لا زال النهج والصيغة السياسية الجديدة للمجتمع العربي التي صاغها النائب الدكتور منصور عباس محور خلاف ونقاش جدي ليس فقط بين أروقة ومركبات القائمة المشتركة بل أيضا في الشارع العربي واليهودي، حيث يرى محللون ان له الحق باختيار التفاوض وعدم دعم أي فئة ويرى اخرون انه يتم "استغلاله" فيما يرى غيرهم انّ "خروج عباس من القائمة المشتركة سيزيد دعم اليسار لها".

عباس محق بطلب التفاوض ولكن نتنياهو يستغله

يوآف شطيرن المحلل السياسي اليساري قال لـ "بكرا" في هذا السياق: لدى منصور عباس الحق بطلب التفاوض مع الحكومة أو الائتلاف على تقسيم الموارد العامة للدولة بحيث يتم توزيع الموارد المالية بشكل عادل يلبي احتياجات الوسط العربي الذي يمثله عباس في الكنيست. هكذا يعمل اي ممثل لاي جمهور في أي برلمان في أي ديموقراطية.

وتابع: ولكنه، يخطأ خطأ كبيرًا لأنه لا يرى نوايا نتنياهو الحقيقية وراء هذا التعاون السري الذي يجري وراء الكواليس وما يحصل هو أولا وأخيرًا استغلال عباس وطموحاته الشخصية لتفكيك القائمة المشتركة وزعزعة تلاحمها وبالتالي تخفيض نسبة التصويت لدى المواطنين العرب ونتيجة ذلك باتت مكشوفة علنا في الاستطلاعات الأخيرة للرأي التي تنشر في الأسابيع الأخيرة الماضية.

الاسلامية ممكن ان تخوض الانتخابات مع شاس

يانيف ساغي مدير معهد "جفعات حفيفة" قال لـ "بكرا": بصورة عامة الاستراتيجية او النظرية التي تقول ان المجتمع العربي عليه ان يتمثل سياسيا في اطار حزب واحد مثل القائمة المشتركة الغت نفسها، كانت جيدة بهدف رفع نسبة التصويت في المجتمع العربي، منصور عباس خلق واقع سياسي جديد بعيد عن اليسار متعلق بأمور عديدة لذلك فان الوصل بينه وبين باقي الاحزاب تفاهمات غير مناسبة لهذا الواقع الجديد ما يخلق اليوم حول استمرار الوحدة غير صحيح، واليوم يجب التمييز بين الجهتين في المشتركة الذين يريدون الشراكة مع قوى سياسية من المجتمع اليهودي ايضا تيارات مختلفة، جهة تريد اليسار المبني على شراكة عربية يهودية مثل الجبهة وغيرهم يخلقون سويا قوى مؤثرة ممكن ان تحصل على بين عشرة وحتى اثنى عشر مقعدا.

وتابع موضحًا: اما الحركة الاسلامية ممكن ان تختار التوجه الى الانتخابات مع حزب شاس حيث بينهم تفاهمات كثيرة اكثر من حزب الليكود، وايضا التجمع وجهات اخرى هدفهم الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يرفضون الشراكة اليهودية الا المتعلقة بهذا الامر.
وختامًا قال: اعتقد انه في حال تم هذا التقسيم سيصل تمثيل العرب في الكنيست الى 17 مقعد وهو عدد أكبر حتى من قدرة القائمة المشتركة على انجازه.

انسحاب هذا الكم الكبير من المصوتين العرب يأتي كردة فعل آنية

القيادي محمد دراوشة قال بدوره معقبًا: اعتقد انه في نهاية المطاف ستقوم الحركة الاسلامية بالانتصار على عضو الكنيست منصور عباس وارغامه على التراجع عن بعض المواقف التي اتخذها مؤخراً، والتي تحتوي على بعض التجديد والجرأة بالخروج عن المألوف، ولكن الإطار السياسي للإسلامية سيعيده الى التلم المعهود. ربما ستستغل الاسلامية تميُّز خطابها وتهديدها لشمولية المشتركة لتحسين مواقعها في الإطار ذاته. لم تجرؤ الحركة الاسلامية سابقاً دخول الانتخابات لوحدها، ولا اعتقد ان الظروف قد تحسنت لصالحها، بل اننا نرى نمو في تيارات شبابية ونسوية وليبرالية في مجتمعنا قد لا تناسبها الصبغة الدينية للحركة الاسلامية التي تحاول جاهداً تغيير ظهورها الجماهيري باستعمال اسم القائمة العربية الموحدة التي لا توحد أكثر من الشق الجنوبي للحركة الاسلامية.

