كتبت: الناشطه النسوية الاجتماعية سماح سلايمة
حظيّ التحوّل الحاد في تعامل بيبي (بنيامين نتنياهو) مع المجتمع العربي بدعم فوري من أبواقه الإعلامية المخلصة في اليمين طبعا. فقد سارع هؤلاء للقول إن بيبي – نعم، ذلك الذين كان "جيدا لليهود" هو الأفضل حالياً للعرب. هكذا يكون /الملك. ومن لا يعترف بذلك أو يصرّ/تصرّ على التساؤل بشأن التحوّل الحادة – من التحريض ونزع الشرعية إلى الاحتضان والحديث بلغة عربية مُكسّرة – من هو إلا مجرّد يساري/ة مكتئب/ة.
هذا هو الروتين السياسي في عصر بيبي. هو يقوم بالفعل، ونحن نقوم بردّ الفعل.
من السهل اتهام بيبي بكل شيء. فهو أفضل اختيار لدور الشرير المثالي في فيلم حياتنا الذي نعيشه. ذكي، يحسب كل خطوة ولا حدود لديه. يائس لدرجة تكفي لجعله يتّحذ أي خطوة لا يمكن تخيلها، ومع ذلك يبقى قويا بما يكفي ليكون مقنعا لجزء من الناس جزءًا من الوقت على الأقل.
لكن، بالنسبة لكل ما يتعلق بالتحريض على المجتمع العربي ومنتخبي الجمهور العربي، حظي بيبي بدفعة كبيرة من أجزاء أخرى من الخارطة السياسية. من هؤلاء الذين غازلوا أصوات المركز، وممّن كان من المهم والمستعجل بالنسبة لهم تمييز أنفسهم عن، والتنصّل ممّا يسمى "اليسار الراديكالي". فقط ليكتشفوا بعد ذلك أن يائير نتنياهو سينعتهم بهذه الصفة بكل الأحوال.
ربّما يكون بيبي قد طوّر العنصرية المؤسساتية والتحريض، لكنه ليس وحيداً أبداً. يائير لابيد و"لن نجلس مع الزوعابيز" الت ابتكرها. بيني غانتس، الذي أوصى عليه أعضاء وعضوات القائمة المشتركة أمام رئيس الدولة، أدار لهم/ن ظهره هو الآخر، كما أداره لزملائه، وقام بحركة "للخلف دُر" نحو أسوأ حكومة وحدة وطنية في تاريخ الدولة. ولا ننسى ليبرمان وقانون الإخلاص الذي تفتّق عنه ذهنه. كذلك الأمر بالنسبة لإيهود باراك الذي سمح لأريك شارون – حين كان رئيسا للحكومة – بالدخول إلى المسجد الأقصى، وقتل خلال فترة حكمه 13 مواطنا عربيا خلال أحداث أكتوبر 2000.
بيبي هو أزعر سياسي. لكنه ينجح لأن ليس هنالك من يوقفه عند حدوده. خلال ولايته الطويلة تحطّم اليسار البرلماني، وتم إدراج اليسار المدني في دور الخائن. إنه يقف منصراً ومنتشياً وسط الحلبة، ومقابله الكثير من أحزاب المركز. أحزاب مشغولة بصورة أساسية في محاولة إثبات أنها ليست يساراً: بدون عرب. وبدون أي كلمة عن الاحتلال. نعم، السيطرة الكاملة على شعب آخر، التي قرر المجتمع الإسرائيلي إنكارها.
وها نحن ذا على مشارف جولة انتخابات رابعة خلال سنتين. مرة أخرى يتم جرّ دولة كاملة إلى عملية انتخابية باهظة الثمن ولا داعٍ لها. وهذه المرة، يبحث بيبي عن الأصوات التي تنقصه للتنصّل من المحاكمة في أماكن جديدة. ومقابله، في الزاوية الأخرى من حلبة الملاكمة، مجموعة كبيرة ومتعبة من الرجال، اليهود، البيض ممّن ينظرون إلينا نظرة مباشرة ويصرّون على أنهم هم الأمل!! أنهم الإسرائيليون! أنهم التّلم الذي علينا السير فيه، أو المناعة التي يعتمد ويعوّل عليها، أو الله أعلم ماذا بعد.
أحد الشعارات التي ترسّخت هنا خلال فترة بيبي الطويلة هي "أن الأمر لا يتعلق باليمين واليسار|. جملة يتم إطلاقها في الهواء من اليمين ومن اليسار، وتهدف لتمويه هوية مستخدمها/مستخدمتها السياسية.
لكن الموضوع هو موضوع يمين ويسار فعلا. وليس بالمعنى الضيق المحصور في المعسكرات السياسية، وإنما في سياق فهم العالم والقيم. لقد تلاشت الحدود بين اليمين واليسار، وليس لأنه لا فرق بينهما، إنما لأنه ليس هنالك ما يكفي من السياسيين/ات الذين يملكون الشجاعة الكافية لرفع علم واضح جدا يرفعون من خلاله لواء قيم مثل المساواة والعدالة، دولة الرفاه، الحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، حرية الدين والتعددية الدينية. حقوق الإنسان وإنهاء السيطرة على شعب آخر.
من أجل خلق واقع آخر هنا، يجب التوقف عن ردّ الفعل والبدء بالفعل. دون خوف. دون إخفاء أجزاء من أنفسنا. ومع نظرة فاحصة شجاعة، إلى داخلنا أيضاً.
[email protected]
أضف تعليق