بقلم : غالب سيف
" عندما فشل ''تيمورلنك'' في إحدى معاركه ولم يكن قد جرَّب الهزيمة وكاد اليأس يتسرَّب إلى قلبه وقلوب جنده، جلس بجانب صخرة بمعزل عن قواده، يفكر فيما يصنع، وبينما هو على هذا الحال، إذا بنملة صغيرة تحمل طعامها، وتحاول أن تتسلق تلك الصخرة الملساء، فكانت كلما قطعت شوطاً في صعود الصخرة، انزلقت وهوت إلى الأرض، فتجمع طعامَها ثم تعاود الصعود مرة أخرى، وظلت هكذا تصعد ثم تسقط ثم تحاول من جديد حتى نجحت في آخر الأمر، لقد كان هذا أبلغ درس تلقاه ''تيمورلنك''، لقد أبى إلا أن يشرك معه قواده في ملاحظة النملة وصبرها وقوة جلدها، فقاموا بعد ذلك يقاتلون بعزيمة جديدة وأمل جديد حتى ظفروا بأعدائهم. إذا كانت النملة لا تشعر بالإحباط ولا تستسلم للواقع، فجدير بالإنسان أن يفعل أكثر من ذلك. الحكمة هنا واضحة: لا تفقد الأمل واستمرَّ في العمل. "
نستحضر هذه القصة\الموعظة, لنستعين بها في معركة الانتخابات البرلمانية القادمة علينا بعد أيام, معركة وجودية ومصيرية بشكل لم يسبق له مثيل, لأنها تُشكّل مرحلة فاصلة في قضية بقائنا ووجودنا في وطننا (الذي ممنوع أن يكون لنا وطن سواه) ورافعة لوزننا وثِقلنا السياسي ونتائجها مانعة ورادعة لقوى اليمين والشر العنصرية والفاشية الحالمة بتهجيرنا وتقزيم حضورنا وتأثيرنا على الأقل, وبين اسقاط هذه السياسة والبرامج التهجيرية العنصرية وبيئتها وزلمها.
بقي أمامنا أيام قليلة لنعمل فيها, للحصول والوصول لهذا الحسم المنشود لصالحنا كشعب, حسم سيأتي لنا بنصر يقوي آمالنا, ويمنع آلام إضافية ستلحقنا اذا تعذر نجاح نقل طحنتنا الكبيرة والهامة هذه, وما يفصلنا عن تجاوز الصخرة الملساء والعائق الى النصر, في نظري, أمران , الأول رفع نسبة التصويت في قرانا العربية عامة ولدى القوى الديمقراطية والعقلانية اليهودية, والثاني أن يحصل تحول منشود في القرى العربية الدرزية, من تأييد جارف للأحزاب الصهيونية الى تأييد جارف للقائمة المشتركة, والأمران ممكن أن يحصلا.
لذلك علينا التركيز على كل من لا ينوي المشاركة في هذا التصويت, خاصة المقاطعين أو المُمتنعين عمداً منهم, بأن يصوتوا, نقولها لهم بكل محبة وتودد, مع التأكيد أن الحال يا أهلنا واحبائنا يستدعي استدارتكم في هذا الأمر 180 درجة, لا تمتنعوا, بدوري لن اكرر واعيد الكثير من المقولات والحجج الوجيهة التي سبق وذكروها الكثيرون ممن تناولوا هذا الموضوع الهام جداً قبلي, ولكني سأحاول بهذه المقالة اقناع هؤلاء الأخوة والأهل المُمتنعين , مستعيناً بعدد من الأسباب والمحفزات وهي :
• أولاً لأن ضرورة وحاجة ومصيرية تصويتكم المنشود والمطلوب هذا واضحة وجلية, وكما قاله شاعر العرب، المتنبي :
وليس يصح في الافهام شيء اذا احتاج النهار الى دليل
• ثانياً لأن حاجة شعبنا, كله, ومصالحه تصرخ وتستنجد وتستدعي تحكيم المسؤولية والضمير ولباب كل العقول, وتقول لهؤلاء الأخوة يا عمي اعتبروا تصويتكم هذا ولو " تضحية ".. تقدموها بدون مقابل لناس تحبوهم ويحبونكم ومصيركم مرتبط مع مصيرهم .. .
• ثالثاً تعالوا نتعظ من الذي قاله ديزموند توت: " إذا كنت محايدًا في حالات الظلم، فقد اخترت جانب الظالم" , ولا يجوز أن يكون أياً كان منكم داعم للأحزاب الصهيونية, ان كان بالتصويت لها , وأيضاً اذا كان محايد أو ممتنع, أحزاب كلها وخلال 72 عاما وأكثر ما قصرت في ظلمنا, لذلك لا يجوز ان تدعموهم من خلال امتناعكم, لأنكم أكيد لا ولم تقصدوا أو تقبلوا القيام بفِعلَة كهذه, لذلك انتبهوا بألا تقعوا بالمحظور, ولا عاقل يتصور أن تكونوا, لا سمح الله, من حيث تدروا أو لا, أنكم ستبخلون بما عندكم وما لديكم من إمكانيات تُمنح لصالح رفع هذا الظلم عنا جميعاً وسوياً.
• رابعاً كتبت الصحفية عميره هاس في صحيفة هآرتس في 21.11.2013 : " لكل فلسطيني حساب مفتوح مع اسرائيل .. اذا كان لاجئاً أو من سكان اسرائيل" وهذا صحيح .. وفي سياق موضوعنا يُشكل هذا الصحيح مُحفز إضافي وهام لضرورة مشاركتكم في هذا التصويت المنشود والضروري والحاسم, في 2.3.2020, لأنه سيكون بمثابة تسديد لهذه الفاتورة والحساب المفتوح ولغيره, لا بل عندما ستقومون بواجب التصويت ستقلبون السحر على الذي يسمونه الساحر, وعلى كل شِلته العنصرية الفاشية, وعلى معاونيه وداعميه, من البلاد وخارجها, العرب من تحته والأجانب من فوقه, وتصويتكم ليس فقط سيلقنه ويلقن أمثاله الدرس, وإنما سيسهم اسهام حقيقي في إدخاله لبيت خالته وكما يجب ان يكون وكما يستحق.
وأما الأمر الثاني الذي سيساعد على نقل طحنتنا, هو جمهور قرانا العربية الدرزية, المُمتنع .. والمُقترع منه, ولهذا الجمهور أقول أن الذي قيل أعلاه ينطبق ايضاً عليكم وربما أكثر من الباقين من أبناء شعبنا, ولأسباب الكل يعرفها, ونتوجه للمصوتين منه بكل رصانة ومسؤولية, بأنه لا يجوز أن تستمر أكثريتكم الكبيرة دعم من ظلمكم .. وجعلكم أضحوكة سياسية, الاحصائيات تقول لكم ألا تستمروا في هذا السلوك المُهين والمُضِر, بكم وبأبنائكم, قبل الآخرين, لأننا نشكل 8,5% من باقي أهلنا العرب هنا, ولكن نسبة البيوت غير المُرخصة والمهددة بالهدم في قرانا المعروفية من عامة البيوت العربية المهددة بالهدم هي 50%, ونسبة المنتحرين الدروز من عامة المنتحرين العرب تجاوزت ال 56%, لا تقبلوا بهذا الواقع المُختلّ والأمرّ من العلقم والخطير, والناتج عن هذه المظالم وهي تحصيل حاصل لها. بموازاة هذا نحن وغيرنا يعرف ويعترف بمدى اقحامكم والشجاعة المغروسة في دماء أبناء هذه الشريحة العربية, اب عن جد, شجاعة واقحام سيفرض علينا, وعلى شبابنا بالذات, مقاومة ومنع أي محاولة لتنفيذ هدم ولو بيت واحد من هذه العشرات من الآلاف من البيوت المُهددة, وبفعل قانون القومية وقانون كامينتس, لذلك صوتوا .. وهذه المرة فقط للقائمة المشتركة, وبذلك تستعيدوا ارادتكم وهذا أمر له قيمته الخاصة, ولكنه فقط هو الذي سيوفر عليكم بالذات الكثير الكثير من تكاليف هذه المواجهة الحتمية الحساسة والمُكلفة عندما ستحصل, وحتما ستحصل, ولا تصدقوا وعودهم العرقوبية والكاذبة, وتجربة ال 72 عاماً وكذبهم المعهود عليكم وغدركم أكبر دليل. أما رأس مال هذا المطلوب هو التصويت .. ومرة أخرى فقط للمشتركة, أمر عدا عن أنه غير مُكلف, فيه كل الربح. وفي هذا السياق نُذكّر ونشيد بقول المهلب بن ابي صفرة عندما قال :
كونوا جميعا يا بني اذا اعترى خطب، وال تتفرقوا آحاداً
تأبى الرماح اذا اجتمعن تكسرا واذا افترقن تكسرت احادا
عروبتكم أيها المعروفيون ومصلحتكم وعزة نفسكم وكرامتكم تستدعيكم, وتناشدكم بأن انصروا اخوانكم المظلومين, وارفضوا الظلم الذي طالكم من كل الأحزاب الصهيونية, بدون استثناء, خاصةً أن الذي طال قرانا وجمهورنا المعروفي منه, نسبته أعلى بكثير من الظلم المماثل بالضبط الذي لحق الآخرين من أبناء شعبنا, ولتكن وحدتنا جميعا, الهامة والمتمثلة بالقائمة المشتركة, آلية النصر القادم والجارف على الأكيد. وفي الأيام القليلة المتبقية أمامنا حتى يوم الانتخابات, علينا كلنا كعرب التوجه للقوى الديمقراطية اليهودية بأن يصوتوا هم أيضاً , وللمشتركة فقط, والبشائر في هذا الاتجاه كثيرة وكبيرة, وهي من مصلحتنا كما هي مشتركة لهم ومعهم.
الخلاصة تعالوا نستعين بدرس نملة تيمورلنك وبغيرها بما يخدم مصلحتنا, كلنا, وليكون هذا الدرس الهام والمناسب بمثابة الحاكم والحَكم, وعنوان الحكمة والحنكة التي تقنع الاخوة بالتصويت, ولتكون وجهة نشاطنا قبل 2.3.2020 لنجتاز بهذا التصويت هذه المرحلة ونحن منتصرين, لنحظى بالمكاسب الجديدة المرجوة والأكيدة, اذا تفضلتم وتجاوبتم واقترعتم.
( كاتب المقال رئيس لجنة المبادرة العربية الدرزية)







 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]