تشتهر بلدة أنفة، الواقعة في شمال لبنان، بزهرة الملح في بحرها، وهو نوع نادر من الملح ذي كريستالات رقيقة ولامعة، ويحتوي على 84 نوعًا نادرًا من المعادن .ولهذا السبب أطلق المهندس زياد خباز على منزل الأجداد المواجه للبحر اسم o fleur de sel أي زهرة الملح عندما حوله إلى بيت للضيافة في سنة 2016 حيث أراد أن يكون هذا المنزل امتدادًا للارث العائلي والثقافي في البلدة الهادئة، التي تبعد عن العاصمة بيروت حوالي 71 كيلومترًا.

بُني هذا البيت في أواخر القرن التاسع عشر، ومن هنا يكتسب غناه، كونه من البيوت التراثية القديمة، وأراد المالك الحفاظ على هوية المنزل القديم بعد ترميمه وأبقى على البيت كما هو مع بعض الترميم في الطبقة الأرضية حيث قناطر حجر العقد الذي اشتهر به البيت اللبناني التقليدي القديم .أما الاضافات التي زادها المهندس خباز ، فتميزت بالجمع بين الطابع القديم والعصري، وحوّله الى فيللا أوّلًا للسكن الشخصي، ثم إلى بيت ضيافة يؤمن كل الخدمات لنزلائه، وربما أكثر ما يوفره هو الإحساس بالإقامة في منزل خاص.

يقول المهندس زياد خباز ل "سيدتي. نت" : هذا البيت كان مهجورًا، ثم انبعثت فيه الحياة .الجزء القديم منه أعدته كما هو، وحافظت على ارتفاع السقف ونوعية الحجر ثم بنيت فوقه طبقتين للمنامة مواجهين أيضًا للبحر، حيث الإطلالة البانورامية من الواجهات الزجاجية الكبيرة ." ولعل ما يميز المكان هو التراس المبني على الروف، الذي يمتاز بجلساته المطلة على البحر، حيث يطيب أيضًا مشاهدة منظر غروب الشمس، إذ يبحث اللبنانيون اليوم، ولا سيما الفئة الشابة، عن أفضل الجلسات التي توفر منظر غروب الشمس، سواء في المناطق الجبلية أو على مقربة من البحر .
الأثاث أيضًا يتمتع بالبساطة، وهو كناية عن "دشك " صوفا خشبية مثل التي عرفناها في منازل الأجداد، وعليها تتوزع كل أنواع الوسائد والأرائك الملونة والمطرزة .لم يشأ المالك التركيز على الديكور بقدر ما أراد أن يضفي جوًّا من البساطة والألفة على المكان .هناك بعض القطع القديمة التي تذكّر بالماضي، ومن بينها مائدة الطعام والمقاعد الخشبية التي لطالما عرفناها في البيوت اللبنانية القديمة، ولم تزل بعض المحترفات اللبنانية تحرص على صناعتها .
المهندس زياد خباز هو عضو في هيئة تراث بلدة أنفة وجوارها التي تشجع على الاهتمام بالبيوت والمباني التراثية القديمة والحفاظ عليها. وقد تحول بعض هذه البيوت إلى بيوت ضيافة يطيب للسائح والزائر الإقامة فيها، لأنها تشعره بعبق الأصالة والتراث وتمنحه الراحة والشعور بالألفة في مكان يشبه المنزل.

يقع بيت الضيافة o fleur de sel على بعد خطوات من الشاطىء الأشهر في المنطقة وهو "تحت الريح" . هذا الشاطىء يعدّ نقطة جذب سياحية هامة كونه يعتبر نموذجًا مصغرًا عن الجزيرة اليونانية الشهيرة ميكونوس، بشاليهاته ومطاعمه المطلية باللونين الأزرق والأبيض، وطواحين الهواء الموزعة على الصخور .
من يزور بلدة أنفة اليوم لا بد وأن تستهويه الأحياء الغنية بالبيوت الأثرية، ومن بينها o fleur de sel حيث حكايات البحر وزهرة الملح
تفوح بين أرجاء البيت وعبق الماضي وذكريات الأجداد، ما يحوّل الإقامة فيه الى نوستالجيًّا نحتاجها من وقت إلى آخر.



 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]