يشير كثير من الأمريكان الذين يشكّون في السّيناريو الذي قدَّمته الحكومة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى أنَّ هناك دليلاً يشير إلى أنَّ مسؤولين حكوميّين قد تأمَّلوا جديَّاً في احتمال القيام بعمليات إرهابيَّة على الأراضي الأمريكيَّة. ومن أكثر الكتب التي يُستشهد بها في هذا المقام الكتاب الذي ألَّفه الصَّحفيّ القديم جيمس بامفورد وعنوانه: "مجموعة أسرار" والذي نُشِرَ عام 2001 قبيل هجمات الحادي عشر من سبتمبر. أنظر كتاب:
JAMES BAMFORD, BODY OF SECRETS
.(NEW YORK: DOUBLEDAY, 2001)
ويكشف بامفورد في ذلك الكتاب عن أنَّ كبار صانعي السّياسة في الولايات المتّحدة في يناير/كانون ثاني من عام 1961 قد بحثوا خُطَّة مرعبة في شَنّ هجوم إرهابيّ على مواطنين أمريكيِّين واتّهام الشيوعيّ فيديل كاسترو بتدبيرها.
ومع أنَّ كتاب بامفورد قد لقيَ بعض الاهتمام الإعلاميِّ المحدود، إلّا أنّ ما ورد فيه حول تلك الحملة الارهابيَّة الفظيعة التي اقترحها رئيس هيئة الأركان المشتركة في ذلك الوقت الفريق ليمان ليمنيتزر قد أُخمدت تماماً.
وليمنتزر هذا- يقال بأنَّه يهوديّ- ظهر فيما بعد كعضو في لجنة المحافظين الجدد حول الخطر الحال، وهي المجموعة الضاغطة التي روَّجت للسّياسات التي اقترحها الفريق (ب) الذي شكَّله ريتشارد بيرل والذي هو أيضاً يهوديّ ومن المعروفين من المحافظين الجدد.
وعلى أيَّة حال، إليكم ما كتبَهُ بامفورد:
"بحسب ما جاءَ في الوثائق التي حصلنا عليها في أثناء تأليف هذا الكتاب، فإنَّ ليمنتزر وهيئة الأركان قد اقترحوا سرَّاً أنْ يتمَّ افتعال هجوم على قاعدة بحريَّة أمريكيَّة في خليج غوانتانمو التابع لأمريكا في كوبا، ومن ثمَّ توجيه الّلوم بالمسؤوليَّة عن هذا العمل الإرهابيّ إلى كاسترو. ولن يتردَّد الشعب الأمريكي المقتنع بأنَّ كوبا هي التي شَنَّت هذا الهجوم غير المبرَّر على الولايات المتَّحدة في تقديم دعم كامل لشنّ حرب دمويّة في الخليج الكاريبيّ. وبعد كل ذلك، من سيصدِّق نفي كاسترو مقابل ما توصَّلت إليه القيادة العسكريَّة العليا في البنتاغون؟
لقد اقترحت القيادة العسكريّة العليا في البلاد القيام بحرب كانت ستحصد عدداً كبيراً من الجنود تأسيساً على أكاذيب مختلقة. وفي 19 يناير/كانون ثاني، وقبيل ساعات من انتهاء فترة ولاية الرئيس الأمريكي آنذاك دوايت آيزنهاور، أصدر ليمنتزر موافقته على الخطَّة. وكما تتابعت الأحداث، فإنَّ الخطَّة كانت تشكّل فقط قمَّة جبل الجليد المخفيّ تحت الماء" (انظر نفس الكتاب ص71).
وقد احتفظ ليمنتزر الذي يصف نفسهُ بانه "مخطّط خياليّ" بتلك الخطَّة في مكان آمِنْ. إلَّا أنّه وبعد النّكسة التي تعرَّضت لها حكومة كندي إثر فشل عملية خليج الخنازير والتي قَوَّت من شوكة كاسترو أكثر من أيّ وقت مضى، أعاد ليمنتزر إحياء خطّته القديمة تحت عنوان "عمليَّة نورثوودز". ويعلِّق بامفورد قائلاً: "إنَّ الخطَّة التي حظيت بموافقة رئيس هيئة الأركان المشتركة وأعضاء الهيئة، دعت إلى: قتل مواطنين أبرياء في شوارع أمريكيَّة، وإلى إغراق قوارب تحمل لاجئين كوبيِّين في أعالي البحار، وإلى موجة من الإرهاب العنيف في واشنطن العاصمة ومدينة ميامي وغيرها. وتلفيق التهم بالقيام بتفجيرات إلى أشخاص أبرياء لم يرتكبوها، وإلى اختطاف طائرات. وعن طريق استخدام أدلَّة ملفَّقة، يتم توجيه الّلوم إلى كاسترو، والنتيجة هي إضفاء الشرعيَّة وتقديم المبرِّر والدّعم المحلّيّ والدوليّ اللازم إلى عصابَة ليمنتزر لشنّ الحرب (أنظر الكتاب نفسه ص82).
