يسود الحزن بلدة العيساوية بعد رحيل الطالبة الجامعية في جامعة بيرزيت مرح هاني العيساوي التي توفيت اثر مرض عضال.
وتحدث هاني العيساوي والد المرحومة لـ"بكرا" حول حياة ابنته وشخصيتها بالقول ولدت مرح بتاريخ 12-4- 1999 ودرست في مدرسة شميدت بالقدس وأنهت التوجيهي في عام 2016 بمعدل 96% , التحقت بكلية الحقوق بجامعة بيرزيت, وكانت تشارك بشكل فعال بكل ما يتعلق بالنشاط الوطني والعمل التطوعي وخاصة مع شباب وفتيات القدس, وكانت تشارك في المخيمات الصيفية التي تعقد للأطفال كمرشدة, كانت ناشطة مع موقع نبض الشبابي, كانت مؤمنة ايمان راسخ في نشر ثقافة العطاء والعمل التطوعي لدى المجتمع, كامن فتاة متحررة منطلقة ومستقلة في انتمائها , وكانت على علاقة قوية ومتميزة مع جميع من حولها فكانت محبوبة ولها علاقات مميزة مع الجميع , كانت قارئة جدا مثقفة وتقرا كتب عامة سواء روايات او قصص بحدود رواية واحدة بالأسبوع إضافة لقراتها الجامعية.
التبرع بالدم
كانت مرح معنية في انهاء الدراسة الجامعية بأقصر وقت ممكن لذا كانت تلجا للدراسات الصيفية, ومؤخرا عندما صار تبرع للدم في الجامعة , تبرعت بالدم دون تردد , وهذا ينطلق من ايمانها الراسخ بثقافة العطاء والتطوع للمجتمع, وبعد هذا التبرع بدا يظهر عليها اعراض مرض حرارة وتقيأ, استكملت يومها الجامعي بعد اخذ بعض المهدات وخافض للحرارة , وبعدها بدأت رحلتنا مع المستشفيات والتي انتهت بنهاية مأساوية وفقدان مرح.
بيان العائلة
لقد اسأنا جدا مما جرى من مماحكات ومنكافات بعد وفاتها على وسائل التواصل الاجتماعي , الامر الذي اضطرنا لتوضيح ما جرى حيث أصدرت العائلة بيان جاء فيه " بتاريخ ١٧/٩/٢٠١٩ قامت ابنتنا مرح بالتبرع بالدم بجامعة بيرزيت ضمن حملة قام بها بنك الدم المركزي التابع لوزارة الصحة الفلسطينية و بعدها مباشرة ظهرت عليها أعراض مرضية استدعت خضوعها لتلقي العلاج وبعد ان اشتد عليها المرض تم ادخالها الى مستشفى هداسا بتاريخ ٢٢/٩/٢٠١٩ وتشخيصها بالإصابة بالتهاب فايروسي على الدماغ لم يتم معرفة مصدره او نوعه. ومن منطلق حرصنا على سلامة ابناء شعبنا قمنا بالاتصال مع بنك الدم المركزي بتاريخ ٢٥/٩/٢٠١٩ والطلب منهم عدم استخدام الدم المتبرع به. وتوضيحا لما ورد في بيان وزارة الصحة الفلسطينية نؤكد بان ابنتنا مرح لم تكن تعاني من اي اعراض مرضية قبل تاريخ ١٧/٩/٢٠١٩ ونرجو من الوزارة تزويدنا بنوعية الاجسام المضادة الغريبة في حال وجودها في العينة المتبرع بها كما جاء في بيان الوزارة وذلك لأنه حتى وفاة ابنتنا لم يتم التعرف على نوع الفايروس او اي اجسام مضادة غريبة على الرغم من انه تم عمل فحوصات مختلفة داخل البلاد وخارجها.
ثقافة العطاء
في اعقاب الحملة التي حصلت على مواقع التواصل الاجتماعي اخشى ان يكون لهذه الحملة نتائج عكسية على ترسيخ وتعميق ثقافة العطاء في المجتمع ودفع الناس للتردد وهذا امر يؤلمنا , صحيح ان فقدان مرح امر مؤلم ولكن لا يقل ايلام فقدان المبادئ والقيم التي كانت فرح مقتنعة بها وتحاول المساهمة في ترسيخها ونشرها في المجتمع الفلسطيني. لذا ادعو للتمسك بهذه الثقافة وعدم التردد في استمرار العطاء ومحاولة مساعدة الاخرين بما فيها استمرار التبرع بالدم.
صديقة فرح
وتقول داليا صفدي صديقة مرح ل بكرا ان "مرح كانت رمزا للإرادة والطموح. أكثر شيء بفكر فيه هو انه كيف مرح قدرت خلال السنين السابقة تحدث نقلة نوعية بحياتها لوحدها. مرح كان عندها بفترة من حياتها عدة قرارات وصممت على تحقيقها حتى النهاية، هي ما حكت لحدا عنها بس كل واحد عرفها شاف النتائج التي غيرت الكثير من حياتها".
وتضيف " من واحنا صغار مرح كانت مصدر فرح لكل حدا حواليها، كانت تحب تمزح مع الكل وتبسط الكل كبرت هي وكبرت معها هالصفة. انا بقدر اصف مرح على إنها اسم على مسمى، هي المرح والفرح والحب والعطاء والارادة... مرح كانت جزء كثير كبير من حياتي وأختي بكل معنى الكلمة وراح يضل محلها هيك طول العمر".
"لا أريد أن تذهب مرح بلا جدوى".
وكتبت الكاتبة: د. ايناس عبد الرحمن عباد في مقالة عن مرح وقالت انتهت أيام العزاء وكان اليوم الثالث .. دخلت قاعة العزاء وأذهلتني تلك الروح الجالسة في استقبال المعزين، وكأنها جبل كنعان في القوة والصبر. عايدة عيساوي صديقة وزميلة مواقف .. عاشت مرح في عائلة أحبت العمل الخيري، فالأم ناشطة مجتمعية ووجه مقدسي معروف، وكذلك الأب "هاني" هادئ في غير برود، .. جلست بجوار عايدة وتحدثنا عن فرح، ولادتها وأحلامها.... قالت "لا أريد أن تذهب مرح بلا جدوى"... أريدها أن تكون "رسالة"... أريد لصوت غيابها أن يصل... أريد لضياعها أن يصنع فرقاً.......
استطرقت الام تقول، كانت لها أحلاما كثيرة أرادت تحقيقها، فهي تدرس القانون في جامعة بيرزيت في السنة الثالثة، ولديها الكثير من المشاريع والامنيات والخطط المستقبلية.....ولمحت دمعة في عيونها أبت أن تسقط. وتابعت بقوة وتماسك، لقد كانت الطفلة الحلم بالنسبة لي، لم أصدق أنني رزقت بها... كانت أمنيتي كأم.... كانت لعبتي.... كانت هدية السماء لي... ولعل الله أحبها أكثر، فأخذها إليه.
قالت الام قصة ابنتها بصدق وعفوية، وبتلقائية الحزين الذي لا يريد صراعاً مع أحد. وأردفت لا أريد إلا أن تكون مرح "رسالة" وأرضى بذلك، أريدها رسالة لوزارة الصحة أن الإنسان هو أغلى ما نملك فحافظوا عليه..... تلك كانت رسالة الام، ليس لدينا ما نملكه على هذه الأرض سوى أبنائنا، هم ثمرة حياتنا وعماد مستقبلنا، والاستثمار الحقيقي لأي دولة هو في تربيةا الجيل وصحتهم... وأين نحن من ذلك؟
[email protected]
أضف تعليق