تضبط خديجة منبه الهاتفِ قبل موعد المحاضرة بعشر دقائق، محتسبةً خمس دقائق غفوة قبل أن تكون مستعدةً تمامًا، ومن تحت اللّحاف تُسجل دخلوها محاضرة الساعة الثامنة صباحا، أما عن محاضرات المساء فاستعدادها مختلف، تُعد كوب القهوة وتجلس بالقرب من المدفأة، تضع سماعة الهاتف وتبدأ بتلخيص ما يقوله المحاضر.

صوت المحاضر يأتي متقطعًا وجولات إخوتها باللعب وإثارة الضجيج في ذروتها، وصوت الوالدة صاخبًا متضامنًا يخترق المشهد "اهدؤوا أختكم لديها محاضرة"، تغالب الظروف فتغلبها وتكتفي مرةً أخرى بتسجيل الحضور.

الجامعات الفلسطينية اعتمدت نظام التعليم عن بعد منذ إعلان الرئيس محمود عباس حالة الطوارئ في الخامس من شهر مارس / آذار الماضي، شملت إغلاق كافة المؤسسات التعليمية عقب اكتشاف أولى الإصابات بفيروس كورونا في فلسطين.

احتكامٌ للظروف

خديجة هشام طالبة في كلية التجارة بجامعة بيرزيت تصف النظام بغير المنصف ويوكل الطلبة إلى ظروفهم وإمكاناتهم الخاصة، وهي تعاني من ضعف شبكة الإنترنت في منزلهم، وضيق المكان الذي لا يسمح لها بالانفراد وتوفير مناخٍ مناسب للاستماع للمحاضرة.

روت خديجة لوكالة "صفا"، عن محاولاتها للتأقلم مع نظام التعليم الإلكتروني في ظل الظروف التي تعيشها قائلةً "بين الدوام والعطلة، لا نحن هنا ولا هناك"، وتضيف أن الاختبارات الإلكترونية إمكانية الغش فيها كبيرة جدا.

طلاب آخرون ساعدتهم ظروفهم في التعامل مع نظام التدريس الجديد، بيسان خضر طالبة تدرس الهندسة المعمارية في جامعة بيرزيت تواءمت مع التعليم الإلكتروني بشكل أفضل، وبه تجاوزت الاستيقاظ باكرًا قبل المحاضرة بساعة على أقل تقدير، وأزمة السير صباحًا وبعد انتهاء الدوام، وتمكنت من العودة إلى المحاضرات المسجلة بسهولة كبيرة على حد وصفها، دون الحاجة للبحث عن أوقات فراغ المحاضر وزيارة مكتبه عند حاجتها للاستيضاح حول المادة.

وتؤكد خضر لوكالة "صفا"، امتلاكها وقتًا كافيًا لمتابعة دراستها وإنجاز واجباتها، على خلاف أيام التعليم الوجاهي في أروقة الجامعة واستغراق المواصلات من وقتها وجهدها.

جهوزية منقوصة

المحاضر في جامعة النجاح عدنان ملحم يرى في حديثه لوكالة "صفا"، عدم جهوزية المنظومة التعليمية بطرفيها طلابًا وأساتذة، معتبرا أن الجامعات عبارة عن "ممالك خاصة" وسلطة وزارة التعليم عليها معنوية، على حد وصفه.

ويوجه نداءً لوزارة التربية والتعليم لدراسة جدية واقع التعليم الإلكتروني حتى لا تكون مقدرات الطلبة والعاملين تحت رحمة الاجتهادات، قائلا إن الجامعات غير مؤهلة، ولم تكن تعتمد نظام التعليم عن بعد في خططها كعاملٍ أصيل وليس مساعد.

بينما يصف المحاضر ومسؤول الدعم الفني في كلية الآداب في جامعة بيرزيت مشهور مشاهرة تجربته الأولى في التدريس عن بعد بالرائعة والمميزة، بالرغم من عدم الجهوزية الكاملة في البنية التحتية لنظام التعليم عن بعد وعديد العقبات الأخرى، التي لا يجب أن تشكل عثرة أمام استمرار العملية التعليمية في ظل حالة الطوارئ المعلنة، بحسب قوله لوكالة "صفا".

ويفيد مشاهرة بمشاركة واسعة للطلبة بالرغم من قانون "ناجح/راسب" الذي اعتمدته الجامعة للفصل الحالي، وسجلت محاضراته حضوراً بنسبة 100%، ولم يصادف سوى طالبين عجزاً عن المتابعة بسبب ضعف شبكة الإنترنت لديهم من أصل خمس شُعب يُدرسها.

ويعبّر مشاهرة عن تفاؤله باستمرار العملية التعليمية وفق نظام التعليم عن بعد في حال أعتنت الجامعة بتطويره وتابعت العمل عليه، الأمر الذي يقلل مصروفات الجامعة لعدم حاجتها للقاعات والكهرباء والماء وغيرها، وتباعًا على أقساط الطلبة في ظل أزمة اقتصادية يخوضها الجميع.

تباين الجامعات

وبالرغم من إجماع الجامعات على ضرورة استمرار العملية التعليمية واعتمادها نظام التعليم عن بعد، إلا أنها اختلفت في سياساتها للفصل الدراسي الحالي.

في جامعة بيرزيت، قال مساعد رئيس الجامعة عبد العزيز شوابكة لوكالة "صفا"، إن الجامعة اعتمدت نظام ناجح وغير مكتمل دون احتساب علامات، وأعطت فرصة لطلبة غير المكتمل لإعادة المادة دون دفعها، مراعاةً للطبلة الذين لا تسمح لهم الظروف بمتابعة التعليم عن بعد.

ومن جهته، قال النائب الأكاديمي في جامعة الخليل إن الجامعة تتبع أساليب "عالمية" في تقييم الاختبارات والواجبات الإلكترونية، موضحا أن الجامعة استحدثت وحدة التعليم الإلكتروني منذ عام 2009، وهناك عدد كبير من الأساتذة لديهم الخبرة الكافية للتعامل مع النظام الجديد، فيما تدرس الجامعة الحالات التي تعاني من مشكلات مع النظام بشكل فردي.

أما جامعة النجاح، فقالت مديرة مركز التعليم الإكتروني فيها سائدة عفونة لوكالة "صفا"، إن الجامعة واجهت عدة عقبات في تطبيق التعليم عن بعد، كان أبرزها عدم تقبل الطلبة وجهوزية أعضاء الهيئة التدريسية.

وتوضح عفونة أن الجامعة اعتمدت تقييم الطلبة كالمعتاد، ومنحتهم فرصة للإختيار بين احتساب علاماتهم ونظام ناجح وغير مكتمل بعد استلامها.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]