تُحيي "الأمة" اليوم ويوم، ذكرى مولد الرسول الكريم، صلى الله عليه وآلهِ وسلم .. والسؤال الذي يجب أن يُسأل في هذا اليوم تحديدًا .. أين أمة الرسول من الرسول ؟
ثار الرسول على القبلية التي كانت مشرشة في عرب الجاهلية، وجاء بالآية الكريمة من عند ربّه " إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، فما هو حالنا اليوم؟ تمزقنا القبلية والفئوية والطائفية أكثر من أي أمة أخرى، عدنا إلى القبلية والعائلية بعد وفاة الرسول بأقل من 50 عامًا، مع إقامة دولة بني أمية وما زلنا حتى اليوم.
ثار الرسول على الجهل، وكانت أول الرسائل التي جاء بها "اقرأ"، واليوم في عصر التطور والعولمة، نسبة الأمية في أمة الرسول العربية المسلمة تفوق الـ40% ، ضعف معدل الأمية في العالم، هذا قبل الحروب الأخيرة وما تسببته من دمار مستقبلي لأجيال قادمة تشردت وتحطمت أحلامها.
ثار الرسول على الغش والكذب والسرقة، واليوم يستشري الفساد في الأمة وتتربع دولنا العربية المُسلمة على رأس لائحة دول الفساد في العالم .
ثار الرسول على الكراهية والتخوين والغاء الآخر، ونحن اليوم تقريبًا الأمة الوحيدة التي فيها من يلغي ويذبح من يختلفون معه فكريًا ودينيًا.
ثار الرسول على عادات قريش بالمتاجرة بقُدسية مكة المكرمة بالنسبة للعرب عبدة الأصنام، وتحقيق مآربهم الحياتية عبر هذه التجارة بالدين، واليوم، صارت تجارة الدين لدى المسلمين منهجا، فترى رجال دين، شيوخ، تجار دين، يستخدمون اما سلطتهم الدينية او ألسنتهم وحفظهم لبعض الايات والأحاديث والقصص والفتاوى، لخدمة مآرب سياسية وحياتية في أبشع صور استغلال الدين والمتاجرة به في العصر الحديث.
ثار الرسول على قريش والجاهلية، لكنه بنفس الوقت حافظ على بعض عاداتهم الكريمة كالنخوة والكرم واحترام أشهر الحرم وغيرها، واليوم وبعد 14 قرنًا من مبعث الرسول، لا تحمل الأمة أي من صفات الرسول، ولا تحمل حتى صفات الجاهلية الجيدة.
فضّل الرسول الشام واليمن على سائر بقاع الأرض، وقال في حديث صحيح ومؤكد: اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا "وفي نجدنا؟" قال هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان / الى هنا ما جاء في الحديث الشريف.. واليوم الأمة، ومعظم رجال دينها، ساروا خلف "قرن الشيطان"، فتآمروا على الشام ودمروا فيها ما دمروا ثم سمحوا بشن حرب بشعة على اليمن، دمرتها وأدمتها، على اليمن الفقير المسكين والبائس بغير حرب أصلًا، وكل هذا بصمت الأمة وسكوتها، حولوا اليمن إلى أكبر مأساة إنسانية في التاريخ الحديث، شعب كامل تلتهمه المجاعة والكوليرا والخناق، وما زال المسلمون والعرب على صمتهم .
صنع الرسول بقدومه، أمة قوية، لها اسمها وهيبتها في كل العالم، حولنا من مجموعة قبائل وقطاع طرق إلى أمة .. لكننا عدنا الآن مجموعة قبائل ولصوص وزعران، لا قيمة لنا في العالم ولا هيبة، رغم الأموال والبترول والكثرة العددية .. حتى أن حالنا المضحك وهواننا والدمار الذي نعيش فيه جعل بعض الأقزام والخبثاء يهزأون منا برسومات مسيئة لرسولنا ولنا ونحن حتى كلمة موحدة لا نملك بأن نرد على القوى والدول العنصرية ونفرض احترامنا عليهم .. وأكثر ما قد نفعله، رد فعل فردي ارهابي مهين لرسولنا أكثر من رسومات العنصريين، وتوجيه شتائم لا تقدم ولا تؤخر!
في أمة تستخدم بمعظمها الدين للمظاهر فقط، ويتاجر بعض كبار شيوخها بالدين وفق أهواء أسيادهم، في أمة عادت إلى كل العادات التي ثار ضدها الرسول، وبشكل أسوأ مما كان حتى، هل ما زلنا على دين محمد؟ كم اعتذار يستحق منا هذا الرسول الكريم الذي جاء ليتمم مكارم الأخلاق، وكم بقي في أمته من الأخلاق اليوم؟
#آسفون.
[email protected]
أضف تعليق