ليس من قبيل المبالغة القول: إن مجال الاقتصاد من أصعب التخصصات والمهن سواء في المجال الأكاديمي او العملي المهني. ففي الدول النامية يتم انتقاء أصحاب القدرات الاقتصادية كما يتم اختيار رجال الأمن المحترفين في الأماكن الحساسة. والمنافسة في مجال الاقتصاد حامية الوطيس وبالغة الصعوبة وتصل الى درجه الشراسة. لذلك يدرج النشر في المجلات العلمية الاقتصادية الاول من حيث درجات الصعوبة مقارنه بباقي المجالات. وسواء في الدول النامية أم في غيرها تجد أن الاقتصاديين نوعان:
الأول: هو الاقتصادي الذي يتماشى مع كل تيار ويدافع عنه أو يبتعد عنه، يبتعد عن النقد ويتحاشاه كي لا يخسر من شبكته الاقتصادية الخاصة المكرسة أساسا لخدمة تقدمه وتطوره الشخصي. فيلتزم الصمت وينأى بنفسه عن خطط اقتصادية حكومية غير مجدية وغير فعالة على سبيل المثال.
النوع الآخر: هو الاقتصادي الذي يتماشى مع الرأي الحر فتراه ينتقد بشكل مهني ويكون لاذعا أحيانا ولا يتماشى مع خطط غير ناجحة وهذا حتما سيؤدي لخسارة على حساب شبكته الاقتصادية والاجتماعية. لكن هذا النوع - على الأغلب- يكون بارعا في مجال الأبحاث ويتصدر مكانة علمية مرموقة.
بناءً على ما سبق، يتضح لنا بجلاء تام الفرق الرهيب بين المهنيّة والتطرّف، والفرق الشاسع بين التمايل والتمايع من جهة والاستقامة المهنية من ناحية أُخرى، وكذلك الفرق العميق بين عاطفة الأداء، واستراتيجيّة الأداء.
وينكشف كذلك ويتعرّى واقع بعض السياسيين الذين يهربون من التعامل مع العلماء من (النوع الثاني) لضعف أُولئك السياسيين وقلة فكرهم. لقد ورد في علم النّفْس ما يدل على الضعف وعدم الاتزان العقليّ الذي يعاني منه هؤلاء السياسيون ( قليلو الحيلة) في تفسير هروبهم من النوع الثاني من علماء الاقتصاد، فينهالون عليهم بتهم التطرف والتمايل والعاطفة... وإنني في هذا السياق أنصحهم بقراءة كتب أكثر في علم النفس.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]