مقال : دان بيري
تجد اسرائيل نفسها الان في أحد المفاصل التي يتوجب عليها فيها التمعن في البديل الاقل سوءاً ، كثير من الناس ليسوا مهيئين لاتخاذ القرار في مثل هذا الوضع ، فيبدأون بالشكوى من ان البديل سيء ، وهو حقاً سيء ، لكنه الاقل سوءاً. على القادة ان يشّخصوا الأمر الأساسي في مثل هذه الأوقات – ويبدو ، لحسن حظنا ، ان بيني غانتس قد أفلح في التشخيص.
ان اختياري للإمكانية الأقل سوءاً يتمثل في حكومة مكونة من كتلتي "كاحول لافان" و" العمل- غيشر – ميرتس " ، بدعم من "اسرائيل بيتنا" والقائمة المشتركة اذا ما أظهرت هاتان الكتلتان نضوجاً – وهنالك مؤشرات حذرة على ان هذا هو الحاصل – فمن الممكن قيام حكومة كهذه .
وللأسف الشديد فان حكومة كهذه لن تستطيع فعلاً أن تستأنف العملية السليمة مع الفلسطينيين ، فليبرمان لن يتيح ذلك ، ولذا يجب الانتظار . وفي أفضل الأحوال ، فان حكومة من هذا القبيل كفيلة بالتروي والتأني في تطبيق المشروع الانتحاري المسمى "مشروع الاستيطان" ، لكنها تستطيع حقا ان تنهض بعدة أمور ممتازة من وجهة نظر الاسرائيلين العصريين والمعتدلين
اصلاح في قضايا الدين والدولة
هذا الموضوع يشكّل القضية المأزومة الرئيسية التي تهدد دولة اسرائيل ، بمعزل عن النزاع والاحتلال . هذا يعني الأنشطة التجارية والمواصلات العامة في نهايات الاسبوع في المناطق التي ترغب الاكثرية بها . هذا يعني الزواج المدني ، والتسهيلات في إجراءات اعتناق الديانة اليهودية بالنسبة لعشرات الالاف من المحتاجين الى هذه التسهيلات . وآمل ان يعني هذا أيضا تقليص التمويل للمنظومة الدينية المنفلتة (العدد الهائل من "مراقبي –الحلال – الكشروت ") ، والحدّ من قدرات الجمعيات الدينية بالوصول الى المدارس ، وكذلك تشجيع نظام تعليم المواضيع الأساسية في المدارس الدينية التابعة للحريديم.
تحسينات في طريقة الانتخابات :
أولاً ، وقبل كل شيء القانون المقترح ، الذي يحظر تعيين متهم جنائياً لرئاسة الحكومة – وهذا سيناريو يعتبر الاكثر عبثية على الاطلاق، فمن القوانين المقترحة في تاريخ دولة اسرائيل . لكن المطلوب تغيرات أوسع لمنع حدوث صنف البلبلة السياسية التي شهدناها ، بروح منح كتاب تكليف الحكومة لرئيس /ة الحزب الاكبر ، فالانتخابات يجب ان تسفر عن منتصر حقيقي ، وليس فقط عن خاسر يلقي خطاب النصر .
تحسين جهازي التعليم والصحة :
على الرغم من عدم وجود أوهام لديّ بأن أصحاب الشأن سيوقفون تمويل المستوطنات والتمويل المبالغ فيه للمدارس الدينية (التي رقّاها اليمين الى منزلة تشجّع التهرب من الخدمة العسكرية ومن العمل ). فمن الممكن إلغاء هذين التمويليين وتحويل الميزانيات الى الوجهة الضرورية اللازمة .
