من المؤكد بأنّ مجتمعنا العربي يمُرُّ بمرحلةٍ هامةٍ من حيث تطوره الاقتصادي، وقد بدأنا في السنوات الأخيرة نلحظ ونشهد بلدات عربية في بلادنا تمرّ بنهضة اقتصادية واضحة، كافتتاح مَحالّ ومؤسسات تجارية وتشغيل عمال عرب، وهذا الأمر يبشر بخير في ظاهره رغم المعيقات التي يعيشها الموطنين العرب. المخاوف من وقف هذا النمو في ظل الازمه الحالية التي اجتاحت البشرية ما زال يهدد العديد من المرافق الاقتصادية في المجتمع العربي خاصه المصالح التجارية. ولكن ما يزيد الطين بله في هذه الايام العصيبة هي ظاهرة السوق السوداء التي تتمثل في الآتي:
1- قيام تجار بصرف الشيكات المؤجلة مقابل فائدة مصرفية مرتفعة، وهذه الظاهرة لها مساوئ ومخاطر هائلة لا تقف عند المستوى السياسي بل تتعداه إلى المستوى الاجتماعي، حيث يلجأ رجال الأعمال والتجار الذين يمرون بأزمة سيولة نقدية ونتيجة لرفض البنوك منحهم تسهيلات معينة فإنهم يلجأون إلى تجار الشيكات من أجل صرف شيكات لم يحل موعدها بعد وتسييلها مقابل فائدة عالية وهذه الفائدة تتضاعف في حال عدم تسديد الشيكات بمواعيدها الأولى.
ونلاحظ أيضا ان كلما ارتفعت نسبة الفائدة ارتفعت نسبة العنف، لأن غالبية تجار الشيكات ينتمون لميليشيات العنف فيقومون بحرق المحال والمصالح والمؤسسات التجارية الخاصة بأولئك العاجزين عن تسديد ما استلفوه، أو يلجأون إلى إجراءات قانونية. والنتيجة هي خسارة كبيرة للاقتصاد في المجتمع العربي من خلال إغلاق المحال وإفلاس المؤسسات الناشئة الوليدة.
وقد شهدت التجارب بأن الذين يسلكون مسلك صرف الشيكات المؤجلة لتحصيل السيولة النقدية يغرقون فيه ولا يتمكنون من التراجع عنه، إذ تزداد نسبة العجز وتقل قدرتهم على التوازن فيما يزدادون ديوناً ويصبحون أكثر طواعية لدى التجار المستغلين لحاجتهم.
2- تبييض الأموال: وهذه العملية تتم من خلال افتتاح محلات تجارية وهمية لتبييض أموال مصادرها مشبوهة مثل الرشاوى والاتجار بالمخدرات وكثير من طرق ووسائل جمع المال غير الشرعية.
وفي الجانب الاقتصادي فلا يغيب عن بالنا خطر كبر حجم تجار الشيكات لأنهم إذا كبروا فإن ثروة المجتمع العربي ستصبح حكرا على هذه الفئة. أما على الصعيد الاجتماعي فهناك عائلات كبيرة تمر بأزمات اقتصادية تدفعهم للاستعانة بأمثال هؤلاء من التجار ، وقد شهدنا في حالات كثيرة تفككاً لهذا النسيج العائلي.
فالحذر الحذر من اللجوء لأمثال هؤلاء التجار أو الاستعانة بهم في أي ظرف وحال، ويجب الاعتماد على المؤسسات الرسمية واقتصار التعامل المصرفي على البنوك أو الاقتراض الشخصي وعد تسليم الرقاب لهؤلاء الاستغلاليين.
إن مثل هذ السلوك لا يتناسب مع مجتمع عربي يجب أن تسوده قيم خلاقة تتصدرها قضية الربح المشروع، كما تكون قضية التكافل الاجتماعي حاضرة فيه بقوة، فلا نتحول إلى مجتمعات رأسمالية تبيع الإنسان وتشتريه في سوق المال، لأن الإنسان لدينا هو العنصر الأهم وليس المال، وما زالت النظرية القرآنية للمال على أنه وسيلة للعيش وليس غاية يمكن أن يتنازل الإنسان عن جميع قيمه وأخلاقه وتشريعات دينه من أجل المال الذي لا يمكن له منفردا أن يحقق السعادة لأحد.
[email protected]
أضف تعليق