وتابع: حالياً استطلاعات الراي تظهر ان نسبة التصويت في المجتمع العربي ستتراجع الى 54%، مما يعني انسحاب 120,000 عربي من دعم المشتركة، بواقع 3-4 مقاعد. وعلى ما يبدو ان الجمهور يعاقب المشتركة على عدة اخطاء منها، التوصية الفاشلة على بيني غانتس وعدم حصولهم على اي مقابل، وعدم خلق تحالف مع احزاب اخرى في الكنيست، وينعمون بمكانة "المعارضة في داخل المعارضة" كما عبرت عن ذلك النائبة هبة يزبك، وكذلك على المشاحنات الداخلية في عدة قضايا أبرزت اختلاف مواقفهم الاجتماعية كقضية طحينة الأرز، ومواقف تجاه رؤساء بلديات، ومؤخراً مناورة منصور عباس التي لم تسفر عن اي انجاز يذكر.

ورأى ان انسحاب هذا الكم الكبير من المصوتين العرب يأتي كردة فعل آنية، قد يكون بالإمكان تعديلها، ولكن قد تكون عدم الثقة التي نتجت بين المشتركة ومصوريها اكبر من ذلك بكثير، مما قد يتسبب بخسارة اضافية لقاعدتها الانتخابية، ما قد يخلق مساحه لظهور بدائل حتى في الانتخابات القريبة.

عدا عن الشراكة العربية مع اليسار لا يمكن تحصيل حقوق المواطنين العرب

الناشط اليساري رون جيرلتس قال: اعتقد ان المشاركة السياسية للمواطنين العرب سيكون جيدا له ويسبب إنجازات تتعلق بحقوقهم فقط في حال الشراكة مع المركز واليسار السياسي في إسرائيل، اعتقد ان حزب الليكود برئاسة نتنياهو هو حزب ضد العرب ويعمل بشكل مستمر ضد حقوقهم ومصالحهم ولا أرى أي فرصة بان يكون هناك أي امر إيجابي للمواطنين العرب من الشراكة السياسية مع الليكود خصوصا وانهم دائما يهاجمونهم سياسيا وأيضا يسنون قوانين تمسهم مباشرة مثل قانون القومية، من جهة أخرى اعتقد انه من خلال الشراكة السياسية مع اليسار هناك إمكانية لتقدم ملحوظ لصالح المواطنين العرب من عدة جوانب اقتصاديا وأيضا ابطال قوانين عنصرية.

وتابع: تاريخيا كان هناك شراكة عربية يهودية واحدة فقط خلال حكومة رابين وكان هناك دعم لحقوق المواطنين العرب، اعتقد انها الطريقة الوحيدة التي يستطيع من خلالها المواطنين العرب في إسرائيل التأثير بقوة، في السنوات السابقة كان هناك تمثيل لائق وقوي للعرب في الكنيست ونجحوا في اجراء التغييرات وخدمة المواطنين العرب لذلك أتمنى ان يستمر تمثيل سياسي قوي للمواطنين العرب في الكنيست القادمة أيضا.

موقف عباس قد يتحول إلى كرة مرتدة وعلينا أنّ نفوت على نتنياهو فرصه اضعاف المشتركة 

بدوره، قال الناشط السياسي والقيادي في الجبهة سامح عراقي: المعادلة التي يحاول أنّ يفرضها النائب د. منصور عباس على الشارع العربي كانت قد أثبتت فشلها، فالصوت العربي لا يمكن مقايضته بميزانيات وفتات الميزانيات. وحتى وأنّ تم ذلك، فسيكون ذلك كرة مرتدة على جماهيرنا العربيّة، التي قد تحصل على ميزانيات في الوقت الحالي إلا أنها ستعود مجددًا للاصطدام بالنهج السلطويّ والتمييز المؤسساتي، ناهيك على فكرة التذلل والمقايضة بأصوات الجماهير من أجل محاربة العنف، وهو ابسط حق للمواطن، الحصول على الأمن والآمان في محيطه وبيئته، فربط هذا الحق بصفقات انتخابية، ينزع عن نضالنا شرعيته وصدقه.

