بقلم: عبد اللطيف حصري
أظهرت حرب البيانات بين مركبات المشتركة قصورا غير مسبوق بالعمل البرلماني رغم التمثيل غير المسبوق أيضا. ولن أتوقف عند بيان التجمع المرتبك، إذ لا يعزز شيئا سوى الاحباط من التوصية على جانتس، ولا عند بيان العربية للتغيير والذي لا يتجاوز تلك الدعاية التجارية السمجة "تمشي مع وتشعر بدون"، لكن وبعد أن بات واضحا ان القانون يتحدث عن "منع العلاج القسري للمثليين"، بما يحمله هذا "العلاج" من مخاطر وشعوذة وشذوذ ولا شيء آخر غير ذلك، كان بامكان الاسلامية معارضة القانون دون اللجوء الى تشويه مواقف الشركاء. وهذا محك أساسي للنزاهة بالعمل المشترك، وفي أساسيات العمل البرلماني.

كلام خطير يعكس عدم صدق وانعدام مصداقية وانزلاق نحو مستنقع التكفير 

متهما كل من صوت أو إمتنع عن التصويت لصالح قانون "(منع العلاج القسري للمثليين)، كتب منصور عباس: "تشجيع نشر الفاحشة والشذوذ بين الناس والاجرام بحق الدين والمجتمع"، وفي تصوري هذا كلام خطير يعكس عدم صدق وانعدام مصداقية وانزلاق نحو مستنقع التكفير والتخوين، الذي تقوده فئات من خارج العمل البرلماني لا تتورع عن الكذب والتزوير بهدف تسفيه العمل البرلماني، وبالتالي تلعب في ملعب اليمين المتطرف الحالم ببرلمان نظيف من العرب، وليس نقاشي الآن مع تلك الفئات. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فانه يعكس فوضى وعدم انسجام بين مركبات المشتركة الى حد عدم الثقة، والأخطر من ذلك الى حد عدم استثمار العمل البرلماني كأداة بيد الجماهير التي أرسلت ممثليها الى هناك بالشكل المطلوب.

هل سنرى خمسة عشر صوتا مبدئيا معارضا لهذا القانون الفاشي؟

لا أسعى الى تحميل النواب العرب فوق طاقاتهم، لكن ذلك لا يعفيهم من دراسة تجربة من سبقوهم في هذا المعترك والاستفادة منها، ولا يعفيهم من الاستعانة بطواقم مهنية قادرة على تفكيك النص بدلا من توظيفات المصلحة، لذا سأتوقف عند نموذجين للتصويت على مشاريع قوانين لتسليط الضوء على سلوكيات في تصوري ما زالت غير ناضجة وغير مدركة لحجم مسؤولياتها، الأول سابق والآخر لاحق، من سياقات العمل البرلماني الجاري، وليست من سياقات صارخة مثل قانون القومة أو قانون منع الآذان.
في النموذج الأول: إعتادت كتلة الجبهة منذ أيام توفيق طوبي وماير فلنر، تقديم مشروع قانون مع بداية كل دورة للكنيست، ومع انتهاء الفترة القانونية لطرحه مجددا بعد سقوطه، وأعني قانون مجزرة كفر قاسم، والذي يحمل حكومة اسرائيل كامل المسؤولية عن المجزرة وتبعاتها ويطالبها بالاعتراف بجريمتها كحكومة ودولة. وأعلم جيدا ان كتلة الجبهة بقيادة الرفيق محمد بركة واصلت هذا التقليد بثبات. للحقيقة لا أعرف اذا ما استمرت الكتلة بطرح هذا المشروع أم لا، لكن من المهم الاشارة الى الحقيقة التالية: لم تساور كتلة الجبهة شكوكا ان الائتلاف الحكومي لن يعمل كل ما بوسعه لإسقاط مشروع القانون، لكن لم تأل الكتلة جهدا في التجنيد ولو صوتا واحدا اضافيا لمصلحة القانون، ولم يكن واردا ابدا التغيب عن التصويت، ولا حتى بتلك الطريقة المبتذلة، بالمعاوضة أو الاختزال.
وفي النموذج الآخر: سيكون من المثير النظر الى كيفية تصويت نواب المشتركة ككتلة وكأحزاب وكأفراد، يوم الأربعاء القريب، على مشروع قانون أييلت شاكيد (بند التّغليب – פסקת ההתגברות)، والذي يتيح للكنيست سن قانون بعدما أسقطته المحكمة العليا، وهل سينظر اليها أعضاء من المشتركة كحرب يهودية – يهودية، ويلجأ الى ابتذال الاختزال بالمعاوضة؟ أم سنرى خمسة عشر صوتا مبدئيا معارضا لهذا القانون الفاشي؟
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]