ومِمَّا يجعل هذا الأمر أكثر إرباكاً هو أن هذه الخطَّة الوحشيَّة لم تكن من بنات أفكار "جندي مجنون" داخل الجيش. وبحسب تقديرات بامفورد، "فإنَّ الفكرة تعود في أصلها إلى الرئيس آيزنهاور في آخر أيّام ولايته" (انظر نفس المصدر). ويذكر بامفورد أن آيزنهاور كان مصمِّماً على احتلال كوبا وأنه إذا لم يقدم كاسترو المسوّغ للقيام بذلك قبل تنصيب الرئيس المنتخب حديثاً الرئيس جون كندي، فإنَّ آيزنهاور يقترح أن تفكِّر الولايات المتَّحدة "باختلاق شيء ما يمكن أن يكون مسوِّغاً مقبولاً" (أنظر نفس المصدر ص83).
ويكتب بامفورد: أن ما اقترحه آيزنهاور كان "القيام بهجوم أو تفجير بالقنابل، أو عمل تخريبيّ تقوم به الولايات المتحدة سرّاَ ضد أهداف أمريكيَّة. والهدف منه هو تقديم المسوّغ لشنِّ حرب على كوبا. وقد كان اقتراحاً خطيراً من رئيس يائس كما كان ليمنتزر التابع لآيزنهاور مستعدَّاً لتنفيذ تلك الخطّة (أنظر نفس المصدر).
لقد كان ليمنتزر يضع في حسبانه احتمال القيام بأعمال إرهابيَّة على الأراضي الأمريكيَّة من قبل أمريكيّين ضد مواطنين أمريكيِّين- واتهام كاسترو بها.
إنَّ هذه المؤامرة الإرهابيَّة ضد المواطنين الأمريكيّين اقترحها ليمنتزر ومستشاروه الذين اقترحوا الآتي:
"يمكننا تطوير حملة إرهابيَّة شيوعيَّة كوبيَّة في مناطق ميامي وغيرها من مدن فلوريدا وحتى في واشنطن. ويمكن أن تستهدف الحملة الإرهابيّة اللاجئين الكوبيّين الذين يقصدون الولايات المتحدة كملاذّ آمِنْ..... ويمكننا أن نُغرقَ قاربَاً محمّلاً باللاجئين وهو في عرض البحر.... ويمكننا أيضاً استهداف حياة بعض اللاجئين في الولايات المتحدة وإشاعتها على نطاق واسع في وسائل الإعلام" (أنظر المرجع السابق ص84- ص85).
ويتابع بامفورد بأنَّه قد تمّ اقتراح القيام بالتفجيرات، ولعلَّ الأبرز من بين المقترحات هو اختطاف طائرات.
وسواء وصلت مقترحات ليمنتزر إلى الرئيس كيندي ام لم تصل هو أمر غير معلوم، إلا أنَّه من الواضح أن الرئيس كيندي لم يكن معجباً بالجنرال المتعطّش للحرب، بدليل أنَّه لم يجدّد له رئاسة هيئة الأركان المشتركة.
ومع ذلك، فقد استمرَّ "المفكّرون" الذين يتشابهون في تفكيرهم تفكير ليمنتزر في وزارة الدِّفاع واستمرّوا في وضع الخطط التي تقَدّم إلى القيادة العسكريَّة والمصمِّمة لشنِّ حرب من خلال هجمات إرهابيَّة مفتعلة.
وفي النهاية، فإنه يبدو ان تلك الخطط لم تتعدّ مرحلة التخطيط، على الأقل فيما يخصّ المسألة الكوبيَّة.
وقد برز التساؤل من جديد فيما إذا كان ما حدث في 11 سبتمبر/أيلول مثالاً على خطَّة شيطانيَّة أخرى كعملية نورثوودز تمّ تنفيذها بالكامل.
وسيبقى كثير من أفراد الشعب الأمريكيّ وآخرون، ومنهم أنا، يتساءلون عمَّا إذا كان ذلك هو ما حدث بالفعل وبخاصَّة أمام تزايد الأدلَّة التي تظهر تباعاً وتشير إلى أن ذلك هو ما حدث فعلاً.
بقلم: جريس بولس.
كفرياسيف
[email protected]
أضف تعليق