في الجولة الانتخابية القريبة تجتمع أكثر من وقت مضى أسباب وجيهة لماذا على المواطنين العرب المشاركة في الانتخابات الـ 23 للكنيست. أن تصوت هذا يعني أنك تمارس حقا أساسيا لك كـ مواطن لتقول لنفسك وللآخرين " أنا موجود " وأحاول التأثير على ما يجري حولي وسيطال واقع حياتي أنا وأقاربي وأهالي بلدي ومجتمعي وشعبي. في ظل حالة التعادل بين القطبين المتنافسين على الحكم في إسرائيل فإن صوتك يزداد قوة وقدرة في التأثير وانتزاع الحقوق المتعلقة بالمجتمع العربي في البلاد. وهذا ما أدركه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي غير استراتيجية " تهويش " اليهود على العرب والتلويح بهم فزاعة بـ استراتيجية التقرب من المجتمع العربي ومغازلته وسط محاولة للتفريق بينه وبين القائمة " المشتركة " التي تحظى حتى الآن بالأغلبية الساحقة جدا من أصواتهم. كما تتجلى قوة أصحاب حق الاقتراع العرب(18%) بوضوح بالتخاطب السياسي – الانتخابي السائد في الحلبة الإسرائيلية فهم حاضرون في الدعايات والتصريحات والندوات الانتخابية لدى كل الأحزاب الإسرائيلية فهل يعقل أن يتنبهون لقوة صوت المواطنين العرب وهم لا يرونه أو لا يمارسونه ويترجموه لمكاسب وأدوات لخدمة مصالحهم العليا ؟؟
فرص انتزاع المزيد من الحقوق
أحيانا أنت كـ فرد وكجماعة تحتاج لأن لا تكون ناجحا فحسب بل لأن تكون متميزا ومتفوقا فتمسك باللحظة التاريخية وتجعلها منطلقا لتغيير الواقع المعاش وهذه هي حالة المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل اليوم عشية هذه الانتخابات الفاصلة. هي لحظة نادرة لأن المناخ السياسي الانتخابي مريح ويخلو من الانشقاقات والمماحكات من جهة ومن جهة أخرى هناك قضايا ثقيلة وملحة للمجتمع العربي تنتظر الحلول. على رأس هذه التحديات قضية الحق بالمأوى وقانون كمينيتس الذي يهدد 50 ألف بيت و 70 ألف مبنى وكذلك قضية استشراء العنف والجريمة التي تهدد بضرب المناعة الذاتية للمجتمع العربي . كذلك الإجهاز على فكرة السياسة والعمل الجماعي ناهيك عن الحاجة الضرورية لتطوير المناطق الصناعية وتعزيز مكانة الحكم المحلي والمواطنة المتساوية في كل مجالاتها. بصرف النظر عن النتائج النهائية وهوية الحكومة القادمة يبقى من المؤكد أن خروج 70% من أصحاب حق الاقتراع العرب للصناديق يعني حتما تعزيز فرص نجاح سفرائه في الكنيست بالتأثير على صناعة القرارات الخاصة بالحقوق المدنية على الأقل إذ برهنت التجربة أن وجود نواب عرب في لجان فرعية خاصة اللجنة المالية يخدم الهدف الأعلى بالتقدم نحو تحقيق المساواة الكاملة.
منافع غير مرئية
هناك منافع حقيقية هامة غير مرئية تحققها مشاركة واسعة للمواطنين العرب في ممارسة حقهم منها القول عبر الصناديق لكل من يحاول نزع شرعيتك وتهميشك وتجاهلك كـ فرد وكجماعة : هنا باقون وفي حلوقكم كالصبار !
يجمع كل الخبراء السياسيون والاجتماعيون والنفسيون أن سلوك المجتمع العربي الجماعي والمشاركة بالتصويت بنسبة لائقة سيؤدي بالضرورة لنتائج مهمة جدا على الوعي : وعي الإسرائيليين والعالم وعي الآخر بأن يأخذ المجتمع العربي في إسرائيل بالحسبان وبالاحترام ويعزز هيبته وهذا صحيح بالنسبة لوعيهم أنفسهم فمثل هذا السلوك المسؤول يعزز ثقة كل المواطنين العرب بأنفسهم أفرادا وجماعة. هذه ببساطة عملية بناء أرضية متينة لـ بنيان كبير مهيب يلبي حاجات الأبناء والأحفاد أيضا. هذه ستكون مرحلة تاريخية لأنها تنقل المجتمع العربي من فترة الاحتجاج على التمييز لمرحلة التأثير والمشاركة. بالطبع هذه مسؤولية كل مواطن عربي له الحق بالاقتراع وهذه مسؤولية العرب كـ أقلية قومية في وطنها لأن كل الأقليات في العالم تقبل على الصناديق بنسبة أعلى من الأغلبية التزاما بمسؤولياتها ومصالح أبنائها. سياسيا،مثل هذا النجاح سيعزز عملية تبلور المواطنين العرب كـ جماعة قومية أصلانية في وطنها وربما تساهم في لعب دور أكبر وأهم على مستوى الصراع الكبير وحتى مستقبل "صفقة القرن " سيتأثر به.
[email protected]
أضف تعليق