سامية عرموش

شاركت مؤخرا في دورة "ستايلينج" عن بعد، كان عنوانها : " كيف تهتمي بمظهرك خلال فترة كورونا" ، وبالفعل قدمت خبيرة المظهر عدة نصائح عملية لترتيب الخزائن ، وتنسيق الملابس، واغتنام الوقت الطويل الذي ملكناه خلال فترة الحجر الصحي للاهتمام بمظهرنا والعمل على تجربة تنسيقات ملابس مختلفة، مع التركيز على الاردية الموجودة وعدم شراء المزيد منها!
وكنت خلال الفترة الفائتة قد تبنيت فكرة "المينيماليزم" (التقليلية، البساطة) كأسلوب حياة، مما دفعني الى تغيير سلوكياتي الاستهلاكية، خاصة فيما يتعلق باقتناء الملابس!
ووجدت نفسي ابحث واطالع وأنمي اهتمامي هذا، حتى انكشفت على عشرات المصادر، المعطيات والاحصائيات المقلقة، التي تشير الى أنّ قطاع الأزياء هو ثاني أكثر الصّناعات المسبّبة للتلوّث في العالم بعد البترول.
فقد وجدت دراسة حديثة، أجرتها مؤسسة "إلين ماك آرثر" أن قطاع الملابس مسؤول عن 92 مليون طن من النفايات الصلبة التي يتم إلقاؤها في مدافن النفايات كل عام، ما يسبب أضرارًا بيئية بالغة على الموارد الطبيعية مثل المياه الجوفية والتربة والهواء، ولسوء الحظ، فإن المشكلة لا تتوقف عند هذا الحد، فهناك الكثير من الأضرار التي تسببها الطريقة التي نستهلك بها الملابس.
فعلى سبيل المثال، يتسبب امتناع الواحد منّا عن الظّهور بين الناس بالزيّ نفسه مرتين، بإرسال 11 مليون قطعة ملابس إلى مطامر النّفايات أسبوعياً!
يضاف إلى ذلك حقائق أخرى لا تقل خطورة عما اسلفت، إذ يحتاج إنتاج قطعة واحدة من الملابس القطنية إلى ألفين و700 لتر من المياه، وهي كمية يشربها الإنسان في عامين ونصف، كما يتم استهلاك 5 تريليونات من المياه سنويًا في صباغة الأقمشة، إذ يكفي هذا القدر لملء مليوني حوض سباحة أوليمبي. (نون بوست ، 2019)
اما مصادر أخرى، فقد قدرت كمية الملابس المستهلكة في العالم بنحو 80 بليون قطعة ملابس سنوياً، رقم ضخم يجعلنا نتوقف ونتساءل ما اذا كنا نحتاج فعلا الى هذه الكميات الهائلة من الملابس؟
وليس هذا حسب، فتبعاً لوكالة حماية البيئة في عام 2013 وحده، كان هناك 15.1 مليون من نفايات الملابس... سيسأل البعض.. طيب وايش فيها؟؟ وين الخطورة بالموضوع؟؟
والصراحة... انا كمان ما كنت اعرف زي مئات الملايين من الناس الي ما بتعرف أصلا وين الخطورة!
وعودة الى تلويث الجو بسبب صناعة الموضة، حيث ينتج عنها حجم تلوث مساوي للتلوث الناتج من الطائرات والنقل البحري معًا، ومع تزايد الاستهلاك سنويًا يُتوقع ارتفاع الاستهلاك من عام 2015 إلى عام 2030 بنسبة حوالي 100%، حيث يتطلب ذلك استخدام 35% أكثر من الأراضي و50% مياه أكثر. (مصادر).
وكل ذلك يحدث لأننا تحولنا الى مستهلكين شرهين ونهمين، كل ما يهمنا هو مواكبة الموضة، بدون وعي وترشيد، وذلك بفعل التأثير الشديد للمنافسة التي تديرها شبكات ودور الأزياء المختلفة حول العالم، علينا والتي حولت مواسم الموضة، من اربعة إلى 52 موسماً سنويًا، وبعض الشبكات لديها مواسم أسبوعية ، أي موضة جديدة كل اسبوع، وهذا ما يُعرف بالموضة السريعة أو Fast Fashion ، وهو مصطلح يعبر عن سرعة انتقال تصاميم موضة الملابس الجديدة من صالات عرض الأزياء، لكي تصبح صيحة موضة حالية يتبعها متابعو الأزياء حول العالم، لتشبع متطلباتهم ورغباتهم ، وتكون بسعر يتحمله المستهلك حتى يسمح لنفسه بشراء المزيد والمزيد.
والى جانب بعض الاضرار البيئية لتي ذكرتها في مقالتي، فهناك استغلال فظيع ورهيب لمن يعمل في هذا القطاع، لساعات طويلة مقابل رواتب زهيدة جدا، بدون شروط ولا ضمانات، اضف الى التحرشات الجنسية التي قد تتعرض لها العاملات البسيطات في مصانع الملبوسات ، كل هذا يحدث واكثر وافظع ونحن نشتري لنلبس القطعة لمرة واحدة قبل ان نهملها او نرميها !
مادة للتفكير..

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]