب الفلسطيني الطبيعة الفاشية للمجتمع الصهيوني الكولنيالي، وكان واضحا مع بروز نتائج الانتخابات الأخيرة أن اليمين الاستيطاني والفاشي المتحالف مع التيار المركزي باليمين، سيسعى الى أخذ الأمور الى حد الصدام الدموي بين الكتلتين القوميتين في البلاد. وسأتوقف في هذه المداخلة عند أبرز الظواهر التي ينبغي لها أن تقلق المجتمع الصهيوني بالمقام الأول وثم تقلقنا نحن.
سلسلة القوانين العنصرية والتي توجتها المؤسسة التشريعية بقانون القومية، كانت مجرد مقدمات ومأسسة لسلوكيات قادت وتقود الى نظام أبرتهايد يرتكز الى فائض عسكرتاريا وبلطجة قومية غير مسبوقة، تجلت ليس فقط بشراسة العدوان على غزة، وانما بإذكاء أسباب الصدام العرضي والتناحري بين المجموعتين القوميتين واعادته الى مربعه الأول، بمعنى صراع الوجود.

في مرحلة ما قبل الفاشية المطلقة أو ما يسمى على عتبة الفاشية، تتقدم المصلحة الاقتصادية للسوق الرأسمالي على العنصرية، لكن في الفاشية المطلقة يتراجع الاقتصاد والمصلحة الاقتصادية أمام العنصرية والتطرف القومي، وهذا ما يحصل تماما بالسوق الاسرائيلي وما كشفته أحداث الاضراب العام للجماهير العربية والذي دعت اليه لجنة المتابعة العليا في محاولة جادة وصادقة لترشيد أساليب النضال الشعبي في مواجهة سياسة العدوان والبطش الصهيوني.

لقد أسست حقبة نتنياهو لنظام أبرتهايد فاشي أشد شراسة من نظام بريتوريا البائد، فتغول النيوليبرالية والرأسمالية المتوحشة في مفاصل الاقتصاد والبناء التحتي، ترافق مع تغول اليمين الفاشي الاستيطاني في مفاصل السياسة والدولة، كمكمل في البناء الفوقي، وكلما اشتد الطابع القومي للاضطهاد ، كلما احتاجت الدولة الى عناصر التطرف القومي والنفخ في أكثر المشاعر سوداوية لدى الفرد في المجموعة القومية السائدة، وبث روح التعصب في المؤسسة العسكرية وأجهزة الأمن الى حد التصالح مع الجريمة واعتبار أطفال غزة ونساء غزة وأبنية غزة أهدافا مشروعة لآلة القتل والدمار الصهيونية. وليس صدفة أن تتحول منابر الاعلام الاسرائلي خلال كل عدوان على الشعب الفلسطيني، الى غرف عمليات استخباراتية تخوض حربا نفسية وعملية غسيل دماغ على مجتمعها هي، في مشهد أقرب الى إعلام الفاشيات الاوروبية الكلاسيكية، فلطالما كانت الصحافة والاعلام المجند وغير الموضوعي من أبرز سمات الدولة الفاشية، فيغدو التسامح مع قمع الحريات الديمقراطية المكتسبة طبيعيا ليس فقط بالاعلام، وانما بممارسات الأجهزة الأمنية وبطشها حيال المجموعة القومية الأصلانية، ويغدو تبرير الاعلام الوقح لانفلات مجموعات الفاشية الاستيطانية في مدن فلسطين التاريخية، بحماية أجهزة الأمن عملا وطنيا بامتياز.
واهم من يعتقد ان هذه المظاهر ستتوقف عند المجموعة القومية المضطهدة، فالفاشية لا تقبل القسمة على اثنين، وسوف تبطش بالمجتمع اليهودي وتستكمل عملية السيطرة على مفاصل الدولة، وتغدو دولة تل أبيب واقتصادها ورغد عيشها أسيرة ورهينة لدولة المستوطنين والفاشية الاستيطانية.
لقد أفسدت المؤسسة الصهيونية فرصة المجموعة القومية اليهودية للعيش بسلام مع المجموعة القومية العربية الأصلانية وصاحبة الأرض، وكان لقبول حركة التحرر الوطني الفلسطيني بدولة عربية في حدود ممسوخة لا تتجاوز 22% من مساحة فلسطين التاريخية، أن يشكل رافعة للعيش المشترك والسلام، لكن فائض القوة وفائض الغطرسة والسيطرة بالجغرافيا على كامل التراب الوطني الفلسطيني، أعماها عن حقيقة صدامها بالديمغرافية وحقيقة وجود سبعة ملايين فلسطيني على أرض فلسطين ونحو خمسة ملايين من المهجرين واللاجئين بمحيط فلسطين، لا يمكن شطبهم من أي معادلة، ولن يستكينوا لواقع التفرقة العنصرية والابرتهايد، وواقع العيش في معازل عرقية وبانتوستانات مغلقة بينما ينعم المستوطن المستعمر بأرضهم ومياههم وخيرات بلادهم، ففي كل معادلة للتسوية أو الحل سوف يكون اسقاط نظام الأبرتهايد الصهيوني والفاشية الصهيونية حاضرا مع مطلب تصفية الاحتلال والاستيطان.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]