أصدر مجلس حقوق الانسان قائمة تتضمن 112 شركة عالمية متورطة في النشاط الاستيطاني في المشروع في المناطق المحتلة من عام 1967.
يذكر ان مجلس حقوق الانسان في الأمم المتحدة قد قام في العام 2016 بتكليف مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان بتقديم قاعدة بيانية للشركات المتورطة في نشاطات عينية متعلقة بالمستوطنات بما يشمل النشاطات التالية (وفق القرار حسب ما جاء في موقع بي بي سي):
- تزويد معدات او مقدرات مادية من اجل بناء او توسيع المستوطنات او لبناء الجدار الاسرائيلي في الضفة الغربية.
- تزويد معدات او آليات لهدم البيوت او المصالح او لتدمير المزارع والحقول او الدفيئات الزراعية او كروم الزيتون والمحاصيل.
- تقديم خدمات او أدوات من شأنها ان تدعم المحافظة على المستوطنات او وجودها بما في ذلك قضايا النقل.
- نشاطات بنكية او مالية التي من شأنها ان تساعد في تنمية او توسيع او تكريس المستوطنات وممارساتها بما في ذلك منح قرض لغرض السكن او إقامة مصالح اقتصادية.
هذا القاعدة البينية تنضم الى الحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل (BDS) او لمقاطعة منتوجات المستوطنات كما ورد ذلك مثلًا في قرارات صادرة عن الاتحاد الأوروبي بوسم منتوجات المستوطنات التي يجري تصديرها الى دول الاتحاد الأوروبي.
قائمة الشركات المذكورة في التقرير تثبت مجددا جوهر العلاقة بين الرأسمالية والاحتلال وحقيقة ان إسرائيل تتعامل مع استمرار الاحتلال ليس فقط بالمسوغات الفكرية والتوراتية للصهيونية انما هو يشكل مصدراً لجني الأرباح للرأسمالية الإسرائيلية وللمتعاونة معها دوليا من الاستيلاء على الأرض (دون مقابل) ومن توفر قوى عاملة رخيصة ومن سوق استهلاك قريبة (لا تحتاج الى مصروفات نقل ) ومن سيطرة على مقدرات الطبيعة واهمها المياه.
أحد الردود المثيرة والممجوجة في آن واحد هي تصريح صاحب شبكة "رامي ليفي" بان نشر هذه القائمة وإدخال الشبكة المذكورة ضمنها: "يضرّ بالفلسطينيين" وهذا يذكرني في أيام الابرتهايد بمقولة ان "المقاطعة تؤلم السود في جنوب افريقيا" حيث صدر ملصق رائع عن مناهضي الابرتهايد يردّ على هذه المقولة:" الابرتهايد يؤلم أكثر" ونحن نقول لرامي ليفي ولكل المتغطرسين " ان الاحتلال يضرّ أكثر بالشعب الفلسطيني".
لا شك ان القلق الأكبر لدى الاحتلال ومؤسساته هو القلق لا بل الرعب من حملات المقاطعة ولذلك جاء الرد الاهوج والمتخلف على لسان نتنياهو شخصيا (من يقاطعنا نقاطعه) ولذلك أيضا رصدت إسرائيل ميزانيات هائلة تقدر بمليارات الدولارات لمواجهة حركة المقاطعة، واغلب هذه الميزانيات لا يجري الإعلان عنها باعتبار ان المقاطعة تشكل مشروعا استراتيجيا ضد الاحتلال.
لذلك ايضا قامت إسرائيل بتعيين وزير مختص لتركيز نشاطاتها لمواجهة المقاطعة (هو الوزير جلعاد اردان، وزير الامن الداخلي) بما في ذلك طرد أية شخصية او حتى مواطن أجنبي من البلاد بحجة دعم المقاطعة وملاحقة وتشويه سمعة ومكانة الناشطين في المقاطعة في كل مكان في العالم وحتى إطلاق نعوت اللاسامية بحقهم.
كما قامت إسرائيل بسن قوانين عقابية ضد كل من يدعو الى المقاطعة حتى لو لم يكن يحمل الجنسية الاسرائيلية واهمها القانون الذي سنته الكنيست في تموز من العام 2011 تحت عنوان "قانون منع المسّ بدولة اسرائيل بواسطة المقاطعة" الذي فتح مساحة واسعة لمفهوم المقاطعة وفرض عقوبات جزائية على من يدعو اليها.
هذا القانون والذي عرّفه المستشار القضائي للكنيست إيال يانون بانه قانون غير دستوري، وامتنع عن التصويت عليه رئيس الكنيست آنذاك ورئيس دولة إسرائيل الحالي رؤوبين رفلين، حصل على تأييد 47 عضواً في الكنيست مقابل معارضة 38 عضوا.
لقد أكّدتُ حينها في الكنيست، فور إقرار القانون المذكور، على عدم اعترافنا بقانونية "القانون" وأنه يأتي لقمع الرأي السياسي المشروع الذي يدعو الى إنهاء الاحتلال والى انهاء المشروع الاستيطاني غير الشرعي.
لا شك ان حركة المقاطعة الدولية ضد نظام الابرتهايد قد ساهمت جديًا في إسقاط ذلك النظام العنصري، وهذه الحقيقة ماثلة أمام المؤسسة الاسرائيلية وامام مشروعها الاستيطاني غير الشرعي.
المقاطعة هي أحد الأشكال السلمية لمقاومة الاحتلال والعنصرية ومشاريعهما وهي تدخل بوضوح ضمن الشرعية والمواثيق الدولية.
فقط دولة خارجة عن القانون الدولي يمكن ان تسنّ قانونا يمنع المعارضة القانونية للمشروع الاستيطاني غير القانوني.
من الضروري تحويل التمادي الصفيق وغير المسبوق، على الشرعية الدولية وعلى التاريخ وعلى الجغرافيا وعلى الحقوق وعلى الهوية الفلسطينية، كما وردت في "صفقة القرن" الى فرصة لإعادة تشييد حملة التضامن الدولي- الشعبي والرسمي- مع الشعب الفلسطيني وذلك الى جانب نضال شعبنا العادل لدحر الاحتلال.
كما أكدنا مرارًا وتكرارًا فإن النضال من اجل القضية العادلة يجب ان يمارس بوسائل عادلة وواثقة بحتمية انتصار العدالة وبحتمية هزيمة الاحتلال والعنصرية، ولا شك ان تقرير مفوضية حقوق الانسان بشأن الجهات العاملة والداعمة للمشروع الاستيطاني، يشكل نقطة انطلاق متجددة لمحاصرة الخطاب القميء والخارج عن العدالة والمنطق والشرعية الوارد في صفقة ترامبياهو.
[email protected]
أضف تعليق