على نحو متسارع وفي سباقٍ مع الزمن، يقوم الكنيست بحياكة قوانين جديدة تتعارض في معظمها مع القانون الأساسي الإسرائيلي الذي يعتبر بمثابة دستور لدولة الاحتلال، ومن المفترض أن تنتهي هذه النقاشات حول مشاريع القوانين المثارة يوم غد، إلا أنه وفي سياقٍ موازٍ تقوم المحكمة العليا الإسرائيلية بإخضاع هذه القوانين للتدقيق والدراسة، خاصة البند المتعلق بتقليص فترة ولاية الكنيست والحكومة إلى ثلاث سنوات بدلاً من أربع، وكذلك البند المتعلق بعدم سن تشريعات خلال الشهور الستة الأولى من عمر الحكومة باستثناء يتعلق بوباء الـ»كورونا»، وكذلك البند المتعلق باستبعاد ممثلي المعارضة عن لجنة تعيين القضاة، هذه البنود التي تضمنها الاتفاق الائتلافي وغيرها كثير تتعارض نصاً وروحاً مع قانون الأساس وهذا ما جعل المحكمة العليا الاسرائيلية تبدأ بدراستها وتدقيقها.
ويبدو من خلال الجهود المتواصلة لسن هذه القوانين المحبوكة من قبل ائتلاف نتنياهو - غانتس أن مسألة الذهاب لانتخابات رابعة باتت من خلف المستوى السياسي والناخبين الاسرائيليين، إلاّ أنّ هناك جملة من الاشارات التي تجعل خيار التوجه إلى انتخابات رابعة ما زال قائماً رغم الاتفاق الائتلافي، وإحدى هذه الاشارات قيام حزب الليكون بالتهديد بالذهاب إلى انتخابات رابعة في حال تدخلت المحكمة العليا في أي بند من بنود الاتفاق الائتلافي، أو حتى مطالبة المحكمة بإضفاء تعديلات على نصوص الاتفاق، من شأن ذلك - حسب تهديد الليكود - أن يجر البلاد إلى انتخابات رابعة، حسب موقع» ماكو» وقناة «أخبار 12»، ومعنى هذا التهديد أن الليكود يعلم بطبيعة الحال ومن مجريات الأمور أنّ هناك تدخلاً واجباً لا بد منه من قبل المحكمة العليا وفقاً لوظيفتها وتخصصها ومسؤوليتها، وهي فعلاً كما أسلفنا تقوم بدراسة هذا الأمر قبل توثيق القوانين التي حاكها نواب وممثلو الائتلاف في الكنيست وهذا التهديد من قبل الليكود يعني بوضوح أنّ إمكانية الذهاب إلى انتخابات رابعة ما زالت قائمة فعلاً ولعله أكثر السيناريوهات الضمنية التي يسعى لها الليكود وذلك يوفر أن تتحمل المحكمة العليا مسؤولية التوجه إلى انتخابات رابعة بدلاً من أن يتحملها التحالف اليميني بزعامة نتنياهو.
بات من المؤكد أنّ انتخابات رابعة، ستمكن الليكود والتحالف اليميني بزعامة نتنياهو من فرصة التفرد بالحكم من دون حاجة إلى أي ائتلاف مع قوى وأحزاب أخرى وذلك بإجماع نتائج كل استطلاعات الرأي، وبالتالي فإن انتخابات رابعة تعتبر خياراً أفضل بالنسبة لنتنياهو وتحالفه اليميني ويصبح بنتائجها أكثر استقلالا وتفردا على مقاس وقياس التحالف اليميني.
وبينما تم تقاسم المناصب الوزارية بالتساوي بين تحالف نتنياهو وغانتس وفقاً للاتفاق الائتلافي فإن المشكلة تبقى أكثر بروزاً لدى تحالف نتنياهو خاصة لدى حزب الليكود فهناك 18 حقيبة وزارية مخصصة لهذا التحالف، يبقى لليكود منها 11 حقيبة وزارية فقط، بعد حصول «شاس» و»يهودات» هتوارة على ثلاث حقائب وزارية، ومنح رئيسة حزب «غيشر» أورلي ليفي حقيبة وزارية، وفي حال تراجع حزب» يمينا» وانضمامه إلى الحكومة فإن ما تبقى من حقائب لا يكفي لتوزيعها على العدد الكبير من الطامحين والطامعين الكبار في حزب الليكود خاصة وأن هذا الحزب تعوَد على السيطرة المطلقة خلال الحكومات السابقة عندما نال على الدوام الحصة الأكبر من الحقائب الوزارية في هذه الحكومات.
وحسب القناة الثانية الإسرائيلية، فالمعركة مع الحقائب الوزارية عصفت بحزب الليكود قبل وأثناء المفاوضات الائتلافية، ونقلت عن أحد وزراء الليكود قوله للقناة أنه من الممكن أن تحدث «حرب عالمية» على كل حقيبة وزارية مخصصة لحزب الليكود، بينما أشار موقع قناة «i24» الإسرائيلي إلى أن نتنياهو سيكون مضطراً إلى تعيين عدد من كبار الليكود كسفراء للدولة في عدة عواصم مهمة مثل لندن وواشنطن والأمم المتحدة.
من هنا، ربما يرى العديد من زعامات الليكود، خاصة هؤلاء الذين لن يكون بإمكانهم الحصول على حقيبة وزارية أن الحل الأمثل يكمن في التوجه لانتخابات رابعة تؤهلهم الحصول ليس فقط على حقائب وزارية، بل حقائب وزارية مهمة وسيادية، بدلاً من الوضع الحالي الذي اصطدمت فيه طموحاتهم بواقعٍ لاحظ لهم فيه، وقد يرى نتنياهو بنفسه مثل هذا الرأي أي التوجه لانتخابات رابعة تتحمل مسؤوليته المحكمة العليا باعتبار ذلك هو السيناريو الأمثل لحل كل المشكلات التي قد تعصف بقيادته للتحالف اليميني بزعامة الليكود.
[email protected]
أضف تعليق