بكلمات تأخذ المستمع بعيدا عن متاعب الحياة وبأنغام تحملنا نحو ذكريات تحررت من سجن الزمن، وبأثير متكامل يسرد قصة ثقافتين التقتا كما في الأساطير الخالدة، يهدي إلينا الثنائي الفني العبقري أمل مرقس وفراس زريق في "ناس" عملا فنيا يتراقص بهجة ما بين المشرق والمغرب ومن المقام العربي إلى الارتجال الغربي.
ما إن تخطف أنظارك ألوان هذا الأداء الأبيض والأسود إلا وتجد نفسك بين عمالقة عصر الموسيقى الذهبي، وكأن فريد الأطرش قد التقى بفرانك سيناترا أو أن أم كلثوم بجلالة قدرها قد جلست تتحدث مع إديث بياف. هكذا يعانق صوت سيدة الغناء الفلسطيني أمل مرقس تأليف ابنها الفنان فراس زريق الذي طالما راقص آلته العربية العريقة، القانون، على خطوات الموسيقى العربية وآثار النغمات الغربية.
وهذا هو بحد ذاته ما يجعل أغنية "ناس"، كتأليفا موسيقيا وإخراجا سينمائيا، معجزة فنية في يومنا هذا. فما يرسخ أصالة هذا العمل في الثقافتين الغربية والشرقية هو ثقة المغني والمؤلف، حيث يتجه كل منهم بخطوات متأنية مبنية على موهبة ربانية وموقف يفوح بعبيق الفخر بجذور الهوية العربية التي فردت أجنحتها الإبداعية واحتضنت تاريخ الجاز الغربي صوتا ونغمة.
ولا تتوقف أهمية هذا العمل فقط عند حدود الفن والإبداع، بل إنه يجتاح غوغاء الحروب وصرامة حدود الصحراء لتجذب قلوب المستمعين في صومعة من الحب والالتئام تقهر قرارات الساسة وفتك جوائح الدهور صمتا وسكونا لا يترك تاريخا للظلمة إلا ويحوله إلى مستقبل من الأمل وذكريات تعود إلينا كفارس على جواد الماضي الجميل.
[email protected]
أضف تعليق