النساء العربيات في البلاد تجابه العديد من المشاكل لدخول سوق العمل عامة وفي البلاد خاصة، اذ أن الموازنة بين متطلبات العمل من جهة، ومتطلبات البيت والعائلة من جهة أخرى، تؤول دون الحيلولة الا ورضوخهم لشروط المشغل المستغل غالبا.
فليس سرا أن المرأة العربية تقع في أدنى مستويات سلم الدخل في الدولة، السلم الذي بحد ذاته يحمل الكثير من العنصرية المباشرة وغير المباشرة بين الأوساط المختلفة من جهة، وبين أماكن السكن من جهة أخرى، وكيف لا بين الجنسين، وبطبيعة الحال، المرأة العربية تقع في أدنى مستويات هذه الفوارق، ففي حين معدل الدخل العام للفرد هو تقريبا 10500 شاقل، المرأة العربية بصعوبة تصل ال 5000 شاقل جديد.
قلة من النساء العربية واعية لحقوقها، ولمتطلبات عملها والى ما لها وما عليها من واجبات وحقوق في ميدان العمل، هذا الجانب التوعوي رافقته وعملت كثيرا من أجله في خلال عملي في جمعية أنجاز للحكم المحلي، حيث حرصت دائما على تسليط الضوء على التمكين الأقتصادي للنساء، ومن خلال تجربتي واكبت كيف أن فئة كثيرة ترضى أن تأخذ 10 شواقل لا غير أجرة للساعة في حين أن الحد الأدنى كأجرة للساعة هو 29.12 شاقلا جديدا.
10 شواقل لا غير، بكلمات أخرى عاملة التي عملت شهر كامل، تتقاضى اقل من 2000 شاقل جديد كراتب شهري، وللتوضيح أرباب العمل ممكن أن يكونوا رجالا ونساءا، أكاديميين وغير ذلك، هذه الظاهرة لم تتغاضى او تنعطف عن فئة دون أخرى، بل هي الأستغلال في أسمى مراتبه.
كيف لأمرأة، ربة بيت، شريكة في الحياة الزوجية، غالبا من أسرة مستورة الحال! أن تساهم في رفع مكانتها ومكانة عائلتها الأقتصادية التي تركتها يوما كاملا؟
بلا أن أسقاطات هذه الظاهرة هي أكبر وأبعد من اسقاطاتها الفردية على العاملة وحدها، بل هي ضغوطات للعائلة، الزوج، والأهم الأبناء والجيل القادم!
اذا لماذا ترضى النساء بالرضوخ لمثل هذه الشروط التعسفية؟ لماذا لا تواجه رب أو ربة العمل؟ لماذا تصمت وتستمر في الصمت؟ بل أكثر من ذلك؟ لماذا لا تتجاوب مع الجمعيات التي تحاول مساعدتها؟
الخوف، نعم هو الخوف وعدم الثقة، تماما كأي طبقة ضعيفة ومستغلة، لا تثق بمن حولها، وتخاف من الخسارة، دونما أن تكون واعية لقوتها الكامنة. فهذا الخوف يلازمها دائما وهي التي تعيش تحت خط الفقر، فكل شاقل بالنسبة اليها مهم، فغالبا هذه العائلات تفكر بمنظور المحافظة على الموجود، لأنها وصلت لمرحلة من القناعة أنها لا تستطيع تغيير واقعها الأقتصادي، فبالتالي لمثل هذه الضغوط أسقاطاتها على الفتيات والنساء العاملات دون الحد الأدنى.
وبطبيعة الحال الوضع في الكورونا وأسقاطاتها الأقتصادية، التي غالبا سنواجهها قريبا ما بعد هذه الجانحة، ستكون أكبر وأعمق، اذا لم تتدخل السلطات الحكومية للمساعدة للحيلولة دون تفاقمها.
لذلك بادرت بشكل مباشر، وبعد مقابلتي لكثير لمثل هذه الحالات، للقيام بدراسة شاملة عن هذا الموضوع وأسقاطاتها، مع خبراء أقتصاديين وذوي أختصاص.
من أين نبدأ؟ لننظر بمنظور مختلف، الحل لا يكمن لدى النساء والفتيات التي يعتريها الخوف، بل عند أرباب العمل، بداية بالمساعدة كمرحلة أولى بدفع أقساط معينة من أجورات هذه العاملات، تحديدا ونحن نتحدث عن فترة الكورونا، كمنح مرحيلة تعطى لتحفيز المشغلين لدفع الحد الأدنى.
ومرحلة ثانية موازية، هي الرقابة الصارمة، والتغريم لأرباب العمل والمشغلين الذين لا يستوفون الحد الأدنى من شروط التشغيل.
والمرحلة الثالثة، هي تحفيز تأطير العاملات العربيات في نقابات، لضمان شروطهن الأساسية في عيش كريم.
وكل هذا يقع ضمن مسؤولية الحكومة وحدها، أي حكومة كانت لضمان توفير الشروط المذكورة.
[email protected]
أضف تعليق