لا شك أن محاربة التدخين وأضراره هي حاجة ملحّة، لا تقل أهمية عن أزمة الكورونا التي نتعامل معها منذ أكثر من عام – وعلى ما يبدو – سنواصل التعامل معها في المستقبل القريب أيضًا.
وشهدنا في العامين الأخيرين، تعديلات قانونية عديدة من قبل الحكومة ومنظمات صحية في سبيل مكافحة التدخين، من بينها زيادة القيود على التدخين في أماكن عامة مختلفة، والعديد من المحظورات سواء فيما يتعلق بطريقة عرض السجائر وشكلها بالإضافة الى زيادة الضرائب عليها، إلى جانب توسيع مجموعة متنوعة من وسائل المساعدة في الإقلاع عن التدخين في صناديق المرضى، وغير ذلك.
جميع هذه الخطوات هي خطوات مباركة، لكنها في الحقيقة غير كافية. لقد أشار تقرير التدخين الأخير الذي نشرته وزارة الصحة الى معطيات مقلقة حول نسبة المدخنين في البلاد. 20% من مجمل شريحة البالغين من جيل 21 عامًا فما فوق لا تزال تُدخّن، تقريبًا بدون أي تغيير يذكر منذ سنوات.
ويبدو أنه على الرغم من الجهود الكثيرة المبذولة في سبيل تقليل عدد المدخنين، سواء من قبل الدولة أو من قبل منظمات وجمعيات صحية مختلفة، فإن النجاح محدود للغاية، وهنا يُطرح السؤال: ألم يحن الوقت لإعادة الحسابات من جديد واتباع أساليب جديدة؟
كطبيب، أنا أنظر إلى النتيجة، والنتيجة واضحة وضوح الشمس – لم يطرأ انخفاض في نسبة المدخنين، ولذلك يجب إجراء تعديلات على الأساليب المتّبعة للقضاء على التدخين. والطريقة الأفضل للقيام بذلك، هي الاستفادة من تجارب الدول التي تمكّنت من خفض نسبة المدخنين، بالاعتماد على سياسة "الحد من المخاطر"، بتوفير الحلول لأولئك الذين لا يتوقفون عن التدخين.
في السنوات الأخيرة نشهد تغييرًا كبيرًا في تطوير وتوفير تقنيات تكنولوجية ومنتجات يمكن أن توفّر حلولًا فعالة لاختراق دائرة العديد من المدخنين الذين لا ينوون ترك التدخين، أو حاولوا لكنهم فشلوا المرة تلو الأخرى.
وتعتمد بعضها على تقنيات مثل تقنية تعمل على تبخير سائل يحتوي على النيكوتين أو تقنية لتسخين التبغ.
في الآونة الأخيرة، حتى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، وهي الهيئة التنظيمية الأكثر أهمية في العالم، قررت أن المُنتَج الذي يعتمد على تسخين التبغ يقلل بشكل كبير من التعرض للمواد الكيميائية الضارة مقارنة بتدخين السجائر وتسويقها، وأشارت إلى حقيقة أنه يعزز الصحة العامة للجمهور.
اذًا لماذا لا يتم دعم هذه المنتجات في البلاد من قبل الجهات التنظيمية المسؤولة؟ لقد بدأت العديد من دول العالم بالفعل بحل المشكلة واعتمدت نموذج الحد من المخاطر الصحية من خلال إتاحة منتجات بديلة للشرائح الاجتماعية التي لا تقلع عن تدخين السجائر.
وبحسب التقديرات فإن أكثر من 98 مليون شخص حول العالم توقفوا عن تدخين السجائر بفضل دعم هذه الطريقة من قبل الهيئات التنظيمية في بلدانهم. من بين الدول البارزة الداعمة لهذه الطريقة: بريطانيا، نيوزلندا، اليابان، حيث انخفضت مبيعات السجائر هناك بأكثر من 30% منذ أن أُطلقت في تلك الدول منتجات تبغ تعتمد على التسخين.
وبخلاف تلك الدول، تسود في إسرائيل سياسية " كل شيء أو لا شيء". ويتم تصويب كل الجهود نحو الإقلاع عن التدخين، وهو في حد ذاته أمر أؤيده من كل قلبي، لكن المعطيات تشير بكل وضوح بأن جزءًا كبيرًا من شريحة المدخنين لن يُقلعوا أبدًا.
اليوم، بعد مرور نحو عامين على القانون الجديد للسجائر ومنتجات التدخين الأخرى، يجب القول إن هذه الطريقة غير ناجعة. ربما حان الوقت أن تنظر الجهات التنظيمية الإسرائيلية في تبني نهج تقليل المخاطر للمدخنين والمحيطين بهم، وبهذه الطريقة التقليل من عدد المدخنين في البلاد والأضرار الناجمة عن التدخين. ويجب أن يتم الاعتراف بالبدائل من قبل المؤسسات الرسمية في البلاد بشكل مسؤول، وعلى الجهات التنظيمية الإسرائيلية المبادرة إلى مناقشات معمّقة تستند الى معطيات علمية، ودراسة اعتماد النماذج المتّبعة في دول متطورة أخرى للحد من أضرار التدخين وتقليل المخاطر، مع الحفاظ على حق الجمهور في معرفة وجود هذه النماذج والطُرُق.
[email protected]
أضف تعليق