استطلاعات الرأي الأخيرة التي نشرتها القناة 12 ليلة الأمس لا تدل فقط على ارتفاع حزب يمينه، واقترابه من حجم اصوات حزب الليكود الحاكم، انما تُظهر ان حزب يمينه يتعاظم على حساب الليكود قليلاً، ولكن بالأساس على حساب كل باقي الأحزاب.
قبل ستة اشهر، في جولة الانتخابات الأخيرة وصل يمينه والليكود معاً الى 42 مقعداً فقط، أما الآن، نرى ان استطلاعات الراي تعطيهم 52 مقعداً، اي ارتفاع ملحوظ بنسبة 24٪. وبذلك ترتفع كتلة اليمين، شاملةً للاحزاب الدينية، الى ما يقارب ال-67 مقعداً، مما يمكنهم من إقامة حكومة يمين ايديولوجي ثابته، بدون شركاء مترددين، أو اصحاب ايديولوجيا مخالفه، او معدومي الايدولوجيا كلياً.
تغير الساحة السياسية الاسرائيلية يبيِّن ان المنافسة على القيادة في اسرائيل اصبحت بين اليمين واليمين، بدون منافسين من كتلة المركز او اليسار. وتقلص دور اليسار الى يسار برلماني معارض في احسن الاحوال، يفقد القدرة على التأثير على مجريات الاحداث السياسية في البلاد.
اليمين الاسرائيلي سينافس بعضه بعضاً حول قضايا شخصية، مثل الطعن بشخص نتنياهو وقضايا فساده القضائية، وقضايا فِكرية محافِظة ودينية، ستنزلق اكثر واكثر في الاتجاه القومي، والفاشي المتقوقع.
حاول اليسار الإسرائيلي في السنوات الاخيرة، وبعد ان تنازل عن مبادئه الحقيقية ان يتبنى اجندات اجتماعية اقتصادية، متناسياً القضية الفلسطينية، ومتغاضياً عن شراكته مع المجتمع العربي، الذي تقوقع بدوره ايضاً. وبذلك اصبح اليسار الاسرائيلي تقليداً رخيصاً لسياسات شعبوية تنعدم رؤيا استراتيجية، واستحضر في الكثير من الاحيان شخصيات ونجوم من الإعلان والعسكر لانقاذ عدد مقاعده.
الا ان كل هذه المحاولات تحطمت عند ملامستهم السقف الزجاجي لطموحهم، ونفسية الانكسار التي تناقلها قادة اليسار في العقد الاخير قادتهم الى الخضوع مرةً تلو الاخرى لإملاءات نتنياهو والدخول معه في تحالفات مُهينة، اذابت قادتهم وقزَّمتهُم واحداً تلو الآخر.
ينقص المجتمع الاسرائيلي تيارا سياسياً جديدا مبني على قواعد الديمقراطية الاجتماعية، بدلاً عن أشباه أو اشلاء الاحزاب القومية، تلك اليهودية من جهة، او العربية من جهة اخرى. على هذا التيار تبني قضايا العدل الاجتماعي، بموازاة طرح حازم لحل القضايا الاقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. ويجب ان يعكس مثل هذا التيار شرائح المجتمع الحقيقية، بعيداً عن المحاصصة المعتمده حالياً بين مركباته الهزيلة.
بدون طرح تيار كبير يشمل كل من يرى نفسه جزءاً من المركز-يسار والعرب في البلاد، لن تقوم لهذه المجموعات قائمة، ولن يكونوا ابداً بدلاء حقيقيين للحكم في اسرائيل، وسيقبعون لسنوات طويلة في خانة المعارضة البرلمانية الصارخة، ولكنها معدومة التأثير. لأن التأثير دائماً يكون بيد من يمسك زمام الأمور في ويدير الحكومة.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
للأسف هذا هو حال العالم بشكل عام وليس خاصًا بأسرائيل فقط
ممكن العرب يقولو .. وين ايامك يا مدبر حلوم .