بانتظار قرار الأخ الرئيس لإصدار مرسوم رئاسي يحدد فيه موعد اجراء الانتخابات العامة، لا بد لنا أن نؤكد على أهمية وضرورة عقد هذه الانتخابات من أجل تجديد الشرعيات كأساس لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني على أسس ديمقراطية حقيقية تكفل لنا كمواطنين الحق في المشاركة السياسية وفي صناعة القرار والمشاركة في اتخاذه من خلال هيئة تشريعية منتخبة وفقا للقانون.
من الواضح أن جهود رئيس لجنة الانتخابات المركزية الأخ الدكتور حنا ناصر وجميع الاخوة الذين بذلوا جهود كبيرة بذلك الاتجاه بمن فيهم التجمع الوطني للمستقلين، قد أثمرت واستطاع أن يذلل كافة العقبات الداخلية تقريبا التي تحول دون عقد هذه الانتخابات، ولكن الطريق نحو عقدها لا تزال غير واضحة لأسباب داخلية لها علاقة بحقيقة المواقف المعلنة وبين النية الحقيقية لدى بعض التنظيمات والاحزاب الفلسطينية، ولأسباب خارجية لها علاقة بموقف دولة الاحتلال من هذه الانتخابات، حيث أن منع دولة الاحتلال لإجرائها في القدس الشرقية و/أو قيامها باعتقال مرشحين في بعض القوائم قد يُشكل عائقا حقيقيا أمام إكتمال اجرائها، وهذا يدفع الجميع إلى التحرك على المستوى الإقليمي والدولي من أجل إجبار دولة الاحتلال على عدم وضع العراقيل أمام الانتخابات العامة الفلسطينية.
وأمر آخر لا بد من طرحه حول مدى جدية القائمين على منظمة التحرير الفلسطينية في إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني حيثما أمكن ذلك، لأن أساس ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني ليس انتخابات المجلس التشريعي للسلطة الوطنية الفلسطينية بل إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني الذي هو الهيئة التمثيلية التشريعية العليا لعموم الشعب الفلسطيني، فدمقرطة مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية هو الأساس نحو إعادة الحياة للنظام السياسي الفلسطيني بشكل عام، والأساس أيضا لفتح باب المنظمة لكل من يرغب في الانضمام اليها عبر صندوق الاقتراع وليس عبر المحاصصة التي غالبا ما تُفضي إلى تغليب المصالح الحزبية الضيقة على المصالح العامة جراء التوازنات اللازمة للإبقاء على مبدأ المحاصصة، ولنا ما جرى ويجري في الشقيقة لبنان عبرة ودرس.
إن الأوضاع السيئة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات تُحتم على كل المخلصين العمل من أجل إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية التي لا تزال حية في قلوب العديد من شعوب العالم، ونرى ذلك في حملات التضامن المستمرة مع الشعب الفلسطيني، وبخاصة في أواسط الأكاديميين والشباب الذين يرفضون التعامل مع الاحتلال بكل تجلياته ويقاطعون ليس فقط منتجاته الصناعية ولغذائية لا بل أيضا منتجاته الأكاديمية والفكرية كما حصل مؤخرا في جامعة هارفرد حينما قاطع الطلبة محاضرة كان سيلقيها السفير الإسرائيلي هناك، وكما نرى في لبنان على الرغم من المظاهرات المطلبية، سياسية واقتصادية واجتماعية، نجد علم فلسطين حاضرا دوما كناية على تضامنهم من نضالات الشعب الفلسطيني.
ولا شك أنه وما حصل من اعتداءات وجرائم من طرف الاحتلال على قطاع غزة يستحق أن نقف أمام صمود شعبنا هناك اجلالا واكبارا، وننحني للتضحيات الجسام التي يقدمها ابناء الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة الغربية وفي القدس تحديدا.
إن إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية من خلال دمقرطة مؤسساتها وتفعيل عملها داخليا وخارجيا والاتفاق على برنامج سياسي ونضالي بين مكونات النظام السياسي الفلسطيني حتما سيعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية وسينقلها إلى أولويات المجتمع الدولي من منطلق أن الاستقرار والأمن وتحقيق مبدأ حق تقرير المصير للشعوب هو مطلب دولي والتزام عند المجتمع الدولي لا بد من الإيفاء به، وبخاصة أن الفلسطينيين يكونوا قد عملوا كل المطلوب منهم للوصول إلى دولة مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران من العام 1967، بعاصمتها القدس الشرقية، من خلال ترتيب أوضاعهم الداخلية على أسس ديمقراطية عمودها الانتخابات العامة.
إن الانتخابات العامة قد تكون المدخل الوحيد في ظل الظروف الحالية لإنهاء الانقسام، وهذا يزيد من تمسكنا بضرورة الإسراع في عقد الانتخابات العامة التي تشكل عمود خيمة الوحدة الوطنية المبتغاة.
[email protected]
أضف تعليق