أدت سياسات الحجر الصحي المنزلي التي فرضتها أغلب دول العالم ومن بينها الدول العربية إلى بعض النتائج السلبية، من ضمنها بيانات قليلة "خجولة" تحدثت عن ازدياد نسب الطلاق في هذه المجتمعات.
كشف مستشار وزير الأوقاف السوري، الدكتور حسان عوض، لإذاعة "المدينة أف أم" السورية عن ارتفاع تقديري لحالات الطلاق 5 أضعاف خلال فترة الحظر الأخيرة.
ونوه عوض إلى أنه كان يبحث يومياً بحالة واحدة فيما ورده في يوم واحد 5 حالات طلاق يجري معالجتها عبر الهاتف، علماً أنه في الحالة الطبيعية ينبغي حضور الزوجين.
وقال عوض إن السبب قد يكون "التماس المباشر والواقع السيئ الموجود في بعض العلاقات الزوجية الذي لم يكن ملحوظاً في السابق".
حول هذا الموضوع تحدثت الدكتورة كوثر شراب عن الأسباب التي يمكن أن تسبب ازدياد نسبة الطلاق في المجتمعات في فترة الحجر الصحي، اعتبرت شراب أنه من أهم أسباب ازدياد نسب الطلاق في فترات الحجر هي "الضغوط المالية الكبيرة التي يسببها الحجر الصحي على المجتمع بشكل عام، خصوصا بعد توقف أغلب الأعمال التي يمكن تصنيفها اقتصاديا بالأعمال الصغيرة والمهن والحرف البسيطة، والتي تعتمد على مبدأ الأجر اليومي، وتعيش منها عائلات كاملة، على سبيل المثال، توقف مطعم واحد في دمشق القديمة، تسبب بتوقف الطهاة وعمال الخدمات الأخرى التي تقدم في المطعم، وهي كوادر كبيرة".
واعتبرت شراب أن "توقف حرفة صغيرة عن العمل هي مؤشر على توقف سلسة اقتصادية كاملة، وبالتالي توقف جميع العاملين في هذه السلسلة أو الدائرة الاقتصادية، والتي في النهاية تشكل الدائرة الكبرى في الاقتصاد الكلي للمجتمع والدولة".
ضغوط نفسية
ونوهت شراب أن انخفاض الدخل أو توقفه بشكل مفاجئ "يؤثر بشكل كبير على الحالة النفسية للزوج في أغلب الأحيان، ويشكل ضغط كبير على الأسرة، والتي من الطبيعي أن يسبب تواجدها في المنزل بشكل دائم إلى ازداد نفقاتها بسبب ازدياد استهلاك الطعام، وهو أمر لوحظ مؤخرا عن العديد من الأشخاص، حيث أدى الجلوس لفترات طولية في المنزل لزيادة عدد الوجبات الغذائية وكميتها".
وأشارت شراب إلى أن الكثير من الأشخاص "غير معتادين على الجلوس الدائم في المنزل، أو بالأحرى هم نادرا ما يتواجدون في منازلهم، حيث يقضون أغلب أوقاهم في العمل، ومن الطبيعي أن يشكل تواجدهم واحتكاكهم الدائم مع أفراد الأسرة الكثير من المشكلات".
فتح الملفات المغلقة
وقالت شراب أن التواجد المستمر للزوجين في المنزل لفترات طويلة، والذي قد يكون في أغلب الأحيان صغيرا، أو من غرفة واحدة فقط تؤدي إلى ما يمكن تسميته، بفتح الملفات القديمة أو المشكلات التي كانت نائمة في هذه العلاقات الزوجية، والتي كان يحلها الكثير من الأزواج بخروجهم من المنزل بكل بساطة، أو التي كانت ضغوط العمل تضعها جانبا".
وأكدت شراب أنه بالرغم من جميع هذه الضغوط يتوجب علينا في هذه الفترات امتصاص غضب الطرف الأخر، ومراعاة مشاعره، واعتبار أن هذه الحالة هي حالة مؤقته سوف تمر، مشددة على ضرورة البقاء في المنزل لحماية أفراد الأسرة من مخاطر التقاط العدوى، والبحث عن أساليب جديدة لإشغال النفس، كصيانة المنزل، وإصلاح وصيانة الأدوات والمعدات المنزلية، وقراءة الكتب والروايات، والقيام بالألعاب الجماعية مع أفراد الأسرة كألعاب الورق على سبيل المثال أو الشطرنج أو الطاولة، وغيرها من النشاطات التي من شأنها الترفيه وخلق جو مثالي بين الزوجين.
ويمكن رصد حالات الطلاق بين الزوجين بسبب الحجر الصحي في أكثر من دولة عربية، على سبيل المثال تحدثت صحيفة "اليوم السابع" المصرية أمس الأحد عن أول حادثة طلاق بسبب الحجر الصحي في مصر، والتي تم التراجع عنها بعد حل الخلاف بين الزوجين، وبالطبع هي ليست الحالة الوحيدة، فبالبحث عن أخبار الطلاق بسبب "كورونا" عبر محرك البحث "غوغل" يمكن رصد الكثير من الحالات، في أكثر من دولة عربية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن "ماخفي أعظم" لأن الحديث عن المشاكل الأسرية في المجتمعات العربية أمر غير محبب.
وبدوره تحدث موقع "الجزيرة" أيضا عن حالات طلاق مشابهة حدثت في بعض الدول العربية، ونقلت عن الكاتب مارك مانسون، في مقال له بعنوان "الحب في زمن الحجر الصحي" قوله: "إن الإجهاد النفسي إما أن يُقرِّب الناس من بعضهم أو يُفرِّقهم. إذا كانت العلاقة صحية، أي إذا كانت نيّات كلا الشخصين تتماشى مع صالح العلاقة ويتواصلان باحترام، فإن الضغط سيجعل العلاقة أقوى. أما إذا كانت العلاقة غير صحية، على سبيل المثال، إذا كانت نيّات أحدهما أو كليهما غير متوازنة أو يُعاملان بعضهما بفظاظة، فإن الضغط سوف يدفعهما إلى وضع أسوأ مما يتخيّلان".
المصدر: سبوتنيك
[email protected]
أضف تعليق