يعد العلاج بالإبر أسلوبا صينيا تقليديا، وتفترض هذه الممارسة التابعة للطب الصيني وجود "خطوط طول" و"تدفقات طاقية"، فهل تم التحقق فعلا من صحة هذا الأمر؟

وتذكر الكاتبة سيسيل تيبرت في تقريرها -الذي نشرته صحيفة لوفيغارو (lefigaro) الفرنسية- أن الوخز بالإبر يستخدم لعلاج جميع أنواع الأمراض، من آلام الظهر المزمنة إلى هشاشة العظام والصداع النصفي والاضطرابات المرتبطة بالحمل. لكن ما حقيقة هذه الممارسة؟ وكيف يؤثر هذا الفرع من الطب الصيني التقليدي؟ وهل ثبتت فعاليته؟

يقال إن الوخز بالإبر نشأ في الشرق قبل فترة طويلة، وكان موضع اهتمام منذ الستينيات، تحت حكم ماو تسي تونغ. وتعتمد هذه الممارسة على فكرة أن طاقة حيوية تعبر الجسم، تسمى تشي، تنتشر عبر قنوات تسمى خطوط الطول، وقد يتسبب عدم توازن أو انسداد هذه الطاقة في مشاكل صحية.

ويرى رئيس الجمعية الفرنسية للوخز بالإبر جيل أندريس أنه "من خلال معالجة نقاط الوخز بالإبر نطلق الطاقات، وننظم حيوية الأنفاس من أجل جعلها متناغمة". وينفي هذا الطبيب وجود تفسير علمي لهذه التدفقات الطاقية والنقاط.

في الواقع، لم تتمكن أي من الدراسات التي يبلغ عددها 3 آلاف أو نحو ذلك المنشورة منذ عام 1970 تفسير ماهية "التشي"، أو إثبات الوجود المادي لخطوط الطول ونقاط الوخز التي يتجاوز عددها 300 للوخز بالإبر، ليس لهذه المفاهيم المجردة أي حقيقة تشريحية، وقد تطور الطب الصيني في مجتمع يرفض تشريح جسم الإنسان.

نموذج للتشريح

نظرًا لأنهم لم يتمكنوا من فحص الجزء الداخلي من الجسم، فقد طور الصينيون نموذجًا خياليا للغاية للتشريح البشري، كما يشرح الصحفي سيمون سينغ، والطبيب إدزارد إرنست في كتابهما "حقيقة حول الطب البديل" الذي نُشر نهاية عام 2019. وهكذا يمكننا فهم سبب عدم وجود آلية لشرح كيفية عمل الوخز بالإبر. وتم طرح العديد من النظريات (مثل إفراز جزيئات تخفيف الألم الناتجة عن الوخز، وتحفيز الألياف العصبية)، ولكن لم يتم إثبات أي منها.

لم يمنع ذلك العديد من الباحثين من التركيز على الوخز بالإبر. وبين الستينيات والتسعينيات أجريت أغلب الدراسات في الصين، وكان لأغلبها نتائج إيجابية؛ وإثر ذلك طور العلماء إبرًا تلسكوبية قابلة للسحب، والتي تمنحك إحساسًا بالوخز، ولكنها في الواقع لا تخترق الجلد.

علاج وهمي

وتبين الأغلبية العظمى من هذه الدراسات -التي تعد الأفضل في الوقت الحالي- أنه لا يوجد فرق على مستوى الفعالية بين الوخز بالإبر "الحقيقي" والوخز بالإبر "الزائف". لكنها تظهر أيضًا أن هاتين العمليتين مفيدتان أكثر من عدم تلقي العلاج. وفي تقرير نُشر عام 2013، خلصت أكاديمية الطب إلى أن "تأثير الدواء الوهمي هو الآلية الأكثر منطقية لعمل الوخز بالإبر".

يقتصر عمل الوخز بالإبر في فرنسا على الأطباء والقابلات وأطباء الأسنان. ولكن وفقا لأكاديمية الطب، فإن هناك عددا أكبر من المهنيين غير الصحيين الذين يمارسونه (4000 إلى 6000 شخص مقارنة بـ 4000 طبيب). ومع ذلك، ووفقًا لوزارة الصحة، فإن هؤلاء معرضون "للملاحقة القضائية بسبب ممارسة الطب بشكل غير قانوني".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]