• رأب الصدع مع الأقلية العربية :
هذا الأمر يتطلب مساواة بالتمويل ، ومكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربي ، والتغيير الشاعل في نبرة الخطاب . والأمل معقود على أن يتعاطى المواطنون العرب باحترام وتقدير للمخاطر التي يأخذها غانتس على عاتقه ، وأن يغيروا نبرتهم ( لا شك في ان هنالك بنوداً غير مستحبة في البرنامج الانتخابي للقائمة المشتركة ، وهذا يسّهل كثيراً على المتربصين بها في أوساط اليهود) . ربما لاحقاً ، تعرف المشتركة كيف تنفصل عن التجمع الوطني الديمقراطي (أو أن تكبح جماحه بقوة)
• ابعاد بنيامين نتنياهو عن "بلفور" :
من الغريب ان هذا هو الأمر الأهم ، لكن يبدو هكذا . هذا سيؤدي الى انهاء حالة ميؤوس منها ، حيث يتصرف قائد الدولة كمحرّض رئيسي ضد سلطة القانون ، والمحرض الرئيسي ضد نصف الجمهور ، وهو الصوت الاشد تسميماً للخطاب العام ، الى درجة الخطر الحقيقي لنشوب حرب أهلية . أضف الى ذلك عقدة الأنانية والملاحقة ، والجنون الأسري (أسرة نتنياهو ) والفضائح المستمرة في قضايا التمويل والأداء ، ولوائح الاتهام الراهنة طبعاً ، ويمكن القول بقناعة ان الوضع يبلغ حد الجنون .وأضح ان كل هذا سيكون خطيراً . اليمين الحالي ، في جميع دول العالم ، ليس مستعداً ، ببساطة ، للخسارة . وفي بلادنا الوضع خطير بشكل استثنائي . بفضل قدراته الخطابية الفائقة – جعل نتنياهو كثرين من أنصاره يصدقون بصبيانية مذهلة ، انه المسؤول عن كل ما هو جيد في الدولة ، وان رحيله سيكون مصيبة .
ومثل حبة الكرز فوق الكريما المسممة – يبدو نتنياهو منشغلاً الان بنزع الشرعية عن أصوات الناخبين العرب ، وكذلك عن الحكومة التي ربما ستتشكل بدعم منهم . وما لم يعزله رفاقه في حزب الليكود (وفي وضعهم البائس من المحتمل جداً ان يجبنوا) فانه سوف يصنع للجميع جحيماً من مقاعد المعارضة ، وسيكون مستعداً ، بدون شك ، لاحراق الاخضر واليابس .
ومع ذلك فان انتخابات رابعة (لن تغيّر شيئاً) أو حكومة مع نتياهو (تقضي على جميع الآمال وتجعل الشر خيراً ) ، أو حكومة يمين – هاربين (ستجلب الخراب للديمقراطية الإسرائيلية ) - هذه كلها امكانيات شديدة السوء.
واضح انه كان من الافضل لو نشأ وضع يتمثل بحصول "كاحول لافان" وحزب العمل معاً على (61) مقعداً على الأقل . حكومة كهذه كان يمكن أيضاً أن تستأنف العملية السلمية بجدية ، وتبذل أقصى ما في وسعها للانفصال عن الفلسطينيين . لكن وضعاً كهذا ليس قائماً. لربما ، اذا ما نفذت الحكومة التي يمكن ان تتشكل كل ما تقدَّم ، ففي يوم من الأيام قد نرى ذلك على أرض الواقع .
هذا ليس صعب المنال . والسبب في ذلك هو أنه ستنشأ مؤثرات وتداعيات سياسية مصاحبة
ان تطبيق الاجندة يبرز ويثبّت الشرخ بين اليمين العلماني والمتدينين الحريديم . هذا الشرخ يفسر عزوف ليبرمان عن نتنياهو (جمهوره الروسي لم يعد قادراً على تحمل الوضع ) وهذا في نهاية الأمر هو التطور الذي يتيح (ربما) تنحية نتنياهو
هذا يضمن تحرك العرب ، بكثافة أشد ، نحو صناديق الاقتراع مستقبلاً ، وبأعداد هائلة . وهذا سيمنح يسار الوسط انجازات حقيقية للدفاع عنهم في الانتخابات القادمة .
[email protected]
أضف تعليق