وأضاف عراقي: نشهد هذا المساء اجتماعات مكثفة بين رئيس الحكومة الحاليّ، بينامين نتنياهو، وبعد بيني غانتس، في محاولةٍ لإيجاد صيغة قد تمنع الانتخابات، فكافة الاستطلاعات تشير إلى أنّ الانتخابات لن تصب في صالح "كحول لافان"، وأنّ الانتخابات القادمة ستكون حربًا بين اقطاب اليمين، مما يعزز أهمية الوحدة بالمشتركة. نتنياهو يعي أنّ سباق الأصوات، والوصول إلى عدد أكبر من المقاعد، كما وحصول اليمين على أكبر عدد من المقاعد، مما يسهل عليه تشكيل حكومة مستقبلية دون أي ائتلاف مع احزاب اليسار والمركز، يحتم عليه إضعاف قوة الوحدة العربيّة، وهذا يحدث فقط من خلال تفكيك المشتركة.

واختتم: علينا أن نفوت الفرصة على نتنياهو بتحقيق رغبته بتفكيك المشتركة واضعاف الشارع العربي، علينا أن نستمر بالنضال من أجل انتزاع حقوقنا، حققنا إنجازات مهمة ضمن هذه الشراكة، ونجحنا في توسيع قاعدتنا الجماهيرية، حتى من اليسار الإسرائيلي.

خروج الإسلامية من المشتركة ستزيد من دعم اليسار لها

وفي حيث قال الدكتور المحاضر اوري جولدبرغ لـ "بكرا": لا أوافق موقف د. منصور عباس ولا أرى انه الأول الذي يحاول ان يقوم بأمر مشابهة، أي ان سياسي يهودي يحاول استغلال سياسي عربي لصالحه ليس مسارًا جديدًا، منصور عباس يعلم انه يواجه مشكلة كبيرة خصوصا وان هناك دعم كبير لمواقف الجبهة والتغيير ولن ينجح بخوض الانتخابات لوحده لذلك يحاول إيجاد حماية من نتنياهو وأيضا ان يطور نفسه، كأن يوضح انه عمل على خلق نهج جديد غير الاخرين. اعتقد ان خروج الإسلامية من المشتركة ستزيد من دعم اليسار لها.

لم نقل اننا نريد ان نخرج عن القائمة المشتركة قلنا اننا نريد قائمة مشتركة فعلا

بدوره، رد د. منصور عباس، عضو الكنيست عن الحركة الإسلامية في القائمة المشتركة، على ما جاء من ادعاءات وقال لـ "بكرا": ان يكون هناك أحزاب منافسة لنا تسعى الى اضعافنا او تفكيكنا او مرشحين كنتنياهو مصلحته ان يضعف تمثيلنا في الكنيست هو امر متوقع في عالم السياسية ولكن ان نعطي يد لهذا الامر من خلال سلوكيات بعض الزملاء في القائمة المشتركة وبعض مركبات القائمة المشتركة هذا الامر المستهجن والمستغرب، بمعنى انه لا يستطيع نتنياهو او غيره ان يؤثر على القائمة المشتركة او على وحدة صفها وتأييدها اذا حافظ الزملاء والأحزاب في القائمة المشتركة على وحدة الصف وعلى حسن الأداء، اما بحجج واهية هنا وهناك نبدأ بمهاجمة احد الزملاء ووضعه بدائرة الاتهام والتشكيك بمصداقيته وخطابه فهذا الذي يسيء للقائمة المشتركة لذلك ادعو كافة الزملاء والأحزاب في القائمة المشتركة الى الالتزام بخطاب مسؤول يراعي التنوع في القائمة المشتركة وجهات النظر المختلفة وعدم إعطاء فرصة لمن يريد فعلا ان يشق صف القائمة المشتركة.

ونوه عباس لـ "بكرا": أقول انني نريد فعلا قائمة مشتركة ولكن نريدها تحافظ على هوية مجتمعنا وتراعي هذه الهوية وتحترم اعراف هذا المجتمع ولا تسلك مسلك في التصويت يخالف هذا الامر ويثير ويستفز قطاعات واسعة جدا في مجتمعنا من كافة الطوائف والأديان، وهذه اجندتنا، لم نقل اننا نريد ان نخرج عن القائمة المشتركة قلنا اننا نريد قائمة مشتركة فعلا تمثل المجتمع وتعطي فرصة للاجتهاد وممارسة مناورة سياسية وفتح خيارات سياسية جديدة لا ان نبقى دائما في جيب اليمين او اليسار او ان نستغل من قبل نتنياهو او غانتس، وبما ان هذا هو موقف الحركة الإسلامية فلا أرى الحكمة الخوض الان في خيارات حول الخوض لوحدنا او ننجح او لا ننجح.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]