خلال السنوات القليلة الماضية، شهدت الصناعات الثقيلة في إسرائيل، وبالأساس صناعة النسيج، البلاستيك والمنتجات الغذائية، حالة من التلاشي شيئا فشيئا. السبب الأساسي في ذلك هو المنافسة الكبيرة القادمة من الصين، والناتجة عن القدرة الصينية على إنتاج أي شيء تقريبا، وبسعر بخس، مما يضع الصناعة الإسرائيلية في وضعية إشكالية جدا. في مقابل ذلك، نلاحظ أن تركيا والهند تحديدا نجحتا في إنعاش هذه الصناعات لديهما، بل وحتى منافسة الصين بصورة ناجعة جدا. وهنا يطرح السؤال، ما الذي بالإمكان القيام به الآن من أجل تحريك عجلة مختلف الصناعات المنتجة إلى الأمام مجددا في الوسط العربي، والتي انهارت خلال السنوات الماضية، وانفصلت عن دائرة الإنتاج المحلية؟
عملياً، تتيح خطة التجارة الحرة بين إسرائيل والدول الخليجية، التي رأت النور في إطار اتفاقيات إبراهيم، إمكانية إعادة ترميم وتأهيل هذه الصناعات الإنتاجية في الوسط العربي في إسرائيل على أعلى المستويات، بالأساس في مجالات الغزل والنسيج، المواد الغذائية والعناية والتجميل. بالإمكان القيام بذلك من خلال إعادة تطوير المصانع الموجودة التي تم إغلاقها، وتحسينها لتصل إلى أعلى مستوى تكنولوجي. تكمن في إعادة إقامة هذه المصانع في الوسط العربي معانٍ بالغة الأهمية بالنسبة لكل ما يتعلق لإعادة تأهيل وترميم الصناعة ومصادر الرزق في الوسط العربي، كما أنها تتيح المجال لدمج الجيل الشاب في هذه المجالات. بفضل الإعلان عن منطقة التجارة الحرة، ستصبح الصناعات المنتجة في الوسط العربي وبيع منتجاتها للدول الخليجية أمراً مجدياً جدا.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب حقيقة أن دول الـ GCC (مجلس التعاون الخليجي) تنوي استثمار مبالغ مالية كبيرة في الوسط العربي بهدف ترميم وتطوير الصناعات المنتجة، دورا مركزيا في الأمر، ومن المهم استغلال رغبة المستثمرين من دول الخليج بمساعدة هذه الفئة من السكان لننشئ لهم مصانع عصرية ذات بنى تحتية، تكنولوجية ومعدات عصرية، وإعادة دمج العمال المحليين في هذه المصانع.
تسري نفس القضية على الصناعات الغذائية: الطحينة، السمسم، الحلاوة، الحلويات المحلية، زيت الزيتون وما شابه. هنا أيضا، يقف الوسط العربي في إسرائيل – بفضل خطة التجارة الحرة - أمام إمكانية بدء تصدير المنتجات الغذائية للدول الخليجية. من المهم أن نتذكر أنه يسكن في دول الخليج أكثر من 35 مليون مواطن، وبإضافة المقيمين الأجانب، يدور الحديث عن 60 مليون شخص. إنها سوق كبيرة، حتى بالمقاييس المحلية في الشرق الأوسط، وحتى قبل الحديث عن الدخول إلى أسواق أكثر تنافسية في أوروبا والشرق الأقصى أو آسيا. هنالك تفضيل في دول الخليج الفارسي للمنتجات الإسرائيلية المحلية، وهذه أفضلية كبيرة، ولذلك من المهم جدا إعادة تأهيل وترميم هذه الصناعات في الوسط العربي، لأجل إتاحة المجال أمامها لعرض بضائعها على هذه الدول، مع ترسيخ اسم الصناعة الإسرائيلية.
في أعقاب اتفاقيات السلام مع دول الخليج، نشأت الآن فرصة لتدفق ثروات كبيرة إلى الوسط العربي في إسرائيل، من خلال ترميم وتأهيل وإعادة بناء البنى التحتية الصناعية المحلية على أعلى المستويات. من المهم أن نتذكر أنه من أجل إعادة فتح أو تأهيل المصانع في الوسط العربي، والتي أغلقت أبوابها أو تواجه صعوبات – هنالك حاجة للدعم من طرف حكومة إسرائيل. من المهم أن تعلم الحكومة عن تسهيلات ضريبية لمدة خمس سنوات، الأمر الذي سيتيح للأموال من الإمارات أو من الدول الخليجية إمكانية التدفق بسهولة إلى الوسط العرب، ومساعدته في إعادة إحياء صناعاته، خلق أماكن عمل جديدة، ومن خلال ذلك ترميم وإصلاح الاقتصاد المحلي.
وأهم ما في الأمر، هو أن الوسط العربي يجب أن يوفر للدول الخليجية الشعور بأنه بالإمكان الاعتماد على الصناعة العربية في إسرائيل، بموازاة توفير منتجات عالية الجودة تستوفي المعايير العالمية، مع ترسيخ العلامات التجارية لهذه المنتجات.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
הבחור הזה נוכל!!! תבינו כבר! תעשו גוגל ותראו!