يوم الثلاثاء الماضي كانت قرية برقة على موعد مع إرهاب المستوطنين الذين ينشطون بشكل إجرامي خلال موسم قطف الزيتون.
مجموعات من المستوطنين الإرهابيين المسلحين بالأسلحة النارية والعصي وغاز الأعصاب يتوجهون إلى حقول برقة المجاورة لمستوطنتهم، ويحاولون بالقوة منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم ومنع آخرين من قطف زيتونهم، لكن هذا العام ليس كسابقه، فلم يتمكن المستوطنون من إكمال جريمتهم بعد أن تصدى متطوعو «فزعة» لهم.
الفزعة مصطلح فلسطيني لعرف موروث يتمثل بالمساعدة أو التصدي لاعتداء أو إنجاز أعمال تطوعية، وهناك من يطلق عليه أيضاً مصطلح «العونة»، ولا نزال نذكر أهم «الفزعات» خلال الاعتداءات الصهيونية على القرى الفلسطينية في أربعينيات القرن الماضي، حين كانت الجماهير تهب لتلبية نداءات القرى للمساعدة في مواجهة العصابات المعتدية.
الفزعة كما هي، والمتغير هو شكل المعتدين، فمن العصابات قبل النكبة، إلى المستوطنين الإرهابيين بعد ٧٢ على وقوعها.
في برقة وضع الإرهابيون شعارات على قمصانهم منها «أنا ملك هذه الأرض»، «الله أعطانا هذه الأرض»، «أنا ابن الله وأنت عبده»، والملاحظ هنا أن فكرة العبيد مترسخة في الثقافة والمناهج التعليمية الإسرائيلية، حيث يعتبر العرب في نظر الحاخامات والمدارس الدينية الإسرائيلية مجرد عبيد وخدم عند أسيادهم، وهذا مثال صارخ على عنصرية لم تكن موجودة حتى في جنوب إفريقيا.
شباب الفزعة لقنوا الإرهابيين درساً، كان يجب على كل القرى الفلسطينية أن تسير على هذا النهج في ظل إرهاب استيطاني عنصري غير مسبوق.
فزعة موسم ٢٠٢٠ تضم عشرات المتطوعين الشباب، وهي بالأساس تتركز في قرى شمال الضفة الغربية وخاصة قرى نابلس وسلفيت وقلقيلية، حيث الاعتداءات الاستيطانية على أشدها، مجموعة منهم تشارك في قطف الزيتون ومجموعة أخرى تراقب تحركات المستوطنين وتكون على أهبة الاستعداد للتصدي لهم. هذا الوضع عكس مع اعتاد عليه الإرهابيون خلال السنوات الماضية من انسحاب المزارعين أو عدم اقترابهم من الأماكن التي يتجمع فيها المعتدون إلى حد قيام الإرهابيين في كثير من الأحيان بسرقة الثمار بعد قطفها.
الفزعة قلبت الموازين، وأعادت خلق نموذج للتصدي والمواجهة، ما سيغير المعادلة التي فرضتها عصابات تدفيع الثمن الإرهابية الاستيطانية خلال السنوات الماضية، التي تركزت أعمالها الإرهابية داخل القرى الفلسطينية والحقول المجاورة من حرق وتدمير وقطع للأشجار واستيلاء على الأراضي.
المراقب لمجمل الاعتداءات الاستيطانية - وهي بالعشرات يومياً - يدرك أن كل ما يحصل هو بموافقة مبدئية من حكومة الاحتلال وجيشها الذي يراقب من بعيد ويتدخل فقط عندما يشعر بأن المستوطنين في وضع غير جيد، بينما لا تحرك قواته ساكناً عندما يعتدي إرهابيوها على الأطفال والنساء والمزارعين البسطاء، بل إن هناك أحزاباً متعددة وفئات اجتماعية كثيرة في إسرائيل تؤيد هذا الإرهاب.
تجربة «الفزعة» يجب ألا تقتصر على موسم الزيتون، المطلوب من القائمين عليها والفعاليات الوطنية توسيع نطاق هذا الشكل النضالي الشعبي ليشمل مختلف المناطق وخاصة القريبة من المستوطنات، ومن الأهمية تأطيرها، كمنظمة طوعية، أساسها المقاومة الشعبية في مواجهة العربدة الاستيطانية.
لتكن أيضاً تجربة تقسيم الفزعة إلى مراقبين لتحركات زعران المستوطنين أو للقطف جزءاً أصيل من تأطيرها، وتوثيق الاعتداءات والتصدي والمواجهة إضافة للمساعدة في كل الأنشطة الزراعية اليومية.
مطلوب من الجميع حماية هذا الشكل المبدع من النضال الفلسطيني، ودعمه والمشاركة فيه حتى نتمكن من الصمود على أرضنا، وعدم ترك أي فرصة للإرهابيين للنيل من أرضنا ومزارعينا!!
[email protected]
أضف تعليق