ربما لا يخطر ببال أحد أن القهوة في يوم من الأيام كانت محرمة بفتوى أحد العلماء، وتسببت في أحداث مثيرة.
المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتي في تاريخه " عجائب الآثار في التراجم والأخبار" أثنى على أحد العلماء بالقول :" مات إمام الأئمة شيخ الشيوخ وأستاذ الأساتذة عمدة المحققين والمدققين الحسيب النسيب السيد علي بن علي اسكندر الحنفى السيواسى الضرير".
وحكى عنه الجبرتي أيضا أنه كان عجيبا في الحفظ والذكاء وحدة الفهم وحسن الإلقاء، وقد توفي إلى رحمة الله تعالى سنة 1146.
وتابع قائلا : كان يقول بحرمة القهوة ، حيث اتفق أنه عمل مهما لزواج ابنه فهاداه الناس وبعث إليه أحد الوجهاء قدرا كبيرا منها فأمر بطرحه في الحمام لأنه يرى حرمة الانتفاع بثمنه أيضا مثل الخمر .
وأوضح أن دليله في ذلك ما ذكر في وصف خمر الجنة في قوله تعالى: "لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ" بأن الغول ما يعتري شارب الخمر بتركها وهذه العلة موجودة في القهوة بتركها بلا شك.
حساب الثريد المفيد ذكر تفاصيل أخرى عن حرمة القهوة في سلسلة تدوينات قائلا : في نهاية عام 1572 صدرت فتوي بالقاهرة تقضي بمنع المنكرات والمسكرات والمحرمات، وبغلق أبواب الحانات والخانات، ومنع استعمال القهوة والتجاهر بشربها، وهدم وكسر أوانيها".
وأضاف أنه لأجل تنفيذ هذا الحكم، كان العسس على الفحص وبيوتها وباعتها شديدا جدًا، وضربوا وأشهروا وهدموا البيوت وكسروا أوانيها.
وتابع قائلا : " فأرسل تجار البذور والبن و منتجي القهوة و البائعون وفدا إلي الشيخ أحمد السنباطي يطلبون الرجوع عن الفتوى ، فكان رده : " ما دامت القهوة تؤثر في العقل إيجابا أو سلبا فهي حرام".
وتسببت الفتوى في قيام معركة حامية الوطيس بين مؤيدي الشيخ و فتواه و بين التجار و مؤيديهم من البائعين ، حيث مات أحد مؤيدي التجار ، فهرب الشيخ ومؤيدوه إلي مسجد ، وحاصر التجار المسجد من كل جانب.
كما جاءهم خبر وفاة شاب آخر منهم وخبر آخر يؤكد أن هناك شابا في حالة خطرة ، إلى أن علموا بموته فكانت صدمة كبيرة عليهم ، و من ثم قرر التجار الاستمرار في محاصرة الشيخ ومؤيدي فتوي تحريم القهوة.
وأثناء الحصار اشترك أهالي القتلى في الحصار وبقدوم الليل أرسلوا أحدهم لإحضار بطاطين و عمل صوان بأعمدة لتقيهم البرد ، ونكاية في مؤيدي الفتوى قام التجار ووزعوا مشروب ساخن، كان قهوة سادة بدون سكر.
وقد استمر الحصار ثلاثة أيام مع استمرار حالة الفوضي و الشغب حتي وصل الأمر إلى السلطان العثماني مراد والذي قام بتعيين مفتي جديد والذي استصدر فتوى جديدة بعدم حرمة شرب القهوة.
واعتبر التجار ومؤيدو شرعية شرب القهوة أن هذا التغيير انتصارا لهم ولأرواح شهداء القهوة، وسمي مشروب البن بالقهوه التركي، ربما لأن من أفتى بجوازها مفتي السلطان العثماني .
وبعد فتوى الجواز أصبحت القهوة من حادث جلل إلى عادة عند أهالي تجار البن في القاهرة ثم إلي كبار الأعيان ثم إلي أقاليم مصر ، حيث كان و لا يزال أي ميت يقام له صوان ، يقدم للمعزيين القهوة السادة.
المصدر: الشبكة العربية
[email protected]
أضف تعليق