تستخدم حدسها لشم الآتي، تستغل حواسها للحصول على الحقيقة تعصر معرفتها لترى ما يجب ان تراه وتُدرك ما عليها ادراكه، تُحافظ على سرها لتضمن دورة حياتها. كابوسها- حدسها.
كابوسها قاتم يرافقه التعرق، الصراع، الصراخ، الأنين، اللهث والرعب يرهق جسدها. تشعر الضحية ان هناك حربًا عليها خوضها أو الهرب والاختباء، لا يهم تقدمها في السنِ أو العمرِ الذي مرَّ، هناك دائمًا عمر جديد، المزيد من الأجيال والمراحل، التجارب الأولى وسيرورة تتجدد. دائمًا تنتظرها بوابة اخرى بوابة جديدة لتخوض المعرفة والوجود.
كابوسها عبارة عن جرسِ إنذارٍ. تحذير من الاضطراباتِ الخطيرةِ الآتية على الصعيد الشخصي، الخارجي، العالم او في الثقافةِ الجماعية.
بعد استيقاظها من الكابوسِ أو سلسلةِ الكوابيس تُضيء شُعلتها للعبورِ نحو أُفقٍ جديدة وإِعادة تقدير نفسها وطاقاتها. في هذه السراديب تكتشف نفسها ومن سطى روحها لتُعالجها، تبحث عن مفترس نفسها تعترف بوجوده، تُحاربه ليهرب الى طوايا داخلها لكن إِن تجاهلته حقده وغيرته سوف تتعظم ليفترسها ويُخرسها الى الأبد.
تُطهر نفسها من السلبيات، تُحدد علاقاتها وتقلل من المحيطين بها لان وجود المُعارضين واللامُباليين يُغَذي مفترسها ويُنمي عضلاته وعدوانيّته تجاهها. نُلاحظ أحيانًا ازدواجية الموقف بين السيء ولأسوء، إِذَا ضعفت يكون مُفترسها سجّانها وهي عبدتّه أَو أَن يُلاحقها دون رحمة كأَنهُ سيدها إن لن تنفصل وتبتعد عنه يأسرها مجددًا ويُخضعها. أَغلب الأحيان تقضي على طابعها الإبداعي وغنى روحها نتيجة رعبتها من تهديدِ المفترسِ، لهذا السبب نجدها ترقد في القبو كجثّة وهيكل عظم، تكتشف الفخ- تتعلم لكن مُتأخرةً.
الوعي هو الطريق إلى الخارج، الهرب من التعذيب والاستمرار قدمًا. لها حق المُحاربة بأسنانها وأظافرها للحفاظ على نفسها، بالرغم من وقوعها بسحر المفترس تنتفض، تفر وهي أَكْثَر حكمة. تدور أَحداث قصتها حول تحوّل عمليات غامضة التي تثير الجدل، أَن تكون بلا بصر بلا حكمة بلا سوت وبلا عمل كي تتمكن من طرده. أَن تكون شفافة لكن العكس صحيح. عليها أَن تتعامل مع المواضيع بقوةٍ بالإضافةِ إِلى الحكمةِ كي تُدرك ماذا يحدث بأعماقها، عليها أَن تستغل قدرتها وذكائها لمواجهة كل شيء وطرح الحقيقة بصوت واضح. تتحكم بالعقلِ للقيام بما هو مطلوب.
تُلاحظ المُفترس الداخلي بطبعها القوي وحدثها، لكن عندما يكون شعورها مجروح ينقَّدَ قبل أَن تستطيع ملاحظة وجوده هذا لان الجرح يُضعف معرفتها، إِصغائها وإِدراكها الشيء الذي تنتظره أَعراف المُجتمع كما تنتظر منها التصرف بشكلٍ لائق وجميل وَإِلا رُوّجت بشكلٍ بشع ورخيص.
علينا المداومة على ممارسة الإصغاء لحدسنا، صوتنا الداخلي أَن نتجرأ على السؤالِ أَن نكون مُطلعّات بكل الأمور، أَن نطرح المواضيع من وجهة نظرنا أَن نُسمِّع مقولتنا ونتصرف بحسب حقيقتنا. تم منحنا القوى منذ ولادتنا، رُبما دُفنت مع السنواتِ بالرمادِ لكنها ليست نهاية العالم لأننا نُجيد "نفض الغُبار" وأَيضًا "تلميع" نفسنا لنُعيد قوّتنا ومجدنا.
إِن رفع هذه القوى من ظلال العقل تسمح لنا أَن لا تكون ضحايا الظروف الداخلية او الخارجية. بغض النظر عن متطلبات الثقافة أَو البيئة أَو الشخصية أَو النفس أَو أَي شيء اخر متوقع من النساءِ، مثل التصرفات أَو إِرتداء الملابس. بغض النظر عن مدى رغبتهن بإبقاء النساء محجوبات/ محجوزات (هُنَا) تحت إِشراف المُجتمع الذكوري، بغض النظر عن الضغوطات التي ستحاول سحق حياة ونفس المرأة- شيء واحد لا يمكنهن تغييره، حقيقة واحدة لا يمكن تجاهلها وهي كونها إِمرأَة وهي ما هي عليه.
عندما تكون حياتها في خطر تبحث على الحلول والحد من الخطورة عندما تفعل ذلك لا يمكن لأحد التدخل بحياتها لأنها تعرف الخطأ وتستطيع ردعه- تُعيده الى مكانه، لن تعد ساذجة ولم تعد ضحية او هدفًا. إِدراكها هو الدواء الذي يمكنه إنقاذها وإيقافا سفك الدماء بالنهاية.
حدسها هو كنزها، كنز روحها من خلاله ترى بشكلٍ أَصفى، تحفر تحت طبقات الثقافة والاحتلال. تسرد كل زخرفة وكل لوحة شاهدتها، أَحيانًا تنهار القصة تتحوَّل إِلى غُبار جُزءٌ منها يُفقَد أَو يُمحى. غالبًا ما تُحافظ قصتها على شكلها لكنها لا تفقد لونها، لأنه بكل قصة نعثر على الأمل.
[email protected]
أضف تعليق