الأمر ليس مجرد صدفة، في نشر تقارير متزامنة حول أزمة الاقتصاد الإسرائيلي من خلال تعميم أرقام مذهلة وصادمة تناولها تقرير المكتب المركزي للإحصاءات في الدولة العبرية من بينها إشارات إلى أنّ انكماش الاقتصاد الإسرائيلي سيصل مع نهاية هذا العام إلى 6% ويشكل أكبر نسبة انكماش سنوي منذ قيام الدولة، هذا من جهة، وكذلك نشر توقعات خبراء الاقتصاد في إسرائيل بأنّ اتفاق التطبيع مع دولة الإمارات لن يؤدي فقط إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير بل من شأنه إنقاذ الاقتصاد الإسرائيلي من الانهيار.
منذ أسابيع تنتظم تظاهرات حاشدة هي الأولى من نوعها في دولة الاحتلال تتنقل بين مقر إقامة نتنياهو في شارع بلفور في القدس ومقر سكنه الرسمي في قيساريا.
هذه التظاهرات التي تتشكل من كل أطياف الجمهور الإسرائيلي لما فيها فئات مساندة لليمين الإسرائيلي تطالب نتنياهو بالاستقالة والعودة إلى البيت، وذلك على خلفية ملفات الفساد التي تتراكم في المحاكم إضافة إلى فشله في إدارة شؤون الدولة إزاء أزمة «كورونا» ما أدّى إلى تراجع الأداء الاقتصادي الذي تمثل في إغلاق العديد من المؤسسات الاقتصادية والتمويلية وتزايد نسب البطالة بشكل غير مسبوق لتصل إلى ما يزيد على 22% حسب تقارير البنك الدولي ما أدى إلى تراجع الاقتصاد الإسرائيلي بشكل عام إلى نسبة تقترب من 29% في حين ستصل نسبة النمو الاقتصادي إلى «الصفر» مع الشهور المتبقية من العام الجاري وذلك حسب توقعات كل من بنك إسرائيل ووزارة المالية.
في سياق الجانب الاقتصادي من خطة ابراهام، على الأرجح أن تكون الملفات المتعلقة بالشأن الاقتصادي ذات الأولوية بالمباحثات بين إسرائيل والإمارات، ذلك أن نتنياهو يراهن على أنّ هذه الخطة تستهدف بالنسبة إليه سرعة إنقاذ الوضع الاقتصادي المتأزم الآيل للانهيار والذي يتحمل هو شخصياً مسؤوليته نظراً لفشله في إدارة شؤون الدولة في إطار أزمة «كورونا» وتداعياتها التي تشير على نطاق واسع إلى أنّ حلول أزمة اقتصاد الدولة العبرية مستعصية دون خطوات لم تجرب في السابق.
ويأتي اتفاق التطبيع مع الإمارات كمنقذ أشبه بالحلم من غرق هذا الاقتصاد ما يتطلب السرعة في التوصل إلى اتفاقات تهدف إلى إنقاذه قبل السقوط وذلك قبل أي اتفاق على الملفات الأخرى رغم أهميتها.
يؤكد نتنياهو هذا الإنقاذ السريع عندما قال في مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي أنّ الإمارات تعتبر من الدول الأكثر تقدماً في العالم ومع قدرة استثنائية على الاستثمار ومع إرادة جارفة - حسب وصفه - للاستثمار في إسرائيل في العديد من المجالات، ما يشكل مخرجاً من الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا. وقال متابعاً: نحن نفتح سوقاً اقتصادية كبيرة في المنطقة عبر الإمارات.
خبراء الاقتصاد في إسرائيل يؤكدون صحة رهانات نتنياهو، فقد أشارت صحيفة «غلوبس» المتخصصة بالشؤون الاقتصادية والمالية الإسرائيلية إلى أنّ الإمارات ستوفر لإسرائيل جسراً رسمياً وثابتاً إلى العالم العربي وتحديداً إلى الدول الخليجية، وإنّ التعاون بينهما سيتركز على الملف الاقتصادي في سياق المجالات الأمنية والعسكرية والسيبرانية «على اعتبار أن شركة الوسائل القتالية رفائيل وشركة الصناعات الجوية وشركات السايبر هي التي تحتكر معظم الأنشطة الاقتصادية التعاونية مع الإمارات حتى قبل خطة أبراهام.
الأحاديث المسهبة من قبل نتنياهو حول خطوط الطيران بين الإمارات وإسرائيل ودعوة الحجاج المسلمين للقدوم عبر هذه الخطوط للصلاة في القدس من شأنها حسب تغريدة له أن تغير من طبيعة الاقتصاد الاسرائيلي متوقعاً حجماً هائلاً من الاستثمارات والسياحة بين الطرفين، أما تأكيده على أن الرحلات الجوية بين الإمارات وإسرائيل ستسير من خلال الأجواء السعودية فهي إشارة واضحة إلى أن خطة أبراهام ستتسع لمزيد من سقوط دول عربية أخرى في وحل التطبيع، والقائمة أصبحت أكثر تحديداً ووضوحاً.
أما حديث نتنياهو عن السلام مقابل السلام كبديل عن السلام مقابل الأرض وتأكيده أنّ السلام صنعه بالقوة فهذا يعني أنّ الإمارات ملزمة وبالقوة بإنقاذ الاقتصاد الإسرائيلي من الانهيار.
[email protected]
أضف تعليق