لقد زعزعت حالة البلاد غير المسبوقة بسبب الكورونا مصداقية وشرعيّة اجراءات الهدم وملاحقات المواطنين العرب التي نفذتها الدولة في هذه الفترة العصيبة بحجّة البناء غير المرخص. وقد أثار هدم المباني في كفرقاسم قبل عدة اسابيع سخطا كبيرا لدى المواطنين العرب. شعر المواطنون العرب حينها ان كل شيء معطل في فترة الكورونا الا امرا واحدا: هدم المباني في البلدات العربية! فرغم ان الدولة أعلنت حالة الطوارئ وعطلت قسطا كبيرا من القطاع العام والخاص وعطلت جهاز المحاكم وعطلت المدارس ورياض الأطفال، فان حالة الطوارئ والذعر والرعب التي يعيشها كل المواطنين في البلاد، عربًا ويهودا، من فيروس الكورونا لم تؤثر على من ارسل جرافات الهدم والخراب لمدينة كفرقاسم وان تعليمات وزارة الصحة التي حظرت التجمع لأكثر من عشرة أشخاص لم تمنع عشرات العناصر المختصة ان ينفذوا الهدم. امام مشهد الهدم في كفرقاسم واستمرار عمل مفتشي الوحدة القطرية في مختلف البلدات العربية مبتغاة للهدم شعر المواطنون العرب ان الهدم، بنظر الدولة، أهم من صحة الناس!
ونتيجة لسخط المجتمع العربي على هذا التعامل قامت الدولة بتعديل سياستها وتقليص اجراءات الهدم والغرامات المادية لتتماشى مع الفترة الراهنة. وقد نشرت الدولة معاييرها الجديدة الخاصة بفترة الكورونا في الرد الذي أرسلته وزارة القضاء مؤخرا للمحامية سناء بن بري من مؤسسة حقوق المواطن في اسرائيل بعد ان كانت ارسلت مشكورةً كتابا للداوائر المختصة وطالبت بتعليق اجراءات الهدم واجراءات مخالفات التنظيم والبناء الاخرى مراعاة لحالة الطوارىء. وقد جاء في المعايير ما يلي:
اولا، لن يتم اصدار اوامر هدم الا للمباني الجديدة التي تم تشييدها في فترة الطوارئ;
ثانيا، لن يتم خلال فترة الطوارىء هدم المباني السكنية;
ثالثا، سيتم تقليص اصدارت انذارات الغرامات الادارية للحد الادنى;
رابعا، ستقلل الوحدة القطرية احتكاكها مع السكان;
مع ذلك من الجدير بالذكر ان أحكام التنظيم والبناء التي سنّها رئيس حكومة اسرائيل يوم 25.3.20 والمسماة "احكام حالة الطوارىء (الفيروس الجديد) (إرجاء مواعيد امور التنظيم والبناء وشروط اعطاء شهادة إنهاء) لعام 2020"، وهي الاحكام التي جمّدت مواعيد عدد من الامور في مجال التنظيم والبناء، لم تجمّد الاجراءات الادارية الخاصة بمخالفات للتنظيم والبناء، وقد كان التعليل لهذا القرار تخوف الدولة من ان يستغل المواطنون الفترة الراهنة لارتكاب مخالفات بناء جديدة. وعليه، فان المعايير التي نشرتها وزارة القضاء مؤخرا هي السياسة الوحيدة السارية في الفترة الراهنة. نأمل مجددا أن نخلص جميعا من بلاء ووباء الكورونا وان يعيش الناس كلهم بكرامة وسلام!
[email protected]
أضف تعليق