اكْفَهرّت السماء، وكل ما حولنا يُحاصِرُنا، فقط القَدَر، أو الله، أو وزراء التاريخ في مكان ما عالٍ يضحكون، ضحكة شماتة مريرة، ضحكة قَدَريّة: تذوقُ إسرائيل طعم جهنّم الذي تُطْعِمه خلال عشرات السنين لمواطنيها. بسرعة مُذْهِلة أخذ الإسرائيليّون يعانون من الواقع، الواقع الذي لا يوجد طفل فلسطيني لا يعرفه ولم يعانِ منه.
حتى الاصطلاحات مأخوذة من عالم الاحتلال: إسرائيل في طريقها للحصار، نحن في حصار يتنفّس؛ جيش الدفاع الإسرائيلي يسيطر على الفنادق، الشاباك على الهواتف، حرس الحدود في طريقه إلى الحواجز. ليس صدفة جُنّد المراسل العسكر لجريدة "هآرتس" كمعلّق كرونيا، بعد يوم أو يومَيْن، ستكون تل أبيب كجنين، وستكون إسرائيل كقطاع غزّة، ما كان هناك روتينيا يوميا سيتحول هنا إلى واقع مخيف وغير مرغوب فيه.
من الطبيعي أن الفوارق كثيرة. ما نراه نهاية الدنيا يُعْتَبَر بالنسبة لهم تسهيلات في الحصار، وخطر الوباء يُحيق بالجميع. ومع ذلك لا يُمْكِن ألاّ يُذْهِلنا الخيال. أولا ، حالة الحصار، إقفال بوابات السفر إلى الخارج، لا أحد يدخل ولا أحد يخرج، تخيّلوا غزّة، 14 سنة متوالية، تخيّلوا شبابا لم يرّوْا طائرة ركاب بحياتهم، حتى بالسماء، كبار في السن لم يدخلوا أبدا قاعة سفر في مطار، ولم يحلموا مرّة واحدة بأجازة في خارج البلاد.. بالنسبة للإسرائيليين الحياة بدون مطار بن غوريون حياة لا تُطاق. للغزّاويين، لا يعرفون الحياة خارج البلاد، أين تقع هذه الحياة؟ كيف تبدو؟
[email protected]
أضف تعليق