نعيش في أيام صعبة، مليئة بالتحديات، ليس فقط بسبب تفشي جائحة الكورونا، والتي تهدد حيواتنا الشخصية والصحية والنفسية لإسقاطاتها على كافة مجالات الحياة، انما لإنتشار وباء العنف، فهل تذكرون متى كانت آخر جريمة في مجتمعنا العربي؟! أمس، وأول أمس، وقبل يومين، وقبل ساعة وفي لحظة، منذ مطلع العام الحالي 43 أم بكت، لفقدانها 43 ابن لها!
بغض النظر عن المذنب، أو غير المذنب، بغض النظر عن التفاصيل والحيثيات والجريمة واسبابها، أحدثكم انا كأم، بدأت مشوار الأمومة بـ 9 اشهر عصيبة، مليئة بالألم والتغييرات الجسدية والنفسية، لتستقبل إلى هذا العالم كائن صغير يقلب إلى محور حياتها، ليصبح فرحه من فرحها، ضحكته من ضحكتها، الآمه ليست الامه وحده، إنما الآم والدته، حتى أبسط الأمور: نجاحه في الامتحان تتحوّل إلى نجاح شخص آخر، والدته!.
مع كل مرة فيها أقرأ الإعلام عن وفاة أو مصرع شخص، أو ما يدور في ذهني هي والداته، او ما نسميها باللغة العامية "حسرة الوالدة"، الأسماء التالية لفتت نظري بشكل كبير، كأم، اليست كفيلة ايضًا أن تلفت نظرنكم، تدفعكم إلى العمل سوية للعمل على وقف العنف: محمود العبيد، حمادة طه، ساهر أبو القيعان، شادية أبو سريحان، عبدالمنعم الجرابعة، محمود مبرشم، عودة أبو جليدان، رسمي الاسد، نبيل عماش، نسرين جباره، محيي بدران، محمد الشمالي، زمزم محاميد، محمد سلمان، تمام جبالي، اشرف عماش، محمد مصباح، ميرفت الدسوقي، نفين العمراني، احمد أبو قطيش، محمد جعو، سلامة أبو كف، عوفر أبو سعدة، كارلوس تميمي، محمود عدوي، مصطفى يونس، نور أبو القيعان، عميد فاضل، عبد الرحيم شلبايه، صالح جربان، يوسف حصارمة، امير امون، اياد الحلاق، رفيف قراعين، نهاد الشمالي، جبريل عكاشة، رائد عبداللطيف، خليل عبدالفتاح خليل، روان الكتناني، فريد خلاف، ادهم ناطور، محمد رائد وتد، مالك سعيد ابو الفول.
لا يكفِ أن نتسائل ماذا تفعل لجنة المتابعة للجم ووقف العنف، أو ماذا تفعل المشتركة لذلك، لا يكفِ أن نلوم الشرطة، وهي ملامة، ولا يكف أن نشير بأصابع الإتهام إلى أحد، حان الوقت لنسأل أين دورنا كامهات، بالمحصلة نحن "من نشرب كأس الموت"، نحن نتذوق الم الفراق، نحن نعيش على بقايا رائحة ابن أو ابنة.
لربما حان الوقت لقيام حراك نسائيّ، لا ننادي به بمساواة المرأة بالرجل، لا نرفع شعارات سياسية، لا نرفع مطالب عينية، لا نطالب بتسويات سياسية من الحكومات، نطالب ابسط من كل هذا وأهم من كل هذا، رحمة ورفقة بأبنائا، الحفاظ على حياتهم، على مستقبلهم.
نطالب بالحفاظ على حياة ابنائنا، منهم أنفسهم، من المؤسسة، من كل من تسول له نفسه أن يسلب روحًا ويترك أم تأن من الألم، يدفع بيوتًا إلى الانهيار، ويحرمنا ضحكتهم وضحكة أطفالهن.
إلى متى سنبقى في عجز وتسليم من أمرنا؟! بدون انّ ننتفض ونحدث زلزالا يفجر مشاعر الغضب فينا؟! لن نغير أي شيء، وقريبًا ستبكي أم أخرى، وأخت أخرى، وتحزن عائلة، ويفور بركان الدم وهكذا دواليك. حان الوقت لنغيّر هذا المجتمع غير المبالي، والذي بات يعد الجرائم والانتظار بصمت لصرخة أم ثانية.
[email protected]
أضف تعليق