لم تعد خطة الضم الإسرائيلية لمعظم مناطق الضفة الغربية المحتلة تجد معارضة متزايدة لها داخل حكومة الائتلاف فحسب، خاصة في أوساط "أزرق - أبيض"، كذلك لم تتوقف الانتقادات لهذه الخطة من قبل المعارضة بزعامة يائير لابيد، ولم يعد هذا الخلاف في أوساط اليمين من جهة وما يسمى اليسار أو الوسط من جهة أخرى بل إن هذه الخلافات والانتقادات للخطة باتت عنوان الاشتباك الداخلي لدى أوساط اليمين بزعامة نتنياهو، أكثر من ذلك فإن هذه الخطة لم تعد تشكل خلافاً بين اليمين التقليدي واليمين الاستيطاني فحسب ذلك أنها امتدت لتنال من وحدة المستوطنين أنفسهم، وبينما يشير نتنياهو إلى أنه ليس هناك ضوء أخضر أميركي لفرض السيادة الاسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية المحتلة فإن مثل هذا الضوء الأخضر لم يزل محجوباً في السياق الداخلي الإسرائيلي وعلى الأخص على مستوى المستوطنين أنفسهم.
آخر محاولات نتنياهو لتوحيد جبهة الضم المنقسمة تمثلت في اجتماعه مع قادة المستوطنين ومجالس المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة بهدف استمالتهم في المواجهة مع قيادة مجلس المستوطنات الذي سبق وأن اجتمع معه عندما أعرب قادته عن معارضتهم لخطة الضم بل زادوا على ذلك باتهام ترامب بالتخلي عن المصالح الإسرائيلية، بهذا الشأن في اجتماعه المشار إليه مع بعض قادة المستوطنين أعرب هؤلاء عن تأييدهم المطلق وبلا حدود لعملية الضم وخطة ترامب ودعمهم لنتنياهو في المواجهة مع مجلس "يشع"، في الواقع أنّ هؤلاء أكثر أهمية وتمثيلاً من قيادة مجلس المستوطنات المعارض للضم كونهم يترأسون أهم وأوسع المجالس الاستيطانية مثل مستوطنات: "الكنا" المقامة على أرض سلفيت و"أورانيت" المقامة على أراضي قلقيلية و"أرئيل" جنوب نابلس، هؤلاء يقللون من حجم مجلس "يشع" ويعتبرونه أقل منزلة وتأثيراً كونهم رؤساء لمجالس مستوطنات صغيرة.
المستوطنون الداعمون لخطة "الضم" يعتبرون أنّ مجلس "يشع" بات يشكل خطراً على تنفيذ خطة ترامب ولا يقدرون هذه الخطة ومزاياها ومنافعها لدولة الاحتلال إذ إنّ هذه الخطة من وجهة نظرهم تعتبر فرصة تاريخية انتظروها لأكثر من خمسين عاماً وهي الخطة التي من شأنها الحصول على مواطنة متساوية في إشارة إلى أنّ الوضع الحالي يضع المستوطنات والمستوطنين تحت قوانين وإجراءات الإدارة المدنية للجيش الإسرائيلي وليس وفقاً للقانون المدني العام بينما الضم يحول المستوطنين إلى مواطنين عاديين، ثم انّ "دولة فلسطينية لن تتحقق" فلماذا كل هذا التخوف هكذا يرد هؤلاء على مجلس المستوطنات الذي يركز على مخاطر خطة الضم ويعارضها بكل شدة.
وهناك مبررات أساسية ثلاثة لرفض مجلس المستوطنات خطة الضم تتلخص في أنّ هناك دولة فلسطينية بموجبها حتى لو كانت ممزقة وحتى لو رفض نتنياهو اسم دولة عليها إلاّ أنّ الولايات المتحدة تطلق عليها دولة فلسطينية، وهذا سبب كاف لرفضها، وهناك أيضاً تجميد للاستيطان أثناء تنفيذ الخطة ومع أن نتنياهو قال، إن الاستيطان لن يتوقف إلاّ أن الرقابة الأميركية على تنفيذ الخطة تجعل من كلام نتنياهو في هذا الشأن لا قيمة له، كما أن الخطة تقضي بوجود 15 بؤرة استيطانية حددتها الخطة الأميركية على أنها جيوب إسرائيلية في قلب المناطق الفلسطينية، يتساءل هؤلاء كيف يمكن لهم الإقامة والسكن والعمل والانتقال من وإلى وسط التجمعات السكنية الفلسطينية، هذه الأسباب الثلاثة الأساسية توفر أسبابا حقيقية وجدية من وجهة نظرهم لرفضهم عملية الضم وفقاً لخطة ترامب.
[email protected]
أضف تعليق