اجتزنا ثلاث معارك انتخابية لم يتغير فيها سوى القليل من ناحية ميزان القوى بين ما يسمى اليمين واليسار ، لكنه حقاً معسكر ديمقراطي ومعسكر قومي مناهض للديمقراطية .
لكن هنالك تغييرين بارزين أخذا بالتطور طيلة المعارك الانتخابية الثلاث.
1. تطرف واضح في حدة التحريض من الجهة القومية للخارطة أفضى الى حملة تخويف من " التهديدات الوجودية "التي عُرفت على أنها تهديدات اسلامية (ايران) . وثمة من أتاح المجال لتعريف المجتمع العربي على أنه "طابور خامس" ولاطلاق العنان للتحريض ضد العرب كأعداء للدولة.
2. تعامل المجتمع العربي تطور في سياق المعارك الانتخابية المتكررة وتحول من تعامل بالمقاطعة (نسبة تصويت منخفضة قياساً الى المجتمع اليهودي ) – الى تعامل يصبو الى التأثير (زيادة مستمرة ومتتابعة في نسبة التصويت مقرونة بموقف التأثير على تشكيل الحكومة).
التغييرات التي أخذت منحى التطرف الى درجة تشكيل الخطر الحقيقي على كينونة الديمقراطية في اسرائيل بلغت في الايام الأخيرة حد "التمرد" من جهة وزراء في الحكومة الانتقالية ضد صلاحية السلطة القضائية ، حيث أوصوا رئيس الكنيست بمخالفة قرار محكمة العدل العليا ورفض أحكامها .
هذا التطرف يشدّد اكثر فاكثر ما حاولت أن أدعو له في سياق المعارك الانتخابية : فقدان الديمقراطية سيلحق ضرراً فادحاً بمجموعتين من السكان : الأقلية العربية (20%) والاقلية اليهودية اللبرالية (حوالي 35%) . عند فرز أصوات اليهود وحدهم ، فان القوميين المناهضين للديمقراطية يتغلبون بنسبة 45/55 . وعند فرز أصوات مجمل المواطنين الناخبين ، بمن فيهم العرب – شريطة ان تكون نسبة تصويتهم مماثلة – فاننا نفوز بواقع 40/60 ، أي ان العرب لن يضمنوا بقاءهم ووجودهم بمعزل عن اليهود اللبراليين ، والعكس صحيح .
خلال محادثاتي مع مسؤولي القائمة المشتركة ، وخاصة مع ممثلي التجمع الوطني الديمقراطي ، شدّدت بالأساس على المبدأ التالي : هدفنا المشترك المتمثل بعزل الحكومة المناهضة للديمقراطية – يطغى على الفوارق الحاصلة بين أرائنا وأفكارنا في قضايا أخرى ، ولذا يجب التكاتف والتضافر الان وتحقيق الحسم من أجل الديمقراطية . سررت وسعدت حين شاهدت جميع مركبات القائمة المشتركة قد أوصت على بيني غانتس ومنحته (61) نائباً ، وآمل وأثق في أن تواصل هذا النهج أيضا من أجل انتخاب رئيس جديد للكنيست ، وسن قانون ينص على منع متهم جنائياً باشغال منصب رئيس الحكومة .
وحتى لو نجحنا بتشكيل حكومة جديدة على هذه القاعدة فستبقى هنالك مشكلة أمام القائمة المشتركة بكامل مركابتها في الدخول الى الحكومة وتحمل المسؤولية عن قرارات صعبة تتعلق بالحرب وبالعمليات العسكرية ضد الفلسطينيين اشقائهم . على المدى الأبعد ، سنضطر ،سوية ، الى حل الصراع وتوابعه المتمثلة في كون أشقاء المواطنين العرب – أعداء
وعلى المدى القريب – يجب بلوغ حالة تتمثل في ألاّ تقل نسبة التصويت في المجتمع العربي – الإسرائيلي عن النسبة الحاصلة في المجتمع اليهودي بل وربما في أن تزيد عنها. في مثل هذه الحالة سيزداد تمثيل المجتمع العربي بثلاثة أو أربعة مقاعد اضافية ، ليحسم ميزان القوى . من الواضح انه من أجل بلوغ وضع كهذا يتوجب على المواطنين العرب ان يبدأوا بالنظر بثقة الى جدوى التعاون ليشاهدوا مساواة حقيقة في الحكومة والموارد المخصصة من الدولة .كلي أمل وثقة في أن يلقى اقتراحي للقائمة المشتركة ولقائمة كاحول لافان قبولاً ، وفي ان تتلقى المشتركة ، من الخارج ، وعداً بالسعي والعمل لصالح المجتمع العربي متمثلا بتعيين 4-3 مدراء عامين لوزارات حكومية هامة ، وربما نواب لمدراء عامين في وزارات الاقتصاد والمواصلات والتربية والتعليم والبناء والاسكان والداخلية – على سبيل المثال . كل هذا يتيح ، حتى بدون تحمّل المسؤولية الحكومية الجماعية ، السعي الحثيث لوضع حد للتمييز ، من شاكلة "قانون كامينيتس" وقانون القومية ، ولتنظيم حقوق البناء والمواصلات والتعليم والصناعة في المجتمع العربي .
انه تصوّر لدولة ديمقراطية تتبع نهج المساواة التامة لجميع مواطنها ، مقرونا بحقوق قومية للأقلية القومية العربية ، هذا التصور يمكن ان يتحقق فقط بتضافر ودمج الجهود بين العرب واليهود اللبراليين من خلال إزاحة واستبعاد الخلافات بالرأي ، من شاكلة العلاقة بين قانون العودة (لليهود) وبين عودة اللاجئين ، وأمور أخرى . ان الحفاظ على حقوقنا ، عرباً ويهود، في دولة ديمقراطية – هو ذو أفضلية ويتطلب عملاً وجهداً موحدين . لنا جميعاً الحق في ان نكون مواطنين اسرائيلين وليس رعايا في نظام دكتاتوري.
يعقوب (كوبي) ريختر هو مبادر وصناعي في مجال التكنولوجيا المحوسبة والتكنولوجيا الطبية ، وهو طيار (متقاعد) في سلاح الجو الإسرائيلي برتبة عقيد ، وهو أيضا رئيس حركة " دركينو- طريقنا" .









 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]