نشرت دار الافتاء فتوى يعود تاريخها لـ 105 عام أجاب عنها الشيخ محمد بخيت المطيعى، مفتى الديار المصرية، حول تأجيل الحج لوجود خطر على الحجاج سواء كان بسبب الطريق وهجوم قطاع الطرق أو بسبب الأخطار الصحية، وجاء نص السؤال كالآتى: سئل بإفادة واردة من وزارة الداخلية؛صورتها: نحيط علم فضيلتكم أنه لما قامت الحرب الأوروبية في العام الماضي صار السفر إلى الحجاز صعبًا وطريقه غير مأمون للأسباب الآتية:أولًا: عدم توفر الأسباب لسفر البواخر المخصصة لنقل الحجاج المصريين في ذهابهم وإيابهم، ولا يبعد أن يكون ذلك سببًا في تأخيرهم بالحجاز زمنًا ليس بالقليل، وفي ذلك مخاطرة على أنفسهم وعائلاتهم، ثانيًا: صعوبة المواصلات الخاصة بنقل المواد الغذائية للأقطار الحجازية التي انبنى عليها عدم إرسال مرتبات الغلال التي كانت ترسلها الحكومة المصرية للحجاز سنويًّا، ولا يبعد أن يكون ذلك سببًا في وجود خطر على الحُجاج أثناء وجودهم في الأراضي المقدسة.

ثالثًا: عدم تمكُّن الحكومة بسبب العسر المالي من اتخاذ التدابير اللازمة لوقاية الحجاج المصريين من الأخطار التي تهدد حياتهم سواء كان من اعتداء أعراب الحجاز عليهم، أو من تأخيرهم مدة طويلة بتلك الجهات.

رابعًا: عدم تمكن الحكومة بسبب العسر المالي أيضًا من اتخاذ الاحتياطات الصحية التي كانت تتخذها في كل سنة لوقاية القطر من الأوبئة والأمراض المعدية التي ربما تفد مع الحجاج.

لذلك قد أخذت الوزارة في ذلك الوقت رأي فضيلة المفتي السابق عما يراه موافقًا للشرع الشريف من جهة الترخيص للحجاج المصريين بالسفر إلى الحجاز، فرأى فضيلته أنه يجوز للحكومة والحالة هذه إعطاء النصائح الكافية للحجاج المصريين بتأجيل حجهم للعام المقبل مثلًا حتى تزول الأخطار ويتوفر أمن الطريق الذي لا بد منه في وجوب الحج.
وحيث إن الأسباب التي انبنى عليها هذا الرأي ما زالت موجودة بل زادت خطورة بدخول تركيا في الحرب، وقد آن موسم الحج الذي فيه تصدر وزارة الداخلية منشورها السنوي الخاص بسفر الحجاج المصريين؛ لذلك رأينا لزوم الاستمداد برأي فضيلتكم فيما يوافق الشرع الشريف في هذا الشأن.

وجاء جواب الشيخ محمد بخيت المطيعي كالآتى : يجوز للحكومة والحالة هذه إعطاء النصائح الكافية للحجاج المصريين بتأجيل حجهم للعام المقبل مثلًا حتى تزول الأخطار ويتوفر أمن الطريق الذي لا بد منه في وجوب الحج، وأن الأسباب التي انبنى عليها هذا الرأي ما زالت موجودة، بل زادت خطورة بدخول تركيا في الحرب، وقد آن موسم الحج الذي فيه تصدر وزارة الداخلية منشورها السنوي الخاص بسفر الحجاج المصريين، ويراد أخذ رأينا فيما يوافق الشرع الشريف في هذا الشأن.

ونقول: حيث إن علماء الحنفية صرَّحُوا بأن من شروط وجوب الحج أمن الطريق وقت خروج أهل البلد، ولكن اختلفوا: هل هو شرطٌ في أصل الوجوب، أو هو شرط في وجوب الأداء؛ صرح في "اللباب" بالثاني، وفي "شرحه" بأنه الأصح، ورجحه في "الفتح"، وعلى كل حال: فأمن الطريق أن يكون الغالب هو السلامة، واستظهر في "الفتح": [أنه يعتبر مع غلبة السلامة عدم غلبة الخوف، حتى لو غلب الخوف لوقوع النهب والغلبة من المحاربين مرارًا، أو سمعوا أن طائفة تعرضت للطريق ولها شوكة والناس يستضعفون أنفسهم عنهم لا يجب] اهـ.

فالذي نراه بناء على ما ذكر أن الحكومة تبين في منشورها الخاص بسفر الحجاج المصريين جميع الأسباب المذكورة التي يعلم منها صعوبة سفرهم هذا العام إلى الحجاز، وأن طريقه غير مأمون، وتعطيهم النصائح الكافية للمحافظة على أنفسهم وعلى أموالهم، وتبلغهم النصوص الشرعية التي أوضحناها؛ ليعملوا بها ويعلموا أنه عند غلبة الخوف في الطريق وعدم غلبة السلامة يكون الطريق غير مأمون، ويجوز لهم تأخير الحج هذا العام إلى أن يصير الطريق مأمونًا وتغلب السلامة وتزول غلبة الخوف.

المصدر: اليوم السابع 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]