رماح يصوّبها- معين أبو عبيد
بيروت تنزف وتستغيث
*عروس البحر تنزق نتيجة اغتصابها
*مظاهرات واحتجاجات عنيقه ضد النظام
*دمار نصف بيروت وأوضاع ماساويه

هذا الأسبوع رُفعت الستارة عن مشهد أسود مؤلم لا يشبه أي مشهد آخر، من الصعب وصفه واستيعابه، انفجار ضخم فجر الهدوء الذي خيم على العاصمة اللبنانية، بيروت، عروس البحر، باريس الثانية، فلم يحنِ فقط أشجار الأرز الباسقة، وإنما المباني وحرق الأخضر واليابس لتصبح بيروت مدينة منكوبة وركاما.
هذا المشهد، الذي حرك مشاعر العالم على كافة المستويات والأصعدة في مقدمتها زيارة الرئيس الفرنسي، إرسال عدد من الدول المساعدات الإنسانية، وعد البنك الدولي ونيته تمويل لبنان لإعادة إعماره، إضاءة مبنى بلدية تل أبيب بلون العلم اللبناني الذي أثار، كما هو متوقع، ردود فعل بين مؤيد ومعارض.
وتعود أسباب الانفجار الضخم الذي سُمع في جزيرة قبرص والمنطقة المجاورة كما يبدو إلى وجود 2750 طنا من نتران الأمونيوم في مستودع ميناء بيروت نتج عنه بالإضافة إلى دمار نصف بيروت، استشهاد أكثر من 160 شخصا وإصابة ما يزيد عن 6000 شخص، غير المفقودين تحت الأنقاض، فقدان 11000 عائلة عملها وتشريد آلاف العائلات نتيجة دمار بيوتهم، إذ يتوقع أن تصل تكاليف إعادة إعمار ما خلفه هذا الانفجار إلى 20 مليار دولار .
نعم، عروس البحر تنزف ليس بسبب زواجها من أرز لبنان وأصحاب الأقلام والرأي المفكرين الأدباء والموسيقيين وأصحاب القلوب والضمائر، وإنما بسبب اغتصابها من قبل السلطة الفاشلة التي تفتقر لرؤيا سياسية وتورطها بالفساد مع كون جل همها المحافظة على مصلحتها الشخصية والتمسك بالكرسي، ناهيك عن دعمها بصورة مباشرة وغير مباشرة بفئة دمرت ماضي، حاضر، ومستقبل لبنان سياسيا، تربويا، اجتماعيا واقتصاديا وجعلت دماء عروس البحر تستغيث وتنزف ليختلط بمياه البحر الجبار والذي يخفي أسرارا ، لكنه لم يستطع أن يغسل وينقي دماء الأبرياء، والتاريخ يذكر ولا يرحم.
لا شك أن الشعب اللبناني ضحية لسلطة دمى، لا آذان لها، ولا عيون، ولا قلب، إذ أدخلته في أزمات، انقسامات، خلافات، وتحديات وسط مخاوف أكيدة وقريبة تهدده بالانهيار. إذ كثرت البطالة وتراجعت نسبة النمو الاقتصادي، وتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين، مع ظهور مؤشّرات للنقص في السلع الأساسية أدّت إلى مظاهرات واشتباكات مع قوات الأمن والاعتداء على المؤسسات الحكومية، ومطالبة الشعب الحكومة بالاستقالة، وفعلا قدّم بعض الوزراء والنواب استقالتهم.
تبقى هناك أسئلة كثيرة ومتشعبة منها : تزامن الانفجار مع إصدار حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رفيق الحريري عام 2005؟ علاقة السفينة وشحنتها التي يزعم أنها مصادرة والتي تثير الشكوك والتساؤلات، معارضة بعض الشخصيات بـأن تكون لجنة التحقيق دولية .
صدى انفجار بيروت سيظل عالقًا، ويحتل صدارة عناوين الصحف والمواقع وحديث الساعة وأغاني الشحرورة، فيروز، الحلاني، علامة، وديع الصافي، ماجدة الرومي وغيرهم تسمع في أزقة وأحياء وشوارع ومرفأ بيروت.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]