لا يمر شهر دون خروج أحد محترفى إطلاق الفتاوى المثيرة برأى غريب ليس له علاقة بالدين أو الحياة، وكأن الشريعة وأصولها لا تعرف القضايا الحقيقية التى تمس الناس وتدفعهم لتحسين أحوالهم وسلوكياتهم، ليصبحوا أفضل.

كان عام ٢٠١٩ مليئاً بعدة فتاوى تنافست فى الغرابة وإثارة الجدل إحداها كانت من الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بجواز ضرب الزوج زوجته بقوله إنه وإن كان القرآن والإسلام لا يعتبران ضرب الزوجة حقاً مطلقاً لزوجها ولكن هذا الأسلوب يمكن استخدامه لتأديب الزوجات المتكبرات حتى لو كان عددهن قليلاً.

وحاول الطيب تبرير رأيه وهو ما أثار غضب الكثيرين، لأنه اعتبر أن الاتفاقيات التى نادت بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة جاءت على حساب الأسرة، لأن الضرب فى الحالة التى يقصدها هدفه حماية هذا الكيان الاجتماعى الأهم مقارنة بالضرر الذى سيصيب المرأة المتكبرة، مشدداً على أنه لا يبرر الضرب ولكنه يحاول الحفاظ على الأطفال والزوجة نفسها من التشرد.

خطورة فتوى الطيب أنها منحازة ضد المرأة فى النهاية وكأن التكبر لا يصيب الرجل، كما أن شيخ الأزهر لم يوضح للمرأة ماذا تفعل لو كان زوجها متكبراً وهدد سلوكه كيان الأسرة.

وخلال العام المنقضى أفتى أنس السلطان الداعية الأزهرى، خلال شهر رمضان، بأن اندفاع مياه شطاف الحمام بقوة فى جسد الصائم فى نهار رمضان يفسد صيامه لأن أحد أهم أركان هذه الفريضة عدم دخول ماء أو طعام فى جوف الإنسان، ناصحاً الصائمين بالحذر وهم فى الحمام، وهى فتوى حولت الشهر الكريم الملىء بالأجواء الروحانية إلى جزء من مسلسل كوميدى سخيف.

وشاركت دار الإفتاء فى المهزلة عندما نشرت صفحتها الرسمية على موقع «فيس بوك» فيديو يظهر فيه أحد مسئولى الفتوى يجيب على إحدى السيدات التى تطلب رأى الدين إذا ألقت بقط تربيه فى المنزل إلى الشارع لأنها لم تعد تتحمل نفقات طعامه، مع رفض معارفها وأقاربها العناية بالقط، إذ نصح مسئول الفتوى السيدة بأن تدربه على الحياة فى الشارع أولاً قبل تركه.

وعلق كثيرون على صفحة الدار منتقدين صاحب الفتوى لأنه كان يمكن أن يقدم نصيحة أخرى تحمى الحيوان الأليف لأن الحيوانات التى تربت فى البيوت ستموت إذا واجهت حياة الشوارع وهو ما حدث لكثير منها مات جوعاً لتعودها على نوع معين من الطعام يقدمه صاحبها بنفسه أو افترستهم حيوانات الشوارع إذا لم تمت من البرد.

ووجه الغاضبون حديثهم إلى صاحب الفتوى بقولهم إنه كان يمكن عرض القط على الصفحات التى يهتم بها هواة تربية الحيوانات أو منحه لأحد محال بيع الحيوانات الأليفة فى إشارة إلى أن صاحب الرأى يجهل الموضوع الذى يقدم فيه النصيحة كما أنه لم يستند لخبرة أو دين عندما أصدر فتواه.

بعض المواطنين يوجهون ما يخطر فى بالهم إلى دار الإفتاء من خلال البث المباشر عبر صفحتها على «فيس بوك» وبدلاً من أن يوجه مسئول الفتوى اللوم إلى صاحب السؤال غير المفيد يجتهد فى الإجابة بما يتوافق مع الدين من وجهة نظره، مثل سؤال : «هل الملائكة تنفر من المنزل غير المرتب؟»، وأجاب عنه عبد الله عجمى، أمين الفتوى فى الدار بقوله: «الملائكة يدخلون البيوت إلا لو كان فيها كلب أو صورة أو تمثال أو روائح خبيثة، أما ترتيب المنزل فلا علاقة للملائكة به» وهو الرد الذى أغضب كثيرين لأن الفتوى تعتمد على أفكار متطرفة تعتبر الصور الملتقطة بكاميرا أو مرسومة باستخدام الألوان أمراً يحرمه الدين.

ولم يترك الدكتور على جمعة، المفتى السابق للجمهورية ساحة الجدل هو الآخر إذ أفتى بتحريم التبرع بالأعضاء رداً على سؤال إحدى السيدات التى طلبت كانت تريد معرفة هل يجوز لها التبرع بأعضائها من عدمه وبرر جمعة رده بأن جسد الإنسان مملوك لله ولا يحق لها التبرع إلا من شىء تملكه هى رغم أن كل ما على الأرض لله.

لم يدرك جمعة أن رأيه سيساهم فى أضرار لأشخاص كثيرين ويعرقل صدور قانون طال انتظاره بتنظيم التبرع بالأعضاء بعد الوفاة مثل القلب وقرنية العين.

البعض ربط فتوى جمعة برأى الداعية محمد متولى الشعراوى،الذى حرم التبرع بالأعضاء لكنه شخصياً خالف هذا الرأى.

 

المصدر: بوابة الفجر 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]