من جديد، يعود الحديث عن صفقة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، وذلك مع زيارة فريق من الأمن المصري لقطاع غزة قبل أيام قليلة، وإشارة مصادر سياسيّة وإعلاميّة إلى أن هذا الفريق بحث مع حركة حماس عدّة ملفات أهمها إجراء صفقة تبادل للأسرى مع إسرائيل التي قيل إنّ هذه الأخيرة قد سلّمت الفريق شروطًا جديدة لعقد هذه الصفقة، ما يمكن معه استئناف المفاوضات للتوصل إليها.
ورغم انهماك وسائل الإعلام الإسرائيليّة بالحديث عن ملف الانتخابات المرتقبة، فإنها تحدّثت بشكلٍ واسع عن صفقة التبادل وكأنّها تأتي في سياق العمليّة الانتخابيّة المحتملة، وإحدى أدوات بعض القوى والأحزاب لدغدغة مشاعر عائلات الأسرى والمعتقلين الإسرائيليين لدى حركة حماس والجمهور الواسع الذي يُحيط بهذه العائلات ويدعمها، هذه القوى والأحزاب مرّرت إلى وسائل الإعلام أنّ إسرائيل جديّة هذه المرة بفتح هذا الملف، عندما وافقت بناءً على دعوةٍ مصريّة للتفاوض غير المباشر مع حركة حماس في القاهرة، في سياق مساومة تضمنتها الشروط الإسرائيليّة الجديدة يتم بمقتضاها الإفراج عن أسرى أحياء تحددهم إسرائيل بنفسها وليس ممن قتلوا مستوطنين إسرائيليين، ومساعدات طبيّة لمواجهة الكورونا في قطاع غزّة، وذلك مقابل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس.
الربط بين استئناف الحديث عن صفقة تبادل الأسرى والانتخابات المحتملة أكده بشكلٍ مباشر رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست ورئيس اللجنة الفرعية للأسرى والمفقودين عضو الكنيست تسفي هاوزر، الذي قال إنّه اطّلع بحكم منصبه على كافة التفاصيل حول هذه الصفقة التي يجري إعدادها، لذلك دعا حكومة نتنياهو إلى التراجع عنها باعتبارها فضيحة وإلى استخلاص العبر من نتائج صفقة شاليت والتي بموجبها عاد معظم «الإرهابيين» حسب قوله إلى ممارسة «الإرهاب» بعد الإفراج عنهم، هاوزر هذا انشق مؤخرًا عن حزب الليكود وانضم إلى حزب جدعون ساعر الجديد الذي تشكل على خلفية الانتخابات المحتملة، إنّ معارضة هاوزر الحديث عن هذه الصفقة يعود بدرجةٍ أساسية إلى إدراكه أنّ نتنياهو فتح هذا الملف مجددًا لأسبابٍ انتخابيّة تكتيكيّة، ذلك أنّ هاوزر اعتمد في دعوته لوقف الحديث عن الصفقة إلى انتهاكها لمبادئ تقرير القاضي شمغار، والتي تم بموجبه تشكيل لجنة تحمل اسم القاضي شمغار أثناء حكومة باراك، والتي وضعت معايير لتبادل الأسرى والمفقودين.
مع ذلك، فكافة الأطراف تدرك أن لا مجال ولا أيّة فرصة متاحة من الناحية العمليّة والواقعيّة لإجراء مثل هذه الصفقة في الظروف الحالية، ليس فقط بسبب انشغال إسرائيل بالانتخابات، بل لأن الشروط المتبادلة بين «حماس» وإسرائيل غير قابلة للتطبيق في الظروف الحاليّة مهما كانت قدرة الوسيط الأمني المصري على الضغط على الطرفين الذين لهما تجربة مريرة مع صفقة شاليت، فمن ناحية هذه الصفقة هزّت المؤسسة السياسيّة والأمنيّة في إسرائيل، ومن ناحيةٍ ثانية فإنّها وضعت حدودًا لمدى ثقة حركة حماس بإسرائيل، بعدما أقدمت هذه الأخيرة على عدم الوفاء بالتزاماتها إزاء هذه الصفقة، خاصة عندما أقدمت على إعادة أسر الأسرى المفرج عنهم بنتائج تلك الصفقة وأعادتهم إلى سجونها ومعتقلاتها.
لا هذه الحكومة في إسرائيل، ولا غيرها في ظل أوضاع سياسيّة متشابهة قادرة على المضي قدمًا في عقد مثل هذه الصفقة، خاصة في ظل دعوة أطراف إسرائيليّة لإزاحة هذا الملف بشكلٍ نهائي عن الطاولة واستعادة الأسرى والمعتقلين الإسرائيليين لدى حماس من خلال وقف كافة التسهيلات وعدم إدخال أجهزة التنفس واللقاحات والمعدات اللازمة لمواجهة تنفشي الكورونا، مثلما نادى عضو الكنيست شموتريتش، أو الإفراج عنهم بالقوة كما دعا أحد المعلقين في صحيفة معاريف.
[email protected]
أضف تعليق