يتابع اركان النظام الطوائفي لعبتهم العتيقة: المماطلة والتسويف في تشكيل الحكومة، برغم أن رئيسها الواحد الاحد معروف، وبرغم أن كمائن المحاصصة الطوائفية معروفة… فالنظام واثق من قوته واستحالة اسقاطه، متجاهلاً أن “الناس” قد اجتهدوا عبر مكوثهم في الشارع لشهرين طويلين، انهم يجتهدون عبر موقفهم الواحد في التوكيد على مواطنيتهم بعيداً عن الطائفية والمذهبية وسائر اسباب الشقاق والاختلاف بذريعة انتماءاتهم الطوائفية.
لقد تلاقت في الميادين الجماهير المحتشدة خلف العلم اللبناني، من القبيات وحلبا وقوفاً في الفيحاء، ام الفقير، طرابلس، إلى جبيل وجونيه وجل الديب، إلى قلب بيروت وضواحيها، إلى بعلبك والهرمل وراشيا وحاصبيا وزحلة في البقاع، إلى النبطية وصور وصيدا في الجنوب، إلى بعقلين وعاليه وبرجا في اقليم الخروب والناعمة المشاغبة..
أما على المستوى السياسي فقد “تسلى” رئيس الجمهورية، بعد استقالة سعد الحريري بترشيح عشوائي لأسماء بعض السياسيين، بينهم من اعتزل احتراماً لتاريخه، مثل بهيج طبارة، ومنهم من دفع ورود اسمه كمرشح من سمعته ورصيده الشعبي وبعض ممتلكاته، ومنهم رجل الاعمال سمير الخطيب.. وكانت المناورة مكشوفة، لا سيما حين تبرع مفتي الجمهورية حين زاره الخطيب بالتأكيد على المرشح الاوحد: سعد الحريري!
هكذا هو الوضع السياسي في لبنان: الشعب في الشارع يهتف بسقوط الجميع، يصد غارات “الزعران” الذين ينزلون إلى الساحات للمشاغبة على المتظاهرين الذين باتوا يحسبون بمئات الآلاف.. والطبقة السياسية تتسلى بلعبة الاسماء المتقاطعة..
في هذه الاثناء يتدهور الوضع الاقتصادي وترتفع الاسعار بجنون وتخفي المصارف الثروات المخبأة فيها، وتمتنع عن صرف ارصدة المواطنين إلا بحدود لا تكفي لشراء اسباب عيشهم اليومي.
..والحريري يطلب تأجيل الاستشارات إلى الخميس بوساطة من نبيه بري، وجنبلاط يحصر اهتمامه بالشوف، وعاليه بنسبة اقل، وسليمان فرنجيه ينصرف إلى هوايته الصيد، بينما نجله طوني مشغول عن الحكومة بما هو أهم.
كلهم لديهم ما يشغلهم عن الشعب وتظاهراته المليونية وهموم عيشه..
كلهم لا يرون امواج المتظاهرين الذين تجاوزا طوائفهم واكدوا وحدتهم ونزلوا إلى الشارع نابذين الطبقة السياسية التي سجنتهم في انتمائهم الطائفي وحاصرتهم بالفساد بدءاً بقانون الانتخاب الاشوه والذي يلغي وحدة الشعب ويقسمه طوائف ومذاهب على مقاس زعاماتها.
الشعب يؤكد وحدته، و”هم” يحاولون بعثرته بالطائفية،
الشعب يؤكد توحده خلف مطالبه المحقة في العيش الكريم بحسب خبراته وكفاءاته والطبقة السياسية لا تكف عن محاولة اثارة الفتنة واعادة تقسيمه بحسب طوائفه ومناطقه البعيدة فالأبعد عن الاهتمام واسباب التنمية وانعاش الزراعة والصناعة والتجارة..
تضرب جامعة الفقراء، الجامعة الوطنية، بالطاعون الطائفي القاتل، لانعاش الجامعات ـ الدكاكين الخاصة، بل يضرب التعليم الرسمي الذي كان واحد من مفاخر اللبنانيين لحساب المدارس المدارس الدكاكين، ويعم الجهل… وتنتعش الجامعات بالأجر على حساب الجامعة الوطنية، ولا من يحاسب..
ويراد من اللبنانيين، بعد هذا كله، أن يلزموا بيوتهم وان يسكتوا على تدمير مستقبل ابنائهم، وتجويعهم جميعاً، حماية لهذا النظام الفاسد المفسد وطغمته الحاكمة وشركائها من اصحاب المصارف والرساميل المهربة وتجار المخدرات…
لن يخرج الشعب من الشارع، ولن يعود المتظاهرون إلى منازلهم يجرجرون اقدامهم يأساً وخيبة.
ولن يهنأ الحاكمون بفسادهم واحتكارهم السلطة بالطائفية والمذهبية..
الكلمة بعد اليوم، للشعب وقد وحدته اوجاعه وآلامه وآماله، ولن يعود الناس إلى منازلهم مهما تعددت اساب التآمر والتيئيس.
الكلمة للشعب، وهو يعلنها بأعلى الصوت منذ شهرين وإرادة الشعب من إرادة الله، يا مؤمن!
[email protected]
أضف